حينما قررت نجمة أن تكون تأشيرة سفرنا باتجاه ما نسميه الأفق المفتوح كان يخالجنا شعور غريب بأننا سنعيش رحلة مع الرمل فماذا يوجد في جانت غير الفراغ الشاسع والرمال الممتدة إلى لا نهاية ، لكن وبمجرد أن حلقت بنا الطائرة حدود المكان حتى غشانا نوعا من السحر، كان منتصف الليل موعد وصلنا وكان لا بد أن نهتدي وسط هذا الظلام الدامس ولأن "نجمة" كانت بساط الريح الممتد بين العاصمة حيث الشاطئ وزرقة البحر وبين جانت حيث الفراغ واللون المذهب للرمل فإن وصولنا بعد منتصف الليل كان تيها أضاءته "نجمة" ولنا أن نتخيل ليل كالح تتوسطه "نجمة" عبرها يحدد البدو اتجاهات الطريق وممراته الرملية فعبر "نجمة" لا يمكنك أن تتوه ولو كنت ضائعا بين فراغ يحده شمالا وجنوبا وشرقا وغربا كثبانا من الرمل..فقط اضغط على الرقم وأختر "نجمة"..تجد الآمان وتجد الطريق... لا يختلف اثنان إن رحلة نجمة لوفدها الصحفي رحلة غير عادية ولم تكن زيارة بسيطة وسياحة تعودنا عليها ولكنها كانت رحلة من زمن إلى آخر ومحطة أعدمت معنى الوقت واختزلت التاريخ في نقطة امتزاج بين الماضي والحاضر ومؤسسة وطنية تليكوم الجزائر " التي كانت رحلة التواصل إلى هناك حيث جمال الطبيعة ..وقداسة المكان وروعة الوجود وكان اختيارها لنادي الصحافة محطة من محطات الجمال و كانت تدري أي سحر هناك لتهدي للصحفيين الذين انبهروا بآيات الله في الجمال ..نجمة هذه المرة تجاوزت حدود الاتصال العادي لتنقلنا من التواصل العادي إلى التواصل الزمني حيث السحر والجمال والروعة والكرم منح فريق نجمة لنادي الصحافة عالم آخر ورحلة فيها ألف قصة وقصة..ورحلة استنشقنا عبيرها في كل موطأ مررنا به فلكل مكان في جانيت قصة وواقعة وجذور حكاية قديمة تمزج بين الأسطورة والحقيقة.. فإلى الرحلة.. زيارة عرضنا فيها أجسادنا للشمس الذي رص على المنطقة ة مما زادها إشراقا وجمال كما ألقينا بأقدامنا في بحور رمال.. المنطقة إحدى روائع السياحة الصحراوية في الجزائر. بمجرد أن نزلت بنا الطائرة في جانت في حدود منتصف الليل وجدنا ردا لسؤالنا الذي طالما حيرنا والمتمثل كيف تستقطب الصحراء كل سياح الجزائر ؟ وأدركنا أيضا لماذا تلقب بعاصمة التوارق يتعانق فيه السكون مع القديم فتتمخض عنه صحراء رائعة مدهشة هي جانيت انطلقنا في رحلة في سكون غامض يلف فضاء لانهائي لمنطقة مسحورة لم تفك طلاسمها بعد... جبال فارهة متعالية موشاة بنحت فريد.. ونحت لا يضاهى تتباين في عبقها فن ذك الإنسان الذي مر يوم ما فيها ومسحت الرياح أثار أقدمه جداريات ولوحات تشكيلية منتقاة.. أبى أن يتركه تاريخ له كثبان رملية تثير في النفس رغبة الغوص في تلالها الوردية... فجانت تتمتع بتراث ثقافي عريق ازدهرت به على مدى القرون الماضية كما تفخر بثروة هائلة من التراث الحضاري الذي ازدهرت بها على مدى القرون الماضية كما تمثل الجسر الثقافي الحضاري الذي يربط بين الشرق والغرب و البوتقة التي انصهرت بها الثقافات والأفكار والفلسفات العديدة لتخلق بلداً يتجدد جماله الخلاب على مر السنين لماذا اختارت "نجمة" بساط الرمل؟ وصلنا إلى هذه لمنطقة الساحرة في حدود منتصف الليل إلى قرية تنيري بعد الانطلاق على الساعة ال22 من مطار هواري بومدين بالعاصمة فبالرغم التعب الذي نال منا إلا أن الهدوء الذي يرمي بثقله في كل مكان و لا يقطعه إلا زمهرير يحمل معه برداً قارصاً عرف كيف يشعرنا بالرغبة في التفطن أكثر لتذوق أسرار تحاكيها صحراء صامتة لا يفك ألغازها إلا عليم بأن للرمل سفينة تدعى سفينة الصحراء، وحدها من تصنع يوميات بدو لا لغة لهم إلا "نجوم" ساطعة تحدد وجهات قوافلهم وتمنع عنهم الضياع ولأن النجوم فوق تحاكي السماء فإن "نجمة" الأرض نافست في السطوع نجوم السماء لتحجز لها مكانا في سماء النهار والليل معا ومع المتعامل "نجمة" فهمنا معنى أن تتكلم النجوم ويكون لها لغة تحمي التائهين وتقرب البعيدين.. استيقظنا صباح الجمعة مبكرين بنسمة جمال الطبيعة المتألقة تحت سماء ربيعي تزينه من حين إلى أخر قطع من السحاب الأبيض المتسابق في أرجائها زرافات زرافات وكأنه قطعان من الظعن قد خرقت سنن الجاذبية ومن تحتها زخرف احبك نسيجه الخالق المصور تتجاور فيه كثبان الرمال المتموجة في تشكيلات هندسية بديعة وحدائق من النخيل تئن عروفها بغلال من أجود ما في الأرض من الأنامل الذهبية دغلة نور انطلقنا في رحلة استكشافية نحو "تينمالي " التي تبعد عن مكان إقامتنا بما يفوق 150 كلم كان أنيسنا الوحيد هذا الكرم الذي جادت به الطبيعة من غير شح أضاف التورق أو أهل جانيت كرم الضيافة وحسن الاستقبال من غير تكلف ولا مراء وفتحوا لنا خزائن و كنوزا من الإبداع الثقافي وما تصنعه أيديهم من بديع الصناعات التقليدية وفي الجملة لم يكن منظم الرحلة بحاجة إلى تذكير الزوار وقافلة الصحفيين بما استحقت لأجله جانيت من ألقاب الجمال عن جدارة وبدون منازع وكانت الرحلة وكنا المبهورين بالسحر وعالم السحرة.. جانت ..نجمة في سماء رمل جانت وجدناها كما أوحى إلينا عروسا فهرة الجمال بسحر قاتل للملل فاتنة تتقلب في ألوانها كطائر الجنة تغازل وتداعب الحضور على حد سواء على قدر ما حبا الله من سعة إدراك الجمال حين يحضر وتذوقه كما يليق حضور حقيقي للجمال في أروع صورة كان رفيقنا في الرحلة ودليلنا الأول قادنا طيلة أيام الرحلة عبر الزمان والمكان في حظيرة الطاسيلي التي صارت أطلالا تشهد على عبور في الزمن ليس إلا ليس إلا لم تلتفت فيه الطبية ولم تحتضنه أهلها توقفنا بموقع "أسوداد" في ساعة من الهاجرة كانت اشد على بشرتنا القمحية نحن أهل البلد فأشفقنا منها على البشرة البيضاء للسياح الأجانب لكن التشوق لما وعدنا به في رحلة الاستكشاف فعل فينا فعل المكيف وأنسانا حرارة اليوم في أول عناق لنا مع الطبيعة الساخنة وارتمينا في حضنها الدافيء انطلقنا بعده الإفطار بالمنطقة يحفزنا الفضول وتغرينا الرغبة في اكتشاف سحر عروس الصحراء فأنسانا ما صادفنا من المناظر الخلابة جعلت للجمال لسانا ناطقا بحالها أنسانا ما يوافق عادة الحل والترحال من تعب وإعياء بل شغلنا عن بعضنا البعض وكان الطبيعة قد ألقت بحبال سحرها تغري كل واحد منا على انفراد وتغازله في نجوى عاشقين لا ثالث لهما بلغة صامتة كلماتها تشكيلات من الصخور التي تحكي أزمنة الأرض بعد أن دحاها مبدعها وتشكيلات متقلبة من كثبان الرمال تروي على مكث فعل الزمان في أوتاد الأرض ونجودها وبين هذه وتلك تتطاول نحو السماء رؤوس لا تحصى من الشجرة الطيبة التي وصفها من أبدعها أول مرة "أصلها ثابت وفرعها في السماء" عدنا للعشاء بقرية تنيري قبل أن نحضر حفل ساهر مع فرقة موسيقية للمنطقة أطربتنا من شعر فحولهم وكبار مشايخهم من الترقي الفصيح والملحون الذي لا يخلو من بلاغة ووقار تبار الأحداث والشيب ساعة من الزمن في بحور الشعر أبياته فلم يشغل أهل المنطقة عن أصول الضيافة فاقبلوا علينا بشاي المنطقة إلى غاية ساعة متأخرة في اليوم الثاني بجانيت وجدنا بانتظارنا سيارات من نوع الرباعية الدفع " كالعادة وبمجرد الانطلاق في رحلتنا الاستكشافية لمنطقة لم نكن نعرفه سوى عبر الحضارات المتعاقبة شرع المسؤول السياحي في شروحات عن بلدته بكل اعتزاز وافتخار لم نكن نحتاج إلى شروحات المهم هو أن المنطقة أخذنا سحرها وطيلة الطريق انبهرنا برمالها الذهبية فلاحظنا فيما يعرف بقرية تنيري صور الرجل الترقي تنعكس على رماله الذهبية وشكلت بذلك صورة رائعة و لوحة رائعة الجمال . وكان السؤال هل اختار فريق نجمة رسو سفينتا في هذا البحر من السحر صدفة أم أن منظمي الرحلة أرادوا أن يبلغوا رسالة للآخر عبرنا بأن الجزائر فوق الظنون وأن هذا البلد أكبر من أن تختزله رحلة ليحكم على بهائه وثورواته وانجازاته؟ نجمة تارقية في واد عتيق من تنيري إلى "اسنديلن" كيلومترات عديدة تفوق ال200 كلم عبر طرق متعرجة سار بين التشكيلات الصخرية الجبلية لنطل بعدها على واد بديع استأثرت الطبيعة الجبلية للمنطقة بسحره وكأنها تضن به لا تبدي زينته ألا لمن يدفع الثمن مسبقا بشيء من الجهد وقدر من الفضول والتطلع إلى ما وراء الربوة وسط الوادي الجميل ألقى الأوائل بفسيلات النخل ليجعلوا من بطن الوادي واحة بديعة أغرت بجمالها فاتخذت احد الترقيات منها مسكنا بعيد عن العالم أثارت عند زملائنا الصحفيين أكثر من سؤال وربما قدرا من التواضع أخفوه عن المرآة من باب الآداب وبكل الأحوال لم ينزع بهم إلى احتقار تلك البيت الطينية المصبوغة بلون أديم الأرض التي التقطوا لها صور فيما شيدت سقف بينت المرآة التي تعيش من رعي المعز بجذوع الأشجار والعجاف النخيل ويوصف هذا العمران بالبناء البربري لدى أهل المنطقة جمال الوادي والواحة المحصورة بين الربوات لم يمنع المرآة من التطلع إلى الحياة الروحية انشغلت فيه بتربية المعز بعيدا عن حياة المدينة والاسمنت والواضح أن راعية الماعز لا تحمل من آمان وسط هذا التيه من الرمل إلا هاتف رنان ولأن "نجمة" كانت موجودة في كل الأمكنة فإن العجوز التارقية كانت تخفي بين تجاعيد عمرها "نجمة" يمكنها أن تتواصل بها عبر من يفصلها عنهم الرمل والفراغ والضياع الموجود..بدلا من عصا تهش بها على ماعزها ..كانت العجوز تخفي هاتفها النقال ومن غير أن نسأل عرفنا أنها "نجمة" من كانت تؤنس غربة العجوز ووحدتها والطوب الذي يضم حياتها.. ألو "نجمة" نحن ضائعون ؟ وقبل الرحيل لم يجد الوفد الزائر ما يعبر به من مشاعر السعادة والابتهاج لما لقوه من وطنية تليكوم سوى التباري بدورهم على التقاط الصور في معالم الواحة التي يكون جملها قد ارتسم بمخيلتهم قبل أن تخلده الصور حتى المرشدة السياحية للرحلة التي هي بنت البلد تكون قد وقعت تحت سحر الواحة حتى كادت تضل بها الطريق ونحن عائدون إلى مكان توقف السيارات مشينا عدة امتار ولم نعرف الطريق ومواصلة رحلتنا الطويلة في صمت مطبق وبينما انزوى كل واحد منا مع ما التقطه وروائح وصور كانت مرشدتنا تستنجد بنجمة عبر هاتفها لتنقذنا من أمواج الرمال ورغم قليل من الخوف إلا أن الصورة الكاملة التي سوف تحتفظ بها الذاكرة التقطها الصحفيون حينما عادت الطريق إلى المرشدة ليعيش الصحفيين بعد العشاء على رقصات ونغمات القناوي عبروا بها من خلالها على انبهارهم بالجمال خلال حفل ساهر بخيمة تنيري بفرقة قناوي في ليلة تحكي أسراراً تحت نجوم شامخة و ضوء القمر يحكي لنا عظمة المكان و الزمان.. من الوادي الساحر بإسنديلن إلى تيكوباوين التي زرناها يوم الأحد الخرجة كلفتنا نحو 200 كلم من رحلة إلى قمة الكثبان الرملية والقمم الجبلية وكان بركانا قد رجف بالأرض فاحتمل الجبل ليكون آية وأيتها قبر شيد بالطريقة الترقية لملوك المنطقة توفيوا منذ آلاف السنين لم تكن لدي المعلومات الكافية عن أصحاب القبر كنت مريضة ولم أتحمل كثرة الأسئلة ولكنني عرفت أن هؤلاء ملوك المنطقة . البربر مرو من هنا..بل إنهم هنا؟ عدنا بعدها إلى الفيل العجيب و جولت ناظري في اللوحات المنقوشة التي تسفر عن براعة البربري العريق..الذي استقى عراقته ثم سقاها كل دوحة أو لوحة عانقت ناظريه.. لكم ساءلت نفسي،كيف تكون تلك الأيادي التي نهضت بمثل هذه الرسومات؟!! هل هي نفسها التي صافحت قسوة الصحراء و جفاء الصحراء و هجير الصحراء على الرغم من نعومة الرمال..؟!! رغم ما يحمله اسم الصحراء من عزلة وقحط..إلا أن طياتها و زواياها غزيرة بالعطاء ذلك لأنها تعلم الإنسان كيف يبني نفسه؛بالشجاعة، القوة، الثبات، الرقي، الشموخ،الشفافية. لم يفت فيها الصحفيين التقاط تلك الصورة الغريبة التي رسمها الله وسط صحراء ولعله إكرام من الله للمنطقة التي تعرف بقسوة الطبيعة أبدع فيها الله لتكون السياحة المصدر المعيشي الوحيد لسكان المنطقة توقفنا بموقع أخر المعروف أكثر بمآثره التي تعود إلى زمن ما قبل التاريخ وبالخصوص نحوثها الصخرية التي تجسدت في صور رافقت الإنسان الأول مثل صورة البقرة الباكية وهي كنز تاريخي يطلعنا على حياة الإنسان الذي عاش في المنطقة قبل أكثر من مليوني سنة وتعتبر من المزارات السياحية، المفخرة لجانت وسحراً للسائحين علاوة على أنها أرض الأحلام والشمس والرمال الذهبية و الكنوز التاريخية وحضارة قديمة يقف عليها كل زائر للمنطقة و برمج لنا الدليل السياحي في نفس اليوم زيارة إلى سوق جانيت يدعى سوق المدينة وليس له أي سلع سوى من البلدان المجاورة كليبيا وموريطانيا بل السكان تعودوا على تلقيبه هكذا فالسوق المذكور زاخر بالمنتجات المتنوعة، من الصناعة الترقية التي استطاعت التقدم وخاصة بالإضافة إلى المشغولات اليدوية التي تبيعها السيدات للسواح ولعل أجمل ما أثار انتباهنا هو ، هو التحف الفنية الرائع أصناف المنتجات الحرفية التي تعكس حضارة وعراقة ثقافة وأصول موطن الرجل الأزرق. كما تضمن برنامج رحلتنا أيضا زيارة الموقع التحفة وهو متحف الثروة النباتية و الحيوانية و المنحوتات الصخرية بتامتار الذي يعرض أصناف المنتجات الحرفية التي تعكس حضارة وعراقة ثقافة وأصول موطن الرجل الأزرق قدمه جداريات ولوحات تشكيلية منتقاة أبى أن يتركه تاريخ له كثبان رملية تثير في النفس رغبة الغوص في تلالها الوردية وعرضت تشكيلة ثرية من المنتجات بأحجام وأشكال متنوعة تستلهم زخارفها من عمق التراث الثقافي وبعض الأواني ذات الطابع البربري المتميز تجولت بعدها أنا وزميل من يومية الخبر تحت أقواس المدينة تذوقنا فيها طعم القهوة الترقية وما يعرف عندنا ب "المسمن" قبل مغادرة المكان في قطع من الليل استدلت الستار على زيارة ماراطونية لم نلتفت فيها لحظة لسريان الزمن نجمة تكرم ابن عثمان بالي أخر محطتنا في الزيارة هو تكريم نجمة لعثمان بالي الفنان الترقي الذي جرفته المياه في فيضانات 2005 حيث حرص رمضان جزائري مدير العلاقات العامة شخصيا على منح لوحة شرفية وهدية لابن عثمان بالي قبل أن يطربنا هذا الأخير بالجمل الأغاني الترقية رقص على نغماتها زملائي الصحفيين بخيمة بقرية تنيري واستحسن السكان التفاتة نجمة إلى هذا الوجه الذي رقى الأغنية الترقية جمال الطبيعة وسحرها الخلاب بهذه المنطقة كاد أن ينسينا ما تعاقب على المنطقة من توافد حضري تعرفنا إذن على جانيت و حسب شروحات الدليل السياحي فإنها تعد مركز تاريخي هام بنيت وتوسعت على ضفاف وادي جريو الشريان الرئيسي الذي استقطب سكان التاسيلي ازجر على ضفافه وكما مثلت مركزا حضاريا وحصنا فريدا من نوعه وتعتبر من أوائل موقع الاستقرار التام لسكان التاسيلي و عرفت جانت في ما مضى اقتصادا مزدهرا مبنيا على المقايضة إذ كانت منطقة عبور للقوافل و تشتق هذه المدينة اسمها من توقف القوافل للراحة بها واستغلال الكلاء للجمال حيث كانت القوافل تخيم في الأودية لاسيما وادي أجريو الذي يكسوه غطاء نباتي متنوع وهذا ما يقربنا من إحدى الروايات التي تتحدث عن أصل تسمية جانت إذ يروي أن احد الشيوخ كان يبحث عن نوقه مع ابنه فلمح الابن الناقات باركة فاخبر أباه "نغتين طلمين ننغ"ولكن الأب لم يتمكن من رؤيتها بحيث كانت باركة بين الأشجار فأكد الابن أن الناقات باركات "نغتين جانت" وهكذا لزم اسم جانت هذه الواحة لعبت المياه الجوفية دورا هاما في تثبيت السكان حيث بنوا بيوتهم التي جاورت مباشرة بساتين النخيل التي كانت النواة الولى للنشأة الواحة بالفعل فقد ساهم النشاط الزراعي في الاكتفاء الذاتي وكذا التبادل التجاري البني على المقايضة بين المستقرين والرحل حيث كانت تستبدل المحاصيل الزراعية المتمثلة في التمور والقمح والشعير بالحليب والسمن والجبن واللحوم وكان هذا النشاط الزراعي قائما نظرا لوفرة المياه على المقربة من السطح على شكل ينابيع أو عيون وكانت تستعمل أدوات جد بسيطة في الحرث والغرس وجني المحاصيل التي كانت تباع في السوق التقليدي لمدينة جانت تشهد اليوم الواحة اندثارا نظرا لكبر السن المزارعين الأوائل مما يضطرهم إلى بيع حقولهم مما حول واحة جانت وخاصة الجهة الشمالية إلى دكاكين عشوائية بالرغم من إنها رمزا للذاكرة الجماعية والمعارف الشعبية العريقة في كيفيات استغلال الموارد الطبيعية أضحت واحة بجلالها و عظمتها و كنوزها السياحية التي فاقت شهرتها الآفاق مع مر الأيام تستهوي الزوار والضيوف سواء جزائريين أو أجانب سيما خلال ذروة موسم السياحة الصحراوية. المدير العام لنجمة وخادم الرجال "سيدهم" لدى عودتنا في حدود الثانية صباحا لاحظنا في مطار "تيسكا" الدولي حركة نشطة ميزها إقبال لقوافل من السياح الأجانب وحتى السكان المحليين الذين تحملوا مشاق السفر من مدن بعيدة من أجل معانقة فضاء جانت المغري، أكثرية الوافدين هم من جنسيات أوروبية مختلفة إضافة إلى سياح يابانيين، الهائلة لجزائريين من الداخل وكذا مغتربين قدموا من فرنسا وإسبانيا على وجه الخصوص لتملّي روائع المنطقة على متن ظهور الجمال وإشباع نهمهم من المناظر الطبيعية الخلابة حيث الرمال الذهبية والصخور المنقوشة التي تعود إلى آلاف السنين. و من حيث لا ندري بدأنا نفتقد رائحة الصحراء شيئا فشيئا وتداعبنا ألوان وأطياف من الضوء تبشر بطبيعة أخرى الانتقال نحو سحر آخر لطبيعة جديدة ذوقها لنا المدير العام لوطنية تليكوم الذي وجدناه باستقبالنا بمطار العاصمة لدى وصولنا متعبين في حدود الساعة السادسة و عرف كيف ينزع التعب عن الوفد الصحفي حيث أصر جاد على تناول الوجبة مع الصحفيين بفندق الماركير..وفي النهاية ماذا أوصلت "نجمة" لوفدها الصحفي من رسائل غير أن الوطن أكبر من أن تحده صورة أو شكل معين فأينما تذهب تجده "نجما" سواء في البحر أو الرمل..والمهم أن فريق "نجمة" أفلح في أن يصنع حدث وحديث الليل حينما فك العزلة على سكان الرمل بعدما أنزل لهم وفدا صحفيا من كافة العناوين لينقل مشاغلهم إلى الرأي العام وليعطي صورة على الجزائر المغيبة التي يراد تشويهها وتشويه رملها..