أفادت مصادر عليمة "البلاد" أن تعليمات هامة تلقتها فرقة مكافحة الفساد التابعة للدرك بالشلف من اجل التحقيق حول شبكة واسعة تتاجر في سندات الاسمنت بالسوق السوداء التي ازدهرت على الطريق الوطني وغير بعيدة عن المنطقة الصناعية لوادي سلي. ووفقا لمصادرنا، فإن المصالح الأمنية تتابع تحركات أكثر من 20 مضاربا ينحدرون من مختلف الولايات وبالتحديد الشلف، عين الدفلى، الجزائر العاصمة، تيارت وسيدي بلعباس، على خلفية ورود معلومات هامة تفيد بتورط المضاربين في رفع أسعار الاسمنت في السوق السوداء إلى مستوى غير مسبوق من الغلاء، بعدما بلغت حمولة 20 طنا بمبالغ تتراوح بين 24 إلى 28 مليون سنتيم. بينما تستخرج الحمولة ذاتها بأقل من 13 مليون سنتيم من المديرية التجارية لمصنع الاسمنت. وتفيد المعطيات التي استقتها "البلاد" أن التحقيقات الواسعة التي شرعت فيها فرقة مكافحة الفساد لها صلة مباشرة بقضية توقيف ثمانية مقاولين نهاية الأسبوع الماضي من قبل فرقة مختصة في محاربة الأنشطة التجارية المحظورة التابعة لجهاز الدرك والتي عثرت بحوزتهم على سندات وتم ضبطهم في حالة تلبس ببيع تلك السندات في السوق السوداء القريبة من مقبرة "سيدي عروسي"، اثر معلومات قدمها بعض التجار محاولة منهم لوضع حد لهذه الممارسات الخطيرة التي مست نشاط تجارة الاسمنت. وذكرت المصادر نفسها، أن التحقيقات تبقى مستمرة لتحديد المسؤوليات في قضية منح تلك السندات والفواتير، وقد ربطت الجهات التي تشتغل على ملف تفكيك شبكات المضاربة في أسعار الاسمنت، العملية برسالة يكون قد وجهها الرئيس المدير العام الجديد للاسمنت رغبة منه في تبرئة ذمة المصنع من نشاط المضاربة الذي عاد ليطل من جديد على سوق الاسمنت، في ظل ارتفاع موجة السخط الشعبي حيال ارتفاع اسعار الاسمنت التي باتت "محرمة" على المواطنين البسطاء خصوصا العشرات من المستفيدين من إعانات البناء الريفي الذين رفضوا مواصلة اشغال بناء مبانيهم الخاصة بسبب غلاء الأسعار وتحكم المضاربين فيها بطريقة لاقت سخطا كبيرا في الوسط المحلي. في سياق متصل بالموضوع، تلقت الفرقة المختصة في مكافحة الفساد تعليمات بمداهمة كامل المواقع المشتبه في وجود المضاربين بها وإخضاعهم لتحقيقات واسعة مع التحقق من المبالغ المالية التي يتم العثور عليها بحوزتهم. وتأتي هذه التحقيقات التي صاحبت عملية توقيف المضاربين الثمانية، سلسلة من التحقيقات الميدانية الني نشرتها "البلاد" مؤخرا وتمكنت من إزاحة النقاب عن عدد هائل من الغرباء في السوق السوداء يتحكمون في الأسعار بدعم من جهات نافذة يجهل مواقعها ومسؤولياتها في المصنع، حيث كشفت المعطيات عن ممارسة العشرات من المقاولين جرم الاحتيال على المصنع من خلال تحويل حصصهم من الاسمنت المخصصة لبناء ورشات التنمية المحلية الممنوحة اليهم، نحو السوق السوداء وبيع السندات بأسعار خيالية تصل حدود 28 إلى 30 مليون سنتيم. ولفت المصدر إلى أن التحقيقات قد تطال ايضا بعض المؤسسات المنحلة التي تقع مقراتها الاجتماعية بالجزائر العاصمة والتي لا تزال تنشط بطرق غريبة، على ضوء ورود معلومات تفيد بتقدم مسيرين سابقين إلى المصلحة التجارية للمصنع بدافع الحصول على الاسمنت من خلال إيهام المصنع بأن شركاتهم لا تزال "قيد الحياة" وتنشط في مجال البناء والتشييد.