قضية الطفل الجزائري إسلام، المحبوس على ذمة عدالة أمير المؤمنين و”المؤممين” بالمغرب، أسالت الكثير من الحبر الإعلامي الذي جعل منها قضية دولة هنا وقضية مملكة هناك. فبين المزايدة بالعدل الذي يقتص حتى من القُصر في بلاط جلالته وخاصة إذا ما كانوا جزائريين، وبين سياسة غض البصر الرسمية المنتهجة من طرف حكومة مراد مدلسي المترفعة على الخوض في لعب “الذّر”، فإن حالنا على أحسن ما يرام، وعلاقة جزائر “أرفع راسك يابّا”، مع مملكة “الله، الملك، الوطن” لا يمكن أن تتأثر بسحابات صيف عابرة كقضية حبس طفل أو “ختناته” بطريقة ملكية، فيها من العدل ما فيها من “العزل” لكل عزة جزائرية قرأ على روحها مخزن صاحب الجلالة المغربي سورة الملك وخذوه فغلوه ثم الجحيم فصلوه.. حين أذكر حادثة الأم الثكلى في وطنها، والتي عايشنا أحداثها منذ أشهر بولاية سطيف، بعد أن تقدم شخص مجهول الهوية و”الهواية” من سيارة زوجها، ليخطف في وضح النهار وأمام مرأى الناس طفلا كان يجلس مطمئنا في المقعد الخلفي للسيارة ثم يهرول به وسط صراخ أم في وطن غير ذي زرع، رست نهايته عن “نحر” الطفل عبدالرؤوف وسط ذهول وعجز وبؤس المجتمع والدولة، خاصة بعد أن اختفى الفاعل عن مسرح جريمة كانت تعج بالمتفرجين، حين أذكر ذلك، أكرر أن وضع الطفل إسلام بسجن جارنا الملك، أحسن حالا وأقل ضررا مما يجري لأطفال، خطفوا، اغتصبوا ونحروا أمام مرأى ومرعى الجميع، فعلى الأقل فإن “اسلامنا” المحبوس في المغرب سوف يتابع انتهاك برءاته ملايين الناس بعد أن وعدتنا عدالة أمير المؤمنين، بأن محاكمة الغياب الجزائري ستكون نزيهة وشفافة و”طفولية” جدا.. للأسف، الحكومة ممثلة في سلتها و”سلالها” المروج لتعديل دستور جديد على مقاس لكل عهدة دستورها المعلل والمعدل لها، مشغولة عن آخر نفر بها بمواضيع أهم من لعب المخزن الملكي بأطفال الجزائر، وعلى طريقة نكتة الصيني الذي خطفته عصابة وطالبت حكومته بفدية مقابل تحريره، فإن لنا من الأطفال كما للصينيين، ملايين النسخ، وهو ما يؤهلنا لأن نقول ما قالته الصين لمن خطف رعيتها، ملحوه و”كولولوه”، فعندنا منه ملايين النسخ، وهو الرد الذي يمكنه أن يُفحم عدالة جارنا الملك الذي يريد أن يلوي ذراع الحكومة الجزائرية العظيمة باختلاق أزمة دبلوماسية، من على ظهر محاكمة “إسلام”، خطف واغتصب وقتل منه العشرات بلا محاكمة ولا سجن في وطن هوت قيمه وقيمته، ولم يبق له من كرامة إلا عزة حاكميه بتعديل الدساتير.. ودستور يا أسيادنا على رأي إخواننا المصريين في التصدي للخوف من لعنة “الجن” التي ظهر في بلد الخوف من المجهول بأنها مجرد “عفاريت” مائية لوّثت المياه بثانوية بولاية الشلف، فتسببت في تسميم عقول قبل بطون التلاميذ بعد أن وقع العشرات ضحية لعفاريت وجن وهميين تم الزج بهم لتبرير أن الماء في هذا البلد الخاضع لكل الإصلاحات، يسمم الصغار والكبار.. نائب برلماني محصن، يتعرض في مملكة صاحبة الجلالة البريطانية إلى الإهانة والتفتيش وسؤال الملكين، والنائب يحتج على إهدار كرامة الجزائر بالمطار، والنتيجة، الحكومة العاجزة عن حماية أطفالها بالمغرب، تعاني نفس العجز مع نوابه الفاقدين للأهلية في مطارات الدنيا، والعلامة الفارقة في “مازال واقفين”، أننا في زمن متقارب لا يتعدى العشرة أيام، تعرضت جزائر العزة والكرامة لإهانتين متتاليتين، الأولى طالت طفلا غرا، والثانية نائبا محصنا، وفي كلا الحالتين، فإن صاحبة الجلالة البريطانية وصاحب الجلالة المغربي أهدرا عزة جزائر لم يعد فيها لا نائبا محميا ولا أطفال في مأمن من الحبس بمرسوم ملكي، والسبب لا علاقة له بسطوة ملوك إذا دخلوا أرضا أفسدوها، لكنه فساد وطن أغرى فينا فساد ملوك، فأصبح أطفالنا لعبة بين يدي ملك و”ملكة”.. كما أن مراد مدلسي، هذا المخلوق الناطق بفرنسية يحسده عليها حتى فرانسوا هولاند وفيكتور هيجو، وجه مخزي عن مؤسسة خارجية، لم تعد تتقن إلا التغيب المقصود لمواطنة وانتماء دولة، فقدت قبل إنسانها لغتها في المحافل الدولية. وأجزم فيما يشبه التأكيد، أن “أسلام” الحبيس بين غياهب عدالة أمير المؤمنين، لن يخرجه من ورطته و”جريمته” الكبيرة إلا تدخلا من جمعيات وهيئات عالمية. أما إذا ما اعتقد ذويه بأن بالجزائر كحكومة يمكنها أن تتحرك للذود عن أطفالها، فليعلم الجميع بأنه من السهل جدا أن يعلم الجميع بأننا كما احتسبنا كرامة الجزائر شهيدة فإن الحال نفسه مع الطفل إسلام.. وكل “إسلام” قادم.. أختم مأساة إسلام، بموقف الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، الذي جاء في زيارة دولة للجزائر وبمجرد أن جالس “فخامته”، تطرق معه لقضية الطفلة “صفية” المتنازع حولها من قبل أب جزائري وآخر فرنسي، حيث قامت مصالح الأمن بعد تدخل ساركوزي، بأخذها من بيت جدّتها بحيّ ڤمبيطة بوهران لتسليمها لوالدها الفرنسي جاك شربوك.. شكرا ساركوزي فلقد تعلمنا منك قيمة أن تكون طفلا من فرنسا. كما تعلمنا من جلالة ملك المغرب، مأساة أن تكون “إسلام” في الجزائر.. لك الله يا صغيرنا المحبوس، فلا ملك رحيم هناك ولا وطن راحم هنا.. فقط مطرقة وسندان وبينهما طفل انتهكت فيه براءة الوجود. هذيان يكتبه/ أسامة وحيد