القضاء على الضابط شارل روبار ابن عقيد فرنسي أشرف على تعذيب الجزائريين وفرنسا انتقمت بإعدام 11 شهيدا في يوم واحد رحيل 249 مجاهدا بتلمسان سنة 2009 رقم يعجل بكتابة تاريخ المنطقة خرجت الاحتفالات بوم الشهيد هذه السنة بتلمسان عن طابعها البروتوكولي، حيث نظم المكتب الولائي لأبناء الشهداء خرجة ميدانية للاستماع لشهادة الأبطال الذين صنعوا جزء من تاريخنا. وفي هذا السياق يروي أبطال عملية القضاء على الضابط الفرنسي شارل روبار يوم 10 سبتمبر 1957 بمنطقة المعذر بسيدي الجيلالي ''80كلم جنوبتلمسان'' التابعة للولاية الخامسة التاريخية بصدق بالغ بطولة تخليص المنطقة من أخطر ''جزار'' في الجيش الفرنسي قام بإعدام وتعذيب العشرات من الجزائريين من أعضاء جيش التحرير الوطني ومن الفدائيين. هذا الجزار هو ابن عقيد متقاعد في الجيش الفرنسي تربى على قتل الجزائريين وتعذيبهم والتنكيل بهم، حيث كان مشرفا على مركز التعذيب والإعدام بمنطقة سيدي المخفي التي تعتبر محرقة فرنسية للجزائريين بشهادة المجاهدين وقادة الناحية آذاك. بدأت الاستعدادات لعملية التخلص من ضباط مركز التعذيب شارل روبار في صائفة 1957 وبحلول شهر سبتمبر كان الوقت ملائما للمجموعة المكلفة بتخريب الجسور وخطوط الهاتف والمعابر والقناطر التي تتألف من 47 جنديا من أعضاء جيش التحرير الوطني، ويروي المجاهد مهداوي الجيلالي وهو من أبرز المعطوبين في المنطقة كيف حمل اللغم من التراب المغربي بالقرب من الحدود الجزائرية المغربية، حيث تم إعداده بما يتوافق والعملية التي تهدف إلى قتل أخطر أعداء الثورة وأكثرهم دموية. وكان الهدف هو تخليص منطقة أولاد نهار من مجرم نكل بأبنائهم وقتل خيرتهم ووقع الاختيار على مجموعة تتألف من 8 عناصر من أجل الإعداد لتلك العملية من بين 47 عنصرا وهم مهدواي الجيلالي، بشلاغم محمد المدعو محمد الصغير وهو الذي كان يقوم بتفكيك الألغام أو نصبها أي ''المينور''، فحيمة يحي ولد محمد، بشيري الجيلالي، حجاوي محمد المدعو الغول، محمدي محمد المدعو المسوق، السي أحمد الدرقاوي.. هؤلاء قاموا فجر يوم العاشر من شهر سبتمبر 1957 بتنفيذ عملية القضاء على الضابط شارل روبار الذي كان مرفوقا بالمدعو جوزيف غارسيا حيث كانوا ينقلون سجينا جزائريا يدعى بن عبورة أحمد. في ذلك اليوم انفجر اللغم ونجح كمين المجموعة التي كلفت بتنفيذه وقتل الضابط الفرنسي. بعدها بمدة قصيرة حاصرت القوات الفرنسية مناطق سانف سيدي المخفي بلحاجي بوسيف وتراب العريشة وسيدي الجيلالي وأسفرت العملية الفرنسية عن اعتقال 11 شخصا من سكان المنطقة للثأر من مقتل ضابطها. انتقلنا إلى المكان الذي انفجر فيه اللغم وهو نفس المكان الذي عرف إعدام 11 شهيدا رميا بالرصاص بعد تجريدهم من ملابسهم وأمام الجميع وقد استشهد في منطقة المعذر في ذلك اليوم التالية أسمائهم: عمي الكبير بوتلطاعش المدعو بوغرارة. برفيف محمد. برافيف بن سعيد. سليماني الجيلالي. عبيد الله محمد. بن زاير عبد القادر. بوشنافة يحي ولد يحي بلحاج. . الشاوي يحي ولد قدور. بشلاغم قدور ولد لحسن. بن شادلي محمد ولد محمد الهبري. بن عيسى عبد الواحد وهو الشهيد الحي الذي أطلقوا عليه 3 رصاصات وفر بلا ملابس نحو الغابة المجاورة، الرصاصة الأولى أصابته بجروح على مستوى الرأس والثانية في كتفه والثالثة في ساقه وبأعجوبة تمكن من الفرار إلى أن صادف دورية تابعة لجيش التحرير الوطني، حيث تم التكفل به ونقله للعلاج وظل في صفوف جيش التحرير إلى غاية الاستقلال وتوفي السنة الماضية. وخلال مرافقتنا لموكب يضم العديد من المجاهدين الذين عايشوا تلك المرحلة، كانت دموع محمد الصغير تثير مشاعر كل من حضر شهادة المجاهدين في المعذر الذين تأثروا كثيرا لتلك الشهادة لأنها كانت تصور واحدة من صفحات التاريخ من طرف من صنعوه وقد ختم المجاهد مهدواي الوقفة عندما قال يشير إلى تحرشات وتشكيك بعض الأوساط بتاريخنا وسب شهدائنا: لم نصنع التاريخ بالقلم وإنما صنعناه بالدماء هؤلاء الأبطال الذين ذكرنا أسمائهم في البداية ضمن مجموعة تتألف من 47 شخصا هم مواطنون بسطاء يعيشون وكلهم أمل أن تخط تلك البطولات ضمن عملية وطنية لكتابة التاريخ حفاظا على ذاكرتنا الوطنية والتاريخية. نشير إلى أننا رافقنا طيلة يوم السابع عشر فبراير قافلة تتكون من عدة مجاهدين على رأسهم الأمين الولائي ومدير المجاهدين لولاية تلمسان والأمين الولائي للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين خالد بومدين والأمين الولائي للمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين، حيث نظم المكتب البلدي لأبناء المجاهدين تلك الوقفة والشهادة الخاصة في دعوته لنا ولعدد من الزملاء بالمكان الذي أعدمت فيه السلطات الفرنسية 11 شهيدا. وفي تدخلاتهم، أكد الأمين الولائي لأبناء الشهداء لولاية تلمسان خالد بومدين أن مثل هذه الشهادات رد مباشر على كل الذين شككوا في تاريخنا وفي شهدائنا وأن هذه الوقفة هي تعبير على أصالة تاريخنا الذي صنعته كواكب الشهداء. وفي جانب آخر، أوضح الأمين الولائي للمجاهدين الحاج عمر أن منطقة سيدي الجيلالي هي الجناح الأساسي للولاية الخامسة التاريخية. وأشار ذات المتحدث إلى أن المنطقة الحدودية سواء في شرق البلاد أو غربها عانت الويلات جراء التشديد الفرنسي وظلم الاستعمار وتجبر الكولون. وكشف المجاهد الحاج عمر عن وفاة 249 مجاهدا بولاية تلمسان خلال السنة الماضية لوحدها في إشارة إلى أنه من الضروري الإسراع في تدوين شهادات المجاهدين. وأنه من واجب ومسؤولية كافة الجهات الاهتمام بهذا الجانب. أما مدير المجاهدين، فقال إن تاريخ بلادنا يعكس حجم التضحيات وأن المطلوب اليوم من المجاهدين التقدم إلى المتحف التاريخي بهضبة لالاستي بمدينة تلمسان من أجل تسجيل شهاداتهم وتقديم الوثائق التي بحوزتهم حتى يتسنى للمتحف التكفل بجمع الشهادات الحية وتسجيلها. وطلب الأمين البلدي لمنظمة المجاهدين بن موسى من المدير الولائي للمجاهدين إقامة نصب تذكاري تخليدا لروح 11 شهيدا. ومن جهة أخرى، كان المدير الولائي للمجاهدين قد عاين المتحف السابق بسبدو الذي تعرض للتخريب ولم تلتفت إليه السلطات.