وجه العاهل المغربي محمد السادس، رسالة إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، يدعوه فيها للعمل على تفعيل اتحاد المغرب العربي في الذكرى الرابعة والعشرين لتأسيسه، عبر إقامة نظام جديد في الدول المغاربية يسمح بتجاوز حالة الجمود التي يعاني منها حاليا. وتحمل دعوة العاهل المغربي دعوة ضمنية لفتح الحدود المغلقة بين البلدين منذ أكثر من 10 سنوات، من أجل فك الضغط الاقتصادي عن المناطق الشرقية في المملكة المغربية، التي تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة جراء تفشي البطالة والفقر فيها بشكل كبير. ووفق ما نشرته وكالة الأنباء المغربية الرسمية، فقد طالب ملك المغرب في برقيات بعثها، إلى كل رؤساء وقادة ليبيا وتونس وموريتانيا والجزائر ب«نظام مغاربي جديد يتخطى حالة الجمود، ويتجاوز كافة العوائق الذاتية والموضوعية، ويفسح المجال للعمل في مناخ من الحوار والثقة وحسن الجوار، والتضامن والتنمية المشتركة". وأوضح محمد السادس بمناسبة الذكرى، قائلاً "يتحتم علينا بذل قصارى الجهود لاستكمال بناء اتحادنا المغاربي في التزام تام بروح معاهدة مراكش التي أرست لبناتها الأولى وعزم راسخ على تجسيد طموحاتنا المشتركة عبر رؤية واقعية ومنفتحة على المستقبل". ويرى محمد السادس أن "تحقيق الاندماج المغاربي يظل حلمًا لطالما راود شعوب المنطقة، التي تجمعها أواصر الأخوة ووحدة التاريخ والحضارة والمصير المشترك"، مشيرا إلى أن "هذا الاندماج أضحى اليوم ضرورة إستراتيجية وأمنية ملحة وحتمية اقتصادية يفرضها عصر التكتلات القوية وحجم التحديات المطروحة إقليميًّا وجهويًا خاصة في جوارنا الإفريقي المباشر". ويبدو من خلال رسالة العاهل المغربي، تشبث بلاده ب«الخيار المغاربي باعتباره رهانًا استراتيجيًّا لا محيد عنه"، وعبر لقادة باقي دول الاتحاد المغاربي عن عزمه على "مواصلة العمل سويا معكم من أجل المضي قدمًا نحو إقامة نظام مغاربي جديد قوي ومتضامن وفاعل في محيطه الإفريقي والعربي والأورو-متوسطي يفتح أمام دوله الخمس فضاءً رحبًا لتكامل المصالح وللعمل المشترك المثمر في احترام تام لسيادتها ووحدة ترابها وثوابتها الوطنية العليا" وفق المصدر سالف الذكر. ورغم الرسائل المتبادلة بين قادة الاتحاد المغاربي ونياتهم المعلنة في تفعيله، يبقى هذا الكيان الذي أعلن عن تأسيسه في 17 فيفري 1989 بموجب معاهدة وقعت عليها دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا بمدينة مراكش وسط المغرب، شبه مجمد، على الصعيد العملي، بسبب العلاقات الثنائية المتوترة بين الجزائر والمغرب تحديدا. ويعاني خطاب المخزن تجاه الجزائر من ازدواجية واضحة في الأشهر الأخيرة، فتارة يهاجم الجزائر بشدة ويحملها مسؤولية عرقلة مسار التسوية في قضية الصحراء الغربية، وتارة أخرى، يدعوها، عبر رسائل ديبلوماسية هادئة، إلى فتح الحدود وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. وكانت العلاقات الجزائرية المغربية، قد شهدت في أواخر العام الماضي، توترا محسوسا على خلفية خطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 37 للمسيرة الخضراء (الزحف المغربي نحو الصحراء الغربية)، حيث حمل الجزائر مسؤولية "مأساة اللاجئين الصحراويين" في مخيمات تندوف داخل التراب الجزائري. ونقل عن الرئيس بوتفليقة انزعاجه الشديد من هذه اللهجة التصعيدية من قبل المخزن، حيث أبدى انزعاجا من الخطاب الملكي المغربي، وألح أمام المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء كريستوفر روس، على ضرورة تخفيف الطرف المغربي من لهجته الدبلوماسية تجاه الجزائر، واتهاماتها غير المبررة كلما أحست بوطأة مشاكلها الداخلية.