لا تكاد تخلو الساحة الفنية العربية، لهذا العام، من السياسة والحديث عن الأزمة التي تمر بها دول الشرق الأوسط، خاصة ما تعلق بسوريا، ومصر، ويجد المشاهد العربي نفسه في دوامة السّياسة، في الواقع وعبر الفضائيات، من خلال اكتساح الأعمال الدرامية التي تتمركز في مواضيعها على السّياسية، أو تحمل بين طياتها وبين أسطر نصوصها هجوما على الأنظمة. ما يستفزك في المسلسلات الرّمضانية المعروضة للسّنة عبر الدراما المصرية، أنها لا تخلو من التهجم على الرجل المتدين، في المجتمعات العربية والإسلامية، في إشارة من صنّاع هذه الأعمال إلى أن التدّين يساوي "تطرف وتخلف"، وهذا من خلال عدد من الأعمال التي جاءت لتستفز نظام "الإخوان"، رغم أن بعضها بث عبر القناة الحكومية، على غرار "الداعية" الأمر الذي اعتبرته النّقابة المصرية للفنانين انتصارا للفن في وجه "الحكم الدكتاتوري". ويستنكر البعض اقتصار الدراما الرّمضانية المصرية على التهجم على الرّجل العربي المتديّن من خلال إظهار صورة سيئة له، ومحاولة هذه الأعمال تشويه المعنى الحقيقي للوسطية، بالحكم على صاحب "اللّحية و القميص"، بالتّطرف، فلا نجد ولا عمل واحد في أكثر من عشرين مسلسلا مصريا يعطي الصورة "النّظيفة والواقعية" للمسلم الملتزم. وتدور أحداث مسلسل "الدّاعية" الذي يقوم بأداء دور بطولته الفنان هاني سلامة، حول داعية من دعاة الفضائيات، يحاول العمل إظهاره بالبذلة ذات "الماركة" العالمية وربطة العنق الأنيقة ونظارة طبية آخر صيحة، ولحية مشذبة على أحسن ما يكون كما يظهر العمل هاني سلامة بصورة الرجل المتطرف، و"المتخلف"، والانتهازي الذي يعيش في قصر يكفي لسكن قرية بأكملها ينتقل بسيارته الفارهة بين المساجد والفضائيات لإلقاء الدروس والمواعظ موجها حديثه "المتزمت" إلى جمهوره من الشباب الذي يسكن العشوائيات، ولا يجد فرصة عمل ويحلم بالزّواج، وذلك إلى جانب مسلسل "الشك"، الذي قام بأداء دور بطولته الفنانة مي عز الدين، حيث يظهر زوج أختها بالعمل مظهر الرجل "المتدين"، العنيف الذي يقدم على إهانة زوجته وضربها وتعنيفها بسبب ودون سبب. كما لم تخل الدراما السورية محتشمة الإطلالة هذا العام، من السياسة، بطريقة "زئبقية" ذكية، من خلال الحديث عن الوضع السوري دون الانحياز إلى طرف على حساب الآخر، وتظهر مشاهد مسلسل "سنعود بعد قليل"، الذي أدى دور بطولته عدد من النجوم، الحوارات بين الشباب السوري، حينما سألت "كندة علوش"، في دورها بالعمل صديق لها عن انتماءه السياسي، والذي أجاب بدوره بابتسامة نابت عن تهربه العلني من الكشف عن موقفه، أيضا، قصي خولي الذي أدى دور رجل الأعمال الذي يحاول الخوض في سوق السلاح والاتجار باستقرار بلاده من خلال المتاجرة مع الطرفين النظام والثوار وتهريب الممنوعات عبر الحدود السورية أو ما يعرف ب"الاستثمار في الأزمة".ووجد الفنان السوري نفسه هذه السنة مشردا عبر مختلف الأعمال المصرية، الأمر الذي فرضه الوضع السياسي الرّاهن لبلاده، حيث حمل عددا من الممثلين السوريين أمتعتهم نحو الدراما المصرية، بحثا عن "لقمة العيش"، على غرار الفنانة كندا علوش، مكسيم خليل، جمال سليمان وغيرهم، حتى الجزائرية آمال بوشوشة التي ظهرت خلال السنتين الماضيتين في أعمال رمضانية عبر الدراما السورية، هاجرت إلى نظيرتها المصرية من خلال مسلسل "تحت الأرض"، الذي لم تلق من خلال الرواج الذي لاقته في تعاملاتها مع المخرجين السوريين.