أثار تصريح وزير الخارجية مراد مدلسي، حول تمسك الجزائر بمبدأ تدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية بين الدول الأعضاء، ومن ثم إنهاء الاحتكار المصري لهذا المنصب منذ تأسيس الجامعة في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي. أثار موقف الجزائر بخصوص إعادة النظر في هيكلة الجامعة العربية مخاوف الأمين العام المصري عمرو موسى المنتهية ولايته الثانية، فيما تشير بعض المصادر إلى وجود مساعي مصرية حثيثة لإقناع موسى بعهدة ثالثة بناء على ما اعتقده المصريون عرفا دبلوماسيا يقضي بأن رئاسة الجامعة تكون من نصيب البلد المحتضن لمقرها، رغم غياب نص يؤكد احتكار بلد معين لرئاسة الجامعة. واستأنس الموقف المصري بقياس شاذ على نقل منصب الجامعة العربية إلى تونس ورئاسة الشاذلي لقليبي للجامعة خلال فترة المقاطعة العربية العقابية لمصر جراء توقيع الرئيس السابق أنور السادات معاهدة ''كامب ديفيد'' التي ارتمى بموجبها في أحضان العدو الصهيوني، وتأتي مخاوف القاهرة غداة القمة المرتقبة بليبيا في مارس المقبل فيما يأتي التشبث المصري بكرسي الأمانة العامة مخالفا للسياقات التي تعتمدها كل المنظمات الإقليمية والدولية الإسلامية والدولية وحتى العربية الأخرى التي تفصل بين جنسية أمينها العام وجنسية دولة المقر مثل اتحاد المغرب العربي الذي يتخذ من مدينة الرباط المغربية مقرا له ويترأسه التونسي الحبيب بن يحيي ومنظمة المؤتمر الإسلامي الموجودة في مدينة جدة السعودية برئاسة التركي أكمل الدين إحسان أوغلو. وادعت مصادر إعلامية مصرية أن الجزائر ستتقدم بمذكرة رسمية خلال قمة طرابلس نهاية مارس المقبل، يبعث فيها مطالبها السابق بشأن تدوير منصب الأمين العام، حيث شرعت بهذا الخصوص في إجراء اتصالات عربية لحشد الدعم لمطلب التدوير الذي دعت إليه خلال قمة الجزائر في مارس من سنة ,2005 ونقلت ذات الأوساط الإعلامية المصرية بأن القاهرة أبدت قلقا شديدا للاتصالات التي يدعي الجانب المصري أن الجزائر تجريها باتجاه دول عربية لتشكيل رأي عام عربي توافقي يدفع باتجاه التدوير. في سياق متصل، نقلت وسائل إعلام مصرية عن مصادر محلية وصفتها بالمطلعة، قولها ''إن الخطوة الجزائرية المرتقبة تعني تصعيد الخلافات مع مصر في المرحلة المقبلة'' على نحو ينفي عمليا أي اتجاه لتهدئة الأجواء بين الطرفين وهو ما يشبه تهديدا مصريا مبطنا بالعودة إلى التصعيد، ويرى مراقبون بأن مبدأ التدوير الذي رفعت رايته الجزائر والتحق بمغزاه الزعيم الليبي معمر القذافي الذي يدعو هو الآخر إلى إصلاح شامل لآليات العمل العربي المشترك سيجد طريقه إلى التجسيد سواء كان الأمر في قمة ليبيا أو ما فيما يأتي من محطات أخرى، خاصة في ظل الغضب العربي الشامل حيال السياسة المصرية الرسمية من القضية الفلسطينية قضية العالم الإسلامي والعربي المركزية ويبدو أن مؤشرات الانفلات من القبضة المصرية قد بدا جليا خلال الحرب على غزة وتجاوز قمة قطر للهيمنة المصرية.