تمثل سوناطراك 95 بالمئة من مداخيلنا بالعملة الصعبة وأزيد من 50 بالمئة من الناتج الوطني الخام، لذلك يجب أن نكون صرحاء وشجعانا: إن التلاعب بسوناطراك هو تلاعب بحياتنا ومستقبل الأجيال. صراحة أصبحت كرة القدم تغطي عن كثير من نقائص التسيير في البلاد، وعندما نقول نقائص التسيير فإننا نقصد بشكل مباشر هذه الفضائح المالية والرشاوى والفساد الإداري ونهب المال العام .. هذه القضايا يجب أن تكون الشغل الشاغل للصحافة التي عليها أن لا تكتي فقط بما حدث، أي بالفضيحة أو الرشوة، بل أن تكشف المتسبب فيما حدث أيضا. عندما انهزمت الجزائر في »لعبة« كرة القدم أمام مالاوي، وهي هزيمة قابلة للاستدراك، وتم استدراكها فعلا أمام مالي ويمكن استدراكها أيضا أمام أنغولا، خيم الحزن على كامل أرجاء البلاد، وسكن القلق قلوب 35 مليون جزائري، وأقامت الصحافة الدنيا على الفريق الوطني الذي تعثر »مرة واحدة«، رغم أن الهزيمة ليست نهاية العالم ولا تمسنا في حياتنا اليومية بأي شيء. لقد كشفت الصحافة عن فضائح وفساد في شركة سوناطراك، تورط فيها المسؤول الأول وأبناؤه وأقاربه وأصحابه، فضائح تتعلق بأزيد من 1700 صفقة مشبوهة حسب بعض الصحف الصادرة أمس، لكن الصحافة الجزائرية مازالت تركز اهتمامها على كرة القدم . بيد أنه كان يجب أن نركز كل التركيز على فضائح سوناطراك وما تعرضت له من نهب للمال العام. نركز على سوناطراك لسبب بسيط لأنها هي الهواء الذي يتنفسه جميع الجزائريين، وإذا تلوث هواؤنا، فإننا نصبح عرضة للاختناق. وقد جربنا نحن الجزائريين الجحيم بدون سوناطراك، ففي عام 1986 نزلت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، وبعد عامين انفجرت أحداث أكتوبر، وفي التسعينيات اضطرت الجزائر إلى الاقتطاع من أجور العمال لدفع أجور عمال آخرين بسبب الوضع التعيس الذي كانت عليه سوق النفط، وفي عام 1998 كان لابد للرئيس ليامين زروال أن يرسل رسله إلى كل الدول النفطية للحديث بجد عن أزمة تدهور أسعار النفط، فكان له ما يريد عندما أقرت قمة »كاركاس« ما يعرف اليوم بالسعر المرجعي للنفط حماية لمصالح البلدان النفطية. وهكذا إذا كانت حياة الجزائريين مهددة بنزول أسعار النفط، فهي تكون مهددة أكثر إذا كانت شركة سوناطراك محل »نهب للمال العام وسوء تسيير«.. لذلك يجب أن نكون صرحاء: إن التلاعب بسوناطراك يمكن أن يدخل في باب الخيانة الوطنية العظمى، ويجب أن يعرف الجزائريون الفضائح التي تمسها وتستهدفها وكذلك المتسببون فيها، فمن غير المعقول أو المقبول أن تهتز سوناطراك بدون أن تقام القيامة في الجزائر. إن من حقنا أن نرفع الرايات السوداء احتجاجا وتنديدا بسوء التسيير الذي يستهدف شرايين حياة الجزائر والجزائريين .. لقد فعلنا ذلك بشكل أو بآخر عندما انهزمنا أمام مالاوي في »لعبة« لكن اللعب بسوناطراك »لعب بالنار«، لعب بحياة الجزائريين.