الأفافاس، وهو أقدم حزب معارض في البلاد، دشن بمناسبة أول نوفمبر نصبا تذكاريا (معاديا) بمقر حزبه خلد فيه شهداء الثورة، وأيضا مناضلي حوادث 1963 (حرب الولايات) وشهداء الديمقراطية الشعبية وحقوق الإنسان! وعندما يقوم حزب آيت أحمد الذي شارك زعيمه في السباق على الرئاسة مرة واحدة طيلة مشواره الطويل وأغلبه في المنفى بصنع تمثال له، فإن ذلك يمثل عهدا جديدا أصبح فيه الانفصال ''غير قابل للترميم والتلحيم على طريقة لكم دينكم ولي ديني! آيت أحمد وضع التمثال داخل ساحة حزبه المسيحية في عملية لإيهام الناس بأنه لا يملك غيرها في جزائر الاستقلال..وإن كان له مناضلون وإطارات زرعها في كل مكان. ومعظمها تمارس سياسة قلوبهم معه وسيوفهم عليه كما حدث بين سيدي علي ''والكفار''! لو أن الحزب وضع تمثاله خارج المقر لاختلف الأمر فهذا يحتاج لترخيص وساحة، وميزانية ضخمة. خاصة أن مشاريع التسابق على إنجاز التماثيل المخلدة عبر البلديات والولايات أصبحت موضة ومحل منافسة طالما أنها تشكل مشاريع استثمار مربحة وإن كانت لا تعجب الأنظار أحيانا! ولو أن الحزب فعل هذا أقول لتحركت ضده جرافات الأميار والولاة، فهدمته لأنه رمز فتنة! ولأن الأفافاس غير موافق حتى على قانون البلدية الجديد الذي شبهه بقانون الثكنة! والمشكلة الآن أن الأفافاس الذي يغالب السلطة وحده عبثا مثل دون كيشوت مع طواحين الرياح في قصته الجنونية المثيرة أنه سيغيظ ما تبقى من الأحزاب مستثناة منها ذات الاتجاه الإسلامي. فالإسلاميون الذين صنعتهم السلطة وداستهم كما داس سيدنا سليمان وجنوده النمل فهرع إلى بيته يحق لهم صنع تماثيل (ملتحية مثلا) ترمز إلى حجم التضحيات التي دفعوها مقابل (الشورى) أو الدولة الإسلامية''! ولكن المشكلة تبقى مطروحة في الأساس مع من يسمون أنفسهم ''وطنيين'' ممن يصنعون النصب من المال العام لتخليد مجد وطن ضائع ومستقبل غامض فهؤلاء إن سعوا لبناء تماثيل مكرا في الأولين لاعتبر مثل بناء مسجد على ضلالة وليس على التقوى. لكن أعوانهم المتحالفين معهم مع حركة ''فرانسا'' وحربها لا خوف عليهم لا يحزنون..فهؤلاء باستطاعتهم الحج لباريس والترحم على نصب الحركى التي بناها لهم الاستعمار سابقا مكافأة لهم على عمالتهم!