دخل اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، سنته الخامسة، دون أن يتحرر من عقد الهاجس الأمني التي ظلت تحكم العلاقة بين الطرفين. ومنذ الفاتح من شهر سبتمبر 5002 تاريخ بدء العمل باتفاق الشراكة ظلت الملفات الأمنية العامل الأكثر ربطا للعلاقة بين الطرفين فيما ظلت السياسة بين أوروبا والجزائر تحكمها النظرة الفرنسية للداخل الجزائريئ الأمر الذي زاد من توظيف الورقة الفرنسية لصالح باريس على حساب المصالح المشتركة بين الجزائر ودول الاتحاد. حيث أبرز مشروع الاتحاد المتوسطي حجم المطامع الفرنسية في منطقة حوض البحر المتوسط، إذ تسعى فرنسا إلى الإنفراد بالمنطقة بتزعمها دائرة المتوسطي في الوقت الذي شرعت فيه دول شمال إفريقيا عموما ودول المغرب العربي خصوصا في مفاوضات متواصلة مع الاتحاد الأوروبي الذي نجح في الحد من السطوة الفرنسية في المنطقة بعدما ظلت باريس ولعقود طويلة الوجه الأوروبي الوحيد في المنطقة. وإذا كان وزير الخارجية مراد مدلسي الذي طار إلى اللوكسمبورغ على رأس وفد جزائري هام يسعى لطرح كافة أوراق الشراكة في الاجتماع الخامس لمجلس الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي فإن الحصيلة حسب الموقف الجزائري سلبية للغاية خاصة في تركيز الاتحاد الأوروبي على تشجيع المبادلات التجارية على حساب القطاعات الأخرى وتجنب الاستثمار المباشر مما يهدد بغياب التوازن في المصالح بين الطرفين إضافة إلى أن أوروبا لازالت تنظر إلى العلاقة مع الجزائر وباقي دول المنطقة علىئ طريقة البحث عن دركي أو شرطي يحمي أمنها من الجنوب في الوقت الذي تتجنب دول الاتحاد الأوروبي فتح نقاش آخر في المفاوضات يخص المعاملات السياسية وكذا محاولة فعسكرةف التعاون مع دول المنطقة دون أن تضع الأطر التي تساعد على محاربة الإرهاب بشكل فعال وتبدو أوروبا وكأنها تريد أن تحارب الإرهاب من دول الساحل دون خسائر في الأرواح وفي الأموال. وأوروبا التي تدعم حكوماتها الكثير من أنماط الاستفزاز التي تدعم الحركات المتطرفة وتمنحها شرعية الضرب من جديد، أوروبا تتجاهل هذه الصورة السلبية التي تصنعها حكوماتها وتعمل في المقابل على محاولة فرض منطق مفاوضات بعيون أمنية تحمل من خلالها دول شمال إفريقيا مسؤولية أمن الشمال بدءا من الجنوب. وإذا كان اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأروبي يحمل شقا اقتصاديا وسياسيا وإنسانيا فإن التعامل الأوروبي مع قضايا المهاجرين، أصبح أكثر تشددا بعد صعود أسهم اليمين المتطرف وفتح نقاشات تتعلق بالهوية في أوروبا ورموز دينية أخرى. كما حدث في سويسرا التي منعت إقامة المآذن ومحاربة الحجاب في فرنسا والإجراءات الأمنية التي تتخذها العديد من الحكومات لدول الاتحاد الأوروبي، هذا الأمر سيظل مرتبطا بالهاجس بالأمن الذي تبحث عنه أوروبا في دول الساحل بعدما عملت الحركات الإرهابية على محاولة الالتفاف على بعض القضايا الحساسة لكن دون جدوى، إلا أن هذا المظهر الذي تعمل أوروبا على تشجيعه في الشمال يمنح بشكل أو بآخر شرعية منطق التدمير الذي ينشأ في دول الساحل ويؤثر على منطقة شمال إفريقيا بشكل مباشر. أمنيا دائما لايزال هذا الملف هو الطاغي والمتحكم في العلاقة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر التي برهنت على قدرتها وإمكانياتها في التعامل مع الظاهرة الأمنية بكل احترافية، فقد كشفت الجزائر عن واحد من أخطر التحالفات في الساحل بين الجماعات الإرهابية وشبكات تهريب المخدرات المدججة بالأسلحة. هذا التحالف الذي ظهر مؤخرا حاربته الجزائر على مدار سنة 9002 والشهر الخمس الأخيرة من السنة الجارية بشكل أدى إلى تقويض الطرق الرئيسة التي كانت تشكل محور عبور الشبكات الإجرامية والجماعات الإرهابية في المنطقة، لكن الجزائر التي تحرص على التطبيق الجاد لبنود اتفاق الشراكة مع الأوروبي تنتظر جدية أكثر من الطرف الآخر في التعامل مع القضايا السياسية المرتبطة بالمصالح الجزائر بما في ذلك الشق الاقتصادي من المسألة، حيث أن الاتحاد الأوروبي يتعامل مع الشق الاقتصادي من المسألة بحذر أمني مبالغ فيه وسياسي مكيف وفق حسابات عواصم أوروبية معروفة وهذا ما يتطلب تداركه بالمزيد من الضغوطات لأن الجزائر تملك أرواقا تشكل لب العلاقات التشاركية للاتحاد الأوروبي مع بلادنا المتمثلة في الهاجس الأمني الذي يؤرق دول الاتحاد وتبحث عنه جنوبا.