الاحتجاجات التي شهدتها قطاعات اجتماعية متنوعة والتي امتدت عبر مناطق مختلفة من الجزائر، أعادت إلى الواجهة التحليلات التي ترصد الواقع فيها على ضوء التغيرات الإقليمية والدولية وعلى رأسها ما يسمى ب “الربيع العربي". صحيفة “غلوبال بوست" الأمريكية أعدت تقريرا حول الأوضاع السياسية والاجتماعية في الجزائر بعد التطورات التي عرفتها الجبهة الاجتماعية في الأسابيع الأخيرة، فقد اعتبرت أن المظاهرات أصبحت تتكرر يوميا في الشوارع، ينفذها عمال وشباب بطال ألقت الضوء على سوء الأوضاع المعيشية التي كشفت عن هشاشة كبيرة في السلم الاجتماعي، زادها سوءا فضائح الفساد التي تنفجر من الحين لآخر في إشارة إلى فضائح الرشاوى في شركة سوناطراك العمود الفقري للاقتصاد الوطني، التي تورط فيها مسؤولون كبار جنوا بواسطتها ملايين الدولارات. وأشارت الصحيفة إلى أن البطالة تصل إلى ما يقارب ال 20 بالمئة حسب إحصائيات غير رسمية، يضاف إليها نسب عالية من الفساد، الذي قال عنه عبد الحق لميري مدير معهد للمناجمت في العاصمة “إنه يوجد في كافة المستويات". وفي هذا السياق رجع التقرير إلى مطلع سنة 2011، حيث شهدت الجزائر احتجاجات عنيفة بسبب الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية، مما اضطر الحكومة إلى احتواء المشكل فقامت بإجرات تمثلت في زيادة الأجور، وخفض في أسعار السلع الواسعة الاستهلاك، وحتى القيام بإصلاحات على الصعيد الإعلامي، بوضع مشروع قانون يتيح للخواص فتح وسائل إعلام سمعية بصرية، التي احتكرتها السلطة منذ الاستقلال، وكذلك “فتح أكثر لمجال المشاركة في الحياة السياسية"، لكن النتائج لم تكن برأي الصحيفة في مستوى التطلعات، حيث إن هيمنة “حزب النظام" جبهة التحرير الوطني على الانتخابات التي جرت مؤخرا أفقدت هذه “الإصلاحات" معناها. لكن “غلوبال بوست" نقلت أيضا وجهة نظر راضية عن الوضع الراهن مثلته سمية فرغاني النائبة في البرلمان التي ثمنت إلغاء حالة الطوارئ التي فرضت لسنوات طويلة، ورأت أن ركوب موجة “الربيع العربي" ليست خيارا مناسبا للجزائر بعدما شاهدنا نتائجه “السيئة" في كل من تونس ومصر، حيث اعتبرت أن البلدين يشهدان بداية “إرهاب" وليست بداية ديمقراطية، في حين أن الجزائر في طريق التقدم والعصرنة.