ال214,21 ألف مليار دينار،، التي تعادل 268 مليار دولار أمريكي،، لا تكفي لإنعاش التنمية في الجزائر فحسب، بل إنها تكفي لبناء''دولة جديدة''، إن تم توجيه- هذه الأموال- في إطارها السليم، بمعنى أن تتم حمايتها من ''السراق'' والمتلاعبين بالمال العام. ولعل من أولى ضمانات التسيير الرشيد لهذه الميزانية ''المليارية'' أن يعهد الرئيس بها إلى وجوه جديدة، بعد أن أيقن الجميع أن عددا ''غير قليل'' من الوزراء إن لم يكن فاسدا فهو فاشل، وليس أهلا لئن يكون ضمن الفريق الذي يرجى منه تسيير أكثر من 21 ألف مليار دينار. ولذلك، فإن أكثر من فوطني غيور'' ينتظر أن يبادر الرئيس إلى إبعاد ''الفشلة'' من طاقمه الوزاري، ليعلم هؤلاء أن البقاء يكون ل''الأصلح'' و''الأنظف..'' ومادون ذلك فليست إلا أيام تتداول بين الناس. تلقى أعضاء الطاقم الحكومي خلال اجتماعهم الوزاري الأخير، تحذيرات من طرف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من أي تلاعب أو هدر للاعتمادات المالية الضخمة المخصصة لتحقيق نجاح البرنامج الخماسي المقبل 2010-.2014 يأتي هذا '' الإنذار'' ليرفع مجددا ''حمى'' تخوفات البعض مما يخفيه التعديل أو التغيير الحكومي المرتقب والذي يهدد بعض الحقائب الوزارية. وعبر الرئيس بوتفليقة، عن امتعاضه الشديد حيال سوء التسيير المالي لعدد من القطاعات الوزارية المكلفة بإنجاز المشاريع الاستراتيجية الكبرى، حيث توعد بمحاسبة دورية لوزرائه عبر عقد جلسات تقييمية لقياس وتيرة تقدم كل قطاع قائلا ''إن كل قطاع سيعرض على رأس كل سنة مدى تقدمه في تنفيذ برنامجه، وسنقوم كل سنة بتقدير الوضع المالي للبلاد، حتى نأخذ عند الاقتضاء وسائلنا المالية بعين الاعتبار ذلك أننا نستبعد مُقدما أي لجوء إلى الاستدانة من الخارج'.وتشير المعطيات الراهنة إلى أن انتقادات الرئيس وملاحظاته بشأن قضية تسيير المال العام تأتي كرد فعل لسلسلة الفضائح المالية التي هزت الكثير من المشاريع الكبرى وأثرت على تقدم أشغالها، وهو الأمر الذي ألزم الحكومة هذه المرة بأن تأخذ بنظر الاعتبار، السياسات المتبعة لتقويم التكاليف الإجمالية المحددة لإنجاز المشاريع الاستيراتيجية الضخمة، خصوصا بعد أن رصدت غلافا ماليا ضخما قدره 286 مليار دولار لتحقيق مخطط الاستثمارات العمومية المقبل. وقصد التقنين الأمثل لحملة القضاء على الفساد التي أقرها القاضي الأول للبلاد مؤخرا، تم توجيه تعليمات صارمة لمسؤولي القطاعات بهدف ''الإعداد الجيد للمشاريع من أجل تجنب إعادة تقويم التكاليف ومرافقة الإنفاق العمومي الهام لصالح التنمية بما يلزم من الصرامة للقضاء على أي إفراط أو تبذير في تسيير شؤون الدولة والجماعات المحلية• وقد اعتمد مجلس الوزراء المنعقد لثاني مرة هذا الشهر، خطة تنموية بحجم مالي إجمالي قدره 286 مليار دولار لتجسيد التزامات بوتفليقة المرتبطة بتحقيق برنامج الاستثمارات العمومية للفترة الممتدة ما بين 2010 إلى غاية ,2014 مع تخصيص غلاف مالي إضافي بقيمة 130 مليار دولار لاستكمال عمليات إنجاز مشاريع المخطط الخماسي المنصرم التابعة لقطاع السكك الحديدية، المياه والطرقات، على أن يتم رصد القيمة المالية المتبقية 156 مليار دولار لإطلاق مشاريع تنموية جديدة. وأفاد بيان رئاسة الجمهورية، أول أمس، أن 40 بالمائة من الحجم المالي سيخصص لتنمية الموارد البشرية، تتصدرها 5000 منشأة للتربية الوطنية تضمّ 1000 إكمالية و850 ثانوية، بالإضافة إلى توفير 600 ألف مقعد بيداغوجي جامعي و400 ألف مقعد آخر لإيواء الطلبة، وأكثر من 300 مؤسسة للتكوين والتعليم المهنيين، إلى جانب إنشاء أكثر من 1500 منشأة قاعدية صحية، منها 172 مستشفى و45 مُركبا صحّيا متخصصا و377 عيادة متعددة التخصصات، زيادة على حوالي 70 مؤسسة متخصصة لفائدة المعوقين. وسيلتزم البرنامج التنموي للخماسي القادم، بإنجاز مليوني وحدة سكنية، منها 2,1 مليون وحدة سيتم تسليمها خلال الفترة الخماسية على أن يتم الشروع في أشغال الجزء المتبقي قبل نهاية سنة ,2014 ويرافق ذلك توصيل مليون بيت بشبكة الغاز الطبيعي وتزويد 220 ألف سكن ريفي بالكهرباء، مع تحسين التزويد بالماء الشروب على الخصوص من خلال إنجاز 35 سدا و25 منظومة لتحويل المياه وإنهاء الأشغال بجميع محطات تحلية مياه البحر الجاري إنجازها، مع إنجاز أكثر من 5000 منشأة قاعدية موجهة للشبيبة والرياضة منها 80 ملعبا و160 قاعة متعددة الرياضات. ورصد برنامج الاستثمارات الجديد نسبة 40 بالمائة من الموارد لمواصلة تطوير المنشآت القاعدية الأساسية بإفراد حوالي 3100 مليار دينار لقطاع الأشغال العمومية قصد مواصلة توسيع وتحديث شبكة الطرقات وزيادة قدرات الموانئ، مع تخصيص أزيد من 2800 مليار دينار لقطاع النقل بهدف تحديث شبكة السكك الحديدية وتحسين النقل الحضري من خلال تجهيز 14 مدينة ب ''الترامواي'' وتحديث الهياكل القاعدية بالمطارات.