''عمالة الأطفال بالجزائر''، هو مصطلح مثير للجدل باعتباره تمهيدا لإقحام براءة الطفولة في العديد من الآفات الاجتماعية من جهة، وخرقا مباشرا للقوانين والمواثيق الدولية المصادق عليها من جهة أخرى. تنص المادة 15 من القانون رقم 11 90 المتعلق بعلاقات العمل، على أن ''السن الأدنى للتوظيف لا يمكن أن يكون أقل من 16 سنة....كما لا يمكن توظيف العامل القاصر إلا بناء على ترخيص من وصيه الشرعي ولا يمكن توظيف الطفل في أشغال خطيرة ومضرة بصحته الجسدية والعقلية''. وبإسقاط مضمون الصيغة القانونية على واقع عمالة الأطفال بالجزائر التي تجاوزت مليون طفل قاصر، حسب الإحصائيات المقدمة من طرف الهيئة الوطنية لترقية الصحة والبحث ''فورام''، نجد أن شروط التوظيف حسب عامل السن غير مراعاة في العديد من المجالات التي تشغل فيها اليد العاملة القاصرة وهو ما يطرح تساؤلا جادا: ما الفائدة من وضع نصوص قانونية وتجميد تنفيذها؟ فالطفل الجزائري اليوم، معرض للعديد من التجاوزات والأخطار جراء تراجع دور ''المطرقة القانونية'' التي أضحت تكتفي بسن قوانين لحمايته دون السهر على تطبيقها، وهو الفراغ الذي تستغله العديد من الأطراف، وخصوصا أرباب العمل الذين يبحثون عن تحقيق أعلى نسب للأرباح، ضاربين بصحة وخصوصية الطفل عرض الحائط. وتشير العديد من الدراسات إلى أن 60 بالمائة من الأطفال العاملين يتعرضون لمخاطر جسدية خلال تأديتهم لعملهم، إلى جانب احتكاكهم بمواد كيميائية قاتلة، على غرار المبيدات والمواد السامة التي تسببت في موت العديد منهم. كما يتعرض الأطفال العاملون لتشوهات جسدية على مستوى العمود الفقري والعظام وحالات نفسية محبطة، حيث أفادت بعض الإحصائيات بأن 72 بالمائة من الأطفال العاملين في قطاع الخدمات يبدأون عملهم في الساعة السادسة صباحا و95 بالمائة منهم لا يتوجهون إلى النوم إلا بعد الحادية عشرة ليلا. من جهة أخرى، وبمقتضى أحكام القانون رقم 0408 المتضمن للقانون التوجيهي للتربية الوطنية فإن ''التعليم إجباري ومجاني لجميع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 و16 سنة كاملة''، إلا أن الواقع يسجل ''تحايلا'' آخر على القانون، حيث نجد أنه من الأسباب الرئيسية لتفشي ظاهرة عمالة الأطفال بالجزائر التسرب المدرسي أو عدم الالتحاق بالمدرسة أصلا بداعي ''مساعدة الأسرة''، حيث تؤكد إحصائيات سابقة لوزارة العمل أنه من مجموع 1.300.000طفل عامل، 56 بالمائة منهم فتيات عمرهن مابين 6 سنوات إلى 16 سنة، أجبرن على العمل بدل التمدرس، في حين بلغت نسبة عمالة الأطفال ما دون سن 15 سنة 28 بالمائة، وهو ما يخالف التشريعات القانونية. ومن خلال هذا الطرح يمكن القول أن ''عمالة الأطفال'' المحرمة قانونيا وإنسانيا قد وجدت طريقها إلى المجتمع الجزائري بفعل عاملين أساسين، أولهما عدم تنفيذ الصيغ القانونية التي تلزم عدم استخدام اليد العاملة القاصرة، ثانيا تخلي العديد من الأولياء عن مسؤولياتهم تجاه أبنائهم بحجة الفقر.