ليس من السهل قراءة الأحداث ببراءة مهما كانت بسيطة ومتواضعة في مثل هذا الظرف الحساس الذي تمر به البلاد، فقد بدا نَفَسُ الوزير الأول السابق أحمد أويحيى محسوبا بدقة وهو يتحدث عن استعداده لخدمة الجزائر، حريصا على جملته الشهيرة “أنا جندي في خدمة بلدي “. أحمد أويحيى الذي كان يتحدث إلى مناضلين في الأرندي، خلال تقديمه واجب العزاء في رحيل شقيق ميلود شرفي بوهران، بدت كلماته أشبه بالرسالة السياسية المباشرة لمن يهمه الأمر، وهو يجيب عن استفسار لمناضلين في حزبه الذي غادره “دون أي ضغوط من أي جهة أو طرف كان" مثلما قال. هل هي بداية العودة الحقيقية لأويحيى؟ وهل هو التوقيت المناسب لعودة “الكاميزكاز" السياسي إلى الساحة ؟ الأمر لا علاقة له بالصدفة لأن أويحيى لو أراد صمت الجنائز لفعل، لكنه أراد العكس، تحدث من غرب البلاد وفي مناسبة خاصة جدا، وهو يبرئ ساحة طرفين من استقالته وانسحابه من الحزب، وكأنه يقدم حلا وسطا كرجل المستقبل لكل الأطراف التي لم تمارس عليه أي ضغوط مرتبطة بمغادرته للتجمع الوطني الديمقراطي. كل الأنفاس تحسب قبل أن تحبس هذه الأيام، لأن كل فعل سياسي وغير سياسي وحتى رياضي له وقعه ودلالاته في الساحة الوطنية، وأي حركة سياسية تصبح رسالة أو تصريحا أو بيانا.. فهل هذا ما أراده أحمد أويحيى من وهران؟ أم كان كلامه في جنازة شقيق ميلود شرفي مجرد تجاوب إنساني مع عواطف المناضلين الذين شدهم الحنين إلى الرجل بعد أربعة أشهر على استقالته؟