لم يسلم قطاع الشؤون الدينية والأوقاف من موجة "الفساد" التي شملت عدة قطاعات حساسة في البلاد، حيث كشفت مراسلة خاصة من أئمة وموظفي القطاع إضافة لمصلين، جملة من "خبايا" القطاع الذي دائما ما ينظر إليه نظرة "ملائكية" بحكم ارتباطه بشؤون الدين الذي يحارب الفساد والمفسدين. وذكر الأئمة في مراسلتهم التي حملت عنوان "الفساد في قطاع الشؤون الدينية" والتي جاءت لتوضيح أسباب فتح المفتشية العامة للمالية تحقيقا حول "فساد القطاع"، التحقيق الذي وصفه الوزير بو عبد الله غلام الله، ومدير الأوقاف ب "الروتيني"، الوصف الذي رفضه هؤلاء الأئمة مؤكدين أنّه مجانب لحقيقة مفادها أنّ المفتشية العامة فتحت التحقيق بعد مقال لصحيفة وطنية كشفت من خلاله "الفساد المتغلغل في القطاع". ولتأكيد وجود فساد كبير بمديريات وزارة الشؤون الدينية، عددت هذه الإرسالية عديد النقاط التي قد تكون "مزلزلة" لقطاع حساس مثل قطاع الشؤون الدينية، وكشفت "تلاعبات" كبيرة بملفات الزكاة والحج والعمرة وانتداب الأئمة للخارج وغيرها من الملفات التي كانت إلى وقت قريب غائبة عن الرأي العام. وركزت إرسالية الأئمة على ملف الزكاة، الذي أثار جدلا كبيرا مؤخرا حول كيفية صرف أموال المحسنين والمزكين و«التلاعبات" الحاصلة في هذه الصناديق، مؤكدين أنّ المفروض أن يتمّ صرف أموال صناديق الزكاة لبناء المساجد والمدارس وتجهيزها عبر كامل التراب الوطني، غير أنّ ذلك لم يحدث حسب المراسلة التي أكّدت صرف أموال الزكاة وبفواتير مضخمة لا يدري أحد مدى صحتها في أمور أخرى خارج تمويل المساجد والمصليات. كما تطرقت الإرسالية لما سمته فوضى التسيير في بعض مديريات الشؤون الدينية، حيث يعين بها مدراء ومسؤولون ورؤساء مصالح دون شهادات أو كفاءة أو أخلاق، وبعضهم مسبوق قضائيا وإداريا بشبهات، في الوقت الذي يتم فيه الكفاءات متسائلين "أليس هذا سبب رئيسي لتغلغل الفساد في القطاع؟". وكشف أيضا الأئمة عن وجود "صفقات" ومعايير بعيدة عن الكفاءة والأخلاق والمستوى العلمي في اختيار من يمثل الجزائر دينيا في بلدان الخارج كفرنسا وغيرها. ودعت الإرسالية نقابتي الأئمة، نقابة جمال غول ونقابة المركزية النقابية، للاهتمام بملف "الفساد في قطاع الشؤون الدينية"، والكشف عن "التلاعبات" والتصدي لملفات الحج وطرق تسيير البعثات والمبعوثين وكذلك جوازات الحج، وتعيين المسؤولين مركزيا ومحليا على أساس الكفاءة، والانتداب للخارج للأئمة، لتحقيق تمثيل ديني للجزائر ممن هم أهل لذلك أخلاقا وعلما وكفاءةً. وبهذا يكون الوزير بوعبد الله غلام الله، الذي دعته للتدخل السريع وإقالة من استأمنهم على التسيير فقصروا في واجباتهم، أمام مواجهة غضب متصاعد للأئمة والمصلين واللجان الدينية المسجدية، خاصة أنّ قطاع الشؤون الدينية ليس كالسابق بتأسيس الأئمة لنقابتين تدافعان عن حقوقهم ومطالبهم.