تشكل ظاهرة عمالة الأطفال تهديدا مباشرا للبناء والتناسق الاجتماعيين، فهل تندرج الجزائر ضمن خانة الدول التي تعاني من تفشي هذه الظاهرة. تشير الإحصائيات الرسمية الحديثة إلى أن ظاهرة عمالة الأطفال بالجزائر موجودة فعلا ولكن بنسبة قليلة. إلا أن هناك تضاربا في الأرقام حيث أحصت جمعيات الطفولة المسعفة بالجزائر حوالي مليوني طفل يعملون بشكل غير مشروع ومخالف للتشريعات المعمول بها، في حين المتفق عليه هو أن حجم عمالة الأطفال قدر بمليون طفل قاصر، منهم 500 دون 16 سنة. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الجزائر تحتل المرتبة الثالثة، مباشرة بعد مصر والمغرب فيما يرتبط بتنصيف الدول حسب تفشي ظاهرة تشغيل الأطفال. هل بإمكانكم تحديد القطاعات التي تستقطب عمالة الأطفال؟ في الحقيقة، لا يمكن أن ننكر أن الدولة تسعى جاهدة إلى تعزيز أعمال الوقاية من الظاهرة وذلك عبر وضع مقاربة شمولية تنبني على تنسيق واستنفار الفاعلين في الدوائر الوزارية والجمعوية والتربوية لبلورة إستراتيجية وطنية تجعل من عمالة الأطفال كأولوية اجتماعية. وقد بلغت نسبة تشغيل الأطفال في القطاعات الاقتصادية حوالي 17,0 بالمائة، مما يعني أن عمالة الأطفال لا تتركز في هذا المجال وإنما في المؤسسات التي تندرج في إطار ما يعرف ب''القطاعات غير المرئية''، وأعني بها تحديدا قطاع الخدمات كالنقل، الفلاحة، السوق...إلخ، والتي يسعى أرباب العمل فيها إلى استغلال اليد العاملة من صنف الأطفال وتحديدا القصر لتحقيق الأرباح بمقابل مادي رمزي. ما هي الأسباب الكامنة وراء بروز ظاهرة تشغيل الأطفال بالجزائر؟ . من جملة الأسباب الكامنة وراء عمالة الأطفال في الجزائر، الرسوب والتسرب المدرسيان اللذان يمثلان الرافد الأساسي للظاهرة، خصوصا في الطور الابتدائي بسبب تراكم العديد من العوامل المحفزة، أبرزها الفقر المدقع الذي يحول دون استكمال المنحى الدراسي جراء عدم تمكن العائلات في أغلب الأحيان من تسديد متطلبات اللوازم الدراسية، لذلك فللفقر دور كبير في رفع نسبة تشغيل الأطفال حيث يعمد الأولياء إلى تشغيل أبنائهم في سن مبكرة وفي أغلب الأحيان بطرق غير مشروعة بحجة ''المساعدة الأسرية'' لكسب لقمة العيش. هل تظنون أن غياب ''قوانين ردعية'' في هذا الإطار يقف وراء تفاقم الظاهرة؟ . في الواقع، الدستور الجزائري ينص على إشكالية ''التعليم''، وهنا أركز على إجبارية التعليم من 6 إلى 16 سنة، إلا أن هذا البند الهام لم يحل على مرحلة المراقبة والتنفيذ حيث نجد اليوم أطفالا ما دون 16 من العمر موزعين في سوق العمل، لذلك من الضروري وضع صيغ قانونية لردع الأولياء الذين يتقاعسون عن تأدية مهامهم ولا يتحملون مسؤولية رعاية أبنائهم ويهملون الشق التعليمي لهم. ما هي الأساليب الوقائية المقترحة للحد من تفشي عمالة الأطفال؟ . إلى حد الآن، لا توجد آليات لمراقبة الظاهرة وهناك دراسات كثيرة وعميقة تناولت دراسة الموضوع بمنظور واقعي وأثبتت عدم وجود حلول للتقليل من ظاهرة عمالة الأطفال التي اكتسحت العديد من المواقع، خصوصا الشواطئ والأماكن العمومية.