عدد المسؤولين في الجزائر برتبة ''شاف'' ماشافش حاجة في حدود نصف مليون، مكدسين فوق بعضهم البعض أو مصففين مترادفين، من الذين يستكرسون في الدوائر (والمربعات) والبلديات، وحتى الذين يتمسمرون في الوزارات والهيئات المنتخبة بصفة ذكيّة، حسب الوصفة الزرهونية، نسبة لزرهوني وزير الداخلية والجماعات المحليّة.ومقارنة هذا العدد من ''الشيفان'' مع المستخدمين الذين لايتجاوزون المليونين، تكون النسبة أن لكل أربعة نفر مسؤول! عسكر الترك ؟! وهذا ليس بعيدا عن الرقم الذي يحققه الجيش التركي وليس جيش بغداد الذي قتله الرفاد مثلا، حيث أن عدد الضباط وضباط الصف ''ولاشان'' أكبر من عدد العساكر أنفسهم.... فهم مولعون مثلنا ومثل المصريين أيضا بالخصوص بالألقاب والنياشين، تفوق ما يحمله عمّنا القذافي وهو يخرج علينا بالزي الرسمي، وفوق رأسه كسكيتة وعصا برونزية تشبه عصا قائد أوركستر سمفونية! خاصّةأنه أضاف لقبا جديدا لسعادته بعد أن كان ملك ملوك إفريقيا باعتباره رئيس الاتحاد الإفريقي (على الورق)، فصار عميد العمداء الأفارقة في الحكم (فوق الأرض) وتحتها على مانظن؟ والمهم أن القذافي، بغض النظر عن الذين يعجبون به أولا يعجبون يمثل نموذج المسؤول عندنا! فهو يعرف كل شيء بما فيها عن الزلزال وكيف إذا مال هو مال، وحتى كيف تهيج الأبقار والبعير والجمال وقت الربيع، وبالتالي فهو لايحتاج لدرس من أحد، أما مقارنة هذا الجيش من المسؤولين بتعداد نصف مليون بعدد السكان، فيمثل مسؤولا واحدا لكلّ سبعة رهوط منّا! وتصورا معي لو أن كل واحد يعمل بحسب ما يحصل من مقابل لنقصت كلى مشاكل في البلاد ، أو وجدت الطريق للحلّ. فهؤلاء عكس غيرهم من المرؤوسين يختارون عادة من حثالة الموظفين، ومن أضعفهم، وأوسخهم يدا، بدليل أن منظمات مكافحة الرشوة والفساد تزعم أن نسبة 95% من هؤلاء فاشلين، بكلّ المقاييس ولاتوجد إلا نسبة 5% فقط في مناصبها على طريقة ذلك المثل الذي يضحك عليه حتى البغل وهو في الإسطبل ''الرجل المناسب في المكان المناسب''! فما ننتظر من هؤلاء إذا حكموا بأحكامهم، وفرضوا سلطانهم، وعلموا بأنهم محميون، وأنه لا أحد يحاسبهم، فهم فوق القانون، بل إنهم هم أنفسهم القانون؟ وهم له مغيرون وفق مقاييسهم؟ ثمّة مثل رأسمالي يقول إذا كثر عدد العمال يقل العمل، ولهذا يحرصون عندهم على أن يحلب فيهم الحلاب ويشد المحلب. وقس على هذا المسؤولين، فكلما زاد عددهم قل العمل.... وجاء الملّل ولهذا يجد الواحد الوقت الكافي لكي يعمل للحساب الخاصّ، من باب أن الذي يعمل في حقل العسل لابد أن يلحس، وهذه فلسفة قديمة وضع خيوطها الأولى المرحوم هواري بومدين وحرفت فيها بعد... والعيب على المحرفين وليس على المرحوم فهم إخوان الشياطين، وإنهم لذاهبون للجحيم مع فرعون وكثيرين من العائدين ممن تقام لهم جنازات رسميّة باعتبارهم من الكبار في إفساد قوم وإهلاك وطن، وخلق محن. ولهذا وصلت النظرية حاليا لدى جماعة السلطة التي تؤطر كل هذا الجيش محرفة مثلما وصل التوراة والإنجيل اليهود والنصارى وهكذا بدل أن يرفعوا شعار الذي يعمل في العسل يلحس، أصبح الذي يعمل يأكل الكلّ، والبعض تجاوز ذلك بقليل فعرج على الصحن ''والطاس''، وهناك من قفز مرة واحدة لخليّة النحل ليحتّل! و ليحملها الخارج في صورة ممتكلات منقولة، وهو يعلم علم اليقين أن هذا الخارج أصبح يحرج بعد أن صار يطبق عليهم التصوير بالسكانير من تحت السنتورة الى الكرعين إلى الفوق.... وعندما يصبح عدد الشيفان مضخما - وهم الأولون الذين كان يفترض أن يتعرضوا للزبر بدل العمال في الشركات حسب وصيّة الأفامي التي قرأوها وطبقوها بالمقلوب- يكون الشعار أنا أخلق مشكلة، إذن فأنا موجود على طريقة أنا أفكر فأنا موجود! أما موضوع التفكير نفسه، فلا محل من الإعراب والتعريب والعروبة، فمؤسسة الفكر العربي مثلا ومقرها في دولة الإمارات، أعطت الجزائر صفرا فالبلاد كبيرها وصغيرها انشغلت مدة طويلة وربما حتى ومضات بالتهريج والتعليق (من الرجلين) حول نتائج الجلدة المنفوخة ومجريات المواجهات الكروية! وهذا بالطبع ليس فكرا، وبالتالي ليس له ذكر! وعلى هذا يمكن الجزم بأن هذا الجيش الإنكشاري مهمته الأساسية هو ابتكار طرق لخنق الناس أشبه بالخناس الوسواس، ولاتزاد قيمتهم وهيبتهم إلاّ بقدر مايضعون من حواجز وممهلات ''دودان'' تكسر حتى أمهر حصان في سباق للفرسان، والمشكلة مع هؤلاء أنهم يتعاملون دائما بنفس الأسلوب في أيّة قضية من ثقبة بحجم الأوزون في بقرة اليتامى ''سونطراك'' وقس عليها عشرات ''الصونات'' وحتى ملف شيفور طاكسيور... فشعارهم ''خاطيني'' و''أخطي راسي''، فهل يخطر على بال أحدنا مثلا أن نسمع كلاما كالذي قاله عمار تو (ثري فيفا للجيرى)، وزير النقل، من كون ملف سائقي الطاكسيات عند الرئيس في رده على النواب؟ هذه المهنة حرّة احتكرها المجاهدون (المزيفون) أول مرة وكانت مصدر ثراء كمدير سوق الفلاح (المرحوم)... ومازال الى اليوم حرا وهو الوحيد الذي يحدد التسعيرة في الراس، والوحيد أيضا في العالم الذي يختار الجهة التي يريد أن يذهب إليها وهو الوحيد الذي يتعامل مع الركاب على كونه يحملهم ''بالمزية'' تمامًا كالموظف في المسؤولية! ولو يشأ أن يضعهم في منتصف الطريق بانتظار رفيق! فكيف يمكن أن تكون لهؤلاء مفضلة تتعدى حدود نقابتهم وجمعيتهم وتتجاوز المير ورئيس الدائرة والولاية ومديرية النقل ثم وزارة النقل ثم رئاسة الحكومة، لتتنقل بقدرة قادر إلى طاولة الرئيس، وكأن الرئيس لاينقصه إلا الالتفاء فقط برفاق سعدان، إلى رفاق طاكسي الغرام وحتى السائق الكلوندستان؟ هذا أمر قد لايبدو معلولا أكثر منه بعض الدعوات الحزبية تسير في هذا الاتجاه مثلما سارت جهات أخرى وكسبت موجة '' ماتش كورة'' مع مصر لتكفر بكل ماهو عربي، وتدعو حتى لتنظيم استفتاء للبت في أمر العلاقات الأخوية التي تربطنا بها. وهو بالطبع مالم يفعلوه مع أمهم فرنسا الاستعمارية والمستقلة، التي خرجت من الباب وعادت إليه من نفس الجهة، وهي تعلم صوابا بأن أولادها موجودون، ولو بدأت آلة الموت تحصدهم الواحد تلو الآخر وتركوا ذريّة لهم يحمون ويقاتلون من أجلها، فهل من المعقول -كما يقول رئيس حزب- أن ينتقل ملف الخدمات الإجتماعية وهي عبارة عن مغارات علي باب وال 40 لصا وملف البطالة ومكافحة الفقر إلى طاولة الرئيس أيضا، وهو الذي نصب وزير العمل إسمه الطيب لوح (وخشبة ومسمار) وآخر للتضامن الوطني إسمه ولد عباس ويكنى بابا نويل! عجز عن حل قضية عاملة مفصولة في شركة أجنبية. كارتون أحمر ماهو الحل إذا ثبت بأن جهازا بيروقراطيا ثقيلا بحجم نصف مليون موظف، يمارسون الإستمناء الجنسي على 35 مليون راس! الطرح الأول إن الجهة التي تصب فيها المشاكل الحقيقية والمزيفة والمصطعنة والمفبركة ترفع ورقة ''كارتون أحمر''، كما فعلوا مع الخضر مهنئين هذه المرة (بالفشل) وليسوا منددين أو معاقبين، فالأمر يتعلق بسلطان أمامه قضية كلوندستان. الطرح الثاني أن يستغل بعث المليون فايق ونصف المليون، مناسبة الكرة للمطالبة بإرسال كبار البيروقراطيين الى الدار... فقد طال الانتظار، ولا تخالهم من الراحلين، إلا إذا كانوا بالقوة محمولين إلى الآخرة! الطرح الثالث ألا تتحرك الجهة الأولى ولا تتحرك الثانية، وهذا تحت شعار دولة اللّه غالب، حيث يسند فيها كل شيء إلى الله من باب التواكل وليس التوكل، فيلتقون فقط بعد إن شاء الله (ولم نشأ نحن) بأعوذ بالله من شر ما خلق!