تعرف منذ شهر جوان المنصرم معظم مصالح الولادة، وعلى وجه الخصوص بالعاصمة، اكتظاظا رهيبا حيث أصبحت النساء الحوامل "يتسولن" مكانا للولادة من مستشفى إلى مستشفى، وتوسعت رفقة "المحسوبية" (أي الوساطة) داخل المستشفيات بغية الظفر بمكان مهما كانت ظروف الاستقبال وظروف التوليد حتى لو اقتضى الأمر أن تتقاسم مريضتان سريرا واحدا. وضعية كارثية ومأساوية تُميّز معظم مصالح التوليد في العاصمة سواء من حيث الخدمات المقدمة أو من حيث طاقة الاستيعاب والتماطل في التكفل بالمرضى. ومما زاد من تأزم الوضع غياب أماكن للولادة بسبب الاكتظاظ الذي تعيشه هذه المصالح، ولم يُحرك هذا الوضع القائمين على قطاع الصحة البحث عن الحلول التي تقضي على هذه الظاهرة التي باءت تؤرق الأزواج والحوامل على حدّ سواء. في هذا الإطار، لم تعد مصلحة التوليد بمستشفى بني مسوس على سبيل المثال قادرة على التكفل بأي حالة توليد ونفاد كل الأماكن، وحتى "بالوساطة" لم يعد ممكنا الظفر بمكان، نظرا للعدد الهائل من النساء الوافدات من مختلف بلديات العاصمة وحتى من الولايات الأخرى، وبالتالي تُستقبل عائلة المرأة الحامل بعبارة "المصلحة لا يوجد فيها مكان"، ودون مراعاة لوضعية المرأة إن كانت في حالة خطيرة أو لا، ويُطلب منهم نقلها والبحث عن مكان لها في مستشفى آخر، خاصة إذا كانت الحامل تنتظر مولودها لأول مرة حيث تتخوف معظم المستشفيات من انعكاسات ومضاعفات الحمل الأول، لتجد المريضة نفسها في رحلة بحث هنا وهناك عن مكان للولادة دون جدوى إلا في حالات استثنائية جدا أو عن طريق الوساطة. في سياق متصل، أكدت مصادر موثوقة ل"البلاد" أن مستشفى زرالدة هو الآخر تم توقيف به مؤقتا استقبال النساء المقبلات على الولادة. وكشفت مصادرنا أن المصالح الطبية قالت إن اتخاذ هذا الإجراء يعود إلى وجود "فيروس" داخل مصلحة التوليد وانتشر بين بعض المريضات، مما استدعى بعد اكتشافه اتخاذ إجراءات عزل هذه الحالات والشروع في عملية تعقيم وتطهير المصلحة من هذا الفيروس الذي تكون انعكاساته خطيرة على الأم والجنين ومعظم المقبلات على الولادة. هذا الوضع بمستشفى زرالدة أزّم الوضع أكثر بالعاصمة وأصبح الضغط رهيبا على مصالح المستشفيات الأخرى. في إطار ذي صلة، وقفت "البلاد" على حالة سيدة كانت بصدد الولادة في شهرها الثامن، لم تجد مكانا في أي من المصالح التي قصدتها، واستقرت بمستشفى "باينام"، فأخبروها أن جميع الحاضنات لوضع طفلها باعتبار أنه سيُولد غير كامل هي مُعطلة، بمعنى أنه لا يُمكن استقبالها في هذا المستشفى أيضا، غير أن مساعي حثيثة من طرف عائلة المريضة تكللت بقيام إدارة المستشفى بإصلاح إحدى الحاضنات حتى تتمكن المريضة من وضع مولودها. هذه المشاكل التي يرى بعض الأطباء أنها في بعض تكون مختلقة من طرف مصالح التوليد حتى لا تشهد اكتظاظا، وكذا التنصل من المسؤوليات لا سيما عندما يُواجهون حالات ولادة مستعصية. ورغم أن مشكل الاكتظاظ في هذه المصالح مشكل يتكرر سنويا رغم الشكاوى والمشاكل الناجمة عنها، إلا أن السلطات المعنية لم تجد حلا لهذه المعضلة لا سيما طريقة استقبال المقبلات على الولادة التي تكون سيئة جدا، ولا يكلّف المعنيون بتسيير هذه المصالح أنفسهم جهدا بسيطا للتخفيف من معاناة العائلات والمريضات.