باشرت المصالح الأمنية بولاية البيض، تحقيقات معمقة لكشف خيوط وملابسات شبكة بارونات الإسمنت التي عادت للظهور مجددا، وتنشط تحت عباءة سجلات تجارية غير مطابقة للنصوص القانونية، حسبما أوضحه مصدر أمني على صلة بملف القضية. وكشفت التحريات التي أجرتها مصالح الأمن المختصة والتي أسندت لها مهمة التحقيق مع أكثر من 900 مستفيد من السكنات الريفية في فضائح كبيرة، ينتظر أن يتم الفصل فيها في الأيام القليلة القادمة. وأفاد مصدرنا أن أكثر من 370 استدعاء تم تقديمه كمرحلة أولى لمستفيدين من سكنات ريفية على مستوى 6 بلديات بتراب الولاية، لأجل التحقيق مع عدد من المشتبه فيهم ، من ضمن قائمة تتكون من أكثر من ألف مستفيد تحصلوا على كميات كبيرة من الإسمنت قدرته مصادرنا بأكثر من 400ألف طن. وحسب مصادر متطابقة، فإن مافيا سندات الإسمنت قد تمكنت وبالتواطئ مع متعاملين من مصانع الإسمنت بالغرب الجزائري من تحويل كميات هائلة من مادة الإسمنت، بأسماء مستفيدين من بناء سكنات ريفية وهو الأمر الذي تأكد مع تحقيقات مصالح الأمن بالبيض، رغم نفي كل من تم استجوابه كمرحلة أولى علاقته باختلاس مادة الإسمنت، الأمر الذي تطلب الحصول على تراخيص من طرف وكيل الجمهورية بغرض تمديد الاختصاص. وسبق لمصالح الأمن بالولاية أن كشفت ملابسات حصول إحدى الإطارات بمعية مقاولين من خارج الولاية على تراخيص جلب مادة الإسمنت لتمويل مشاريع النفع العام، غير أن الوجهة كانت باتجاه ورشات الخواص، وهو ما رهن سوق الإسمنت بولاية البيض وتضاعف سعر الكيس الواحد من الإسمنت في بعض حالات الأزمة المفتعلة إلى 1000 دج. ولا تعد هذه القضية الأولى من نوعها، حيث سبق للمصالح ذاتها الأمنية خلال السنوات الفارطة معالجة العديد من مثيلاتها، كما هو الحال بالنسبة لقضية استعمال ملف مقاولة خاص بأحد شباب ولاية البيض من طرف عصابة مجهولة، قامت من خلالها استخراج آلاف الأطنان من الإسمنت من مصنع ولاية سعيدة، وفق سندات طلبية خاصة بمشاريع وهمية وقامت بتوجيهها نحو السوق السوداء واحتكار السعر، تبعا لأزمة التمويل التي كانت تتخبط فيها الولاية آنذاك، ويبقى الملف بين أدراج العدالة للفصل في حيثياته تبعا لحلقة إقليم الاختصاص. وأوضح مصدر أمني أن ملف شبكة بارونات الإسمنت الذي تعالجه المصالح الأمنية من شأنه أن يطيح بالعديد من الرؤوس الكبيرة، بالنظر إلى حجم الكميات المستخرجة وأيضا ثبوت تواطؤ العديد من الأشخاص حتى من داخل المصانع ذاتها المتواجدة بالغرب الجزائري. وتسبب بارونات الإسمنت بولاية البيض، في تجميد العديد من المشاريع التنموية بالولاية نتيجة غلاء سعر الكيس الواحد، إضافة إلى مختلف أساليب الاحتكار والمضاربة التي باتت تميز السوق المحلية خلال السنوات الأخيرة، ما أدى إلى بروز فئات جديدة برزت عليها مظاهر الغنى والثروة في ظرف وجيز، وهو الأمر الذي تعمل المصالح المختصة على فك رموزه خصوصا وأن الأمر يتعلق بالمساس بالاقتصاد الوطني، حسب المصدر نفسه.