انتهت تقارير أولية عكف على إعدادها مجلس المحاسبة إلى أن حوالي ثلث بلديات الجزائر من جملة 1541 بلدية موجودة على المستوى الوطني، معنية بالفساد المالي. وذلك في إطار تحقيقات باشرها منذ مدة مجلس المحاسبة الذي سينتهي قريبا من صياغة تقريره النهائي المندرج في إطار المراقبة المالية للمجالس المحلية. ونقلت بعض المصادر أن قضاة مجلس المحاسبة وقفوا على العديد من تجاوزات المنتخبين في مجال صرف المال العام وبالأخص تسيير الصفقات العمومية. وذلك من خلال كشف التقرير الأولي عن نقائص وثغرات كبيرة يعاني منها القانون الحالي المسير للصفقات العمومية، والتي أدت في النهاية إلى تعامل الجماعات المحلية مع مشاريع وهمية فضلا عن استعمال موارد البلديات المادية لأغراص شخصية. وحسب المعطيات نفسها التي نقلتها بعض الوسائل الإعلامية عن قضاة في مجلس المحاسبة، فإن عملية التحقيق استهدفت بصفة مباشرة حوالي 500 بلدية لأسباب لم يفصح عنها، خاصة في الناحية الشرقية والغربية للوطن، حيث من المرتقب أن يسلم التقرير النهائي للسلطات الوصية التي من شأنها أن تحرك دعاوى قضائية ضد المنتخبين الذين تلاعبوا بأموال المشاريع الاجتماعية بطرق مشبوهة، لاسيما وأن البلديات تلقت أموالا من الخزينة العمومية رصدت خصيصا لذلك. وتشمل التجاوزات التي ارتكبها المنتخبون المحليون في هذه البلديات بحسب تقرير مجلس المحاسبة، التورط في عملية تزوير واستعمال المزور في المحررات رسمية فضلا عن خروقات أخرى كثيرة تصب كلها في خانة الإخلال بالعهدة الانتخابية. ويأتي التحقيق في تسيير البلديات عشية إعلان وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني اعتزام الحكومة عرض مشروع القانون الجديد للجماعات المحلية على البرلمان وهو المشروع الذي سيجمع كل الصلاحيات في يد الإدارة ممثلة بالأمين العام للبلدية مما يعني انتهاء جدوى مشاركة الأحزاب السياسية مستقبلا في تسييرها. كما يتزامن التحقيق مع المنتخبين المحليين وبالأخص على مستوى البلديات مع الارتفاع المذهل للمحكوم عليهم بالسجن خلال العهدة الحالية، بسبب سرقة المال العام والفساد الذي يبدو أنه ينخر كل المؤسسات العمومية وبالأخص ذات الطابع الاقتصادي في الجزائر. كما تأتي أرقام التقرير لتؤكد صحة تصريح وزير العدل الطيب بلعيز عندما كشف أن أكثر من نصف إطارات المؤسسات العمومية متورطون في الفساد.