يجب أن يحاكم الإعلام المصري أمام القضاء لأنه ينشر الفتنة والكراهية الدول الكبرى تتغاضى عن جرائم الأسد لأنها تهتم بمصلحتها أولا يعتقد الدكتور فوزي أوصديق أن ما حدث في مصر يعتبر جريمة بكل المقاييس، وهناك لجان تقصي للحقائق أثبتت بأنه وقعت مجازر حقيقية ضد الإنسانية وليس ضد المصريين فقط، وهذا بشهادة منظمات معترف بها دوليا تعمل الآن على تحريك في آليات على مستوى مجلس حقوق الإنسان لتوثيق هذه الجرائم". كيف تقرأ ما حصل في مصر.. البعض يقول إن "الإخوان" ظلموا أنفسهم وأسقطوا حكمهم بيدهم؟ هذه المقولة حق يراد منه باطل، وأتصور أن أي ممارسة ديمقراطية صحيحة ونزيهة تشترط الاحتكام إلى صناديق الانتخاب، وبالتالي فإن ما يمكن تسميته ب"ثورات الفوتوشوب" ماهي إلا مؤشرات للممارسة الديمقراطية؛ لكن الحكم الفاصل يكون عن طريق الصندوق النظيف غير المصادر والمسيس أو المزور. ورغم هذا، ارتكب الرئيس المصري المعزول محمد مرسي العديد من الأخطاء من بينها أساسا عدم الاحتكام إلى الرأي الآخر أو احتواء الأطراف والحساسيات الأخرى الموجودة في الساحة السياسة، لكن هذا ليس مبررا بأي حال من الأحول للانقلاب العسكري، وأعتقد أن هذا الانقلاب جريمة وخطيئة كبرى ارتكبت في حق مرسي و"الإخوان" والتجربة الديمقراطية الفتية المصرية ككل. لكن كثيرون يقولون إن ما حدث هو "انقلاب شعبي" وليس عسكريا، فالجيش لم يتحرك إلا بعد خروج أعداد غفيرة في مظاهرات 30 جوان.. أعتقد أن أرقام المتظاهرين سواء في "ميدان التحرير" أو "رابعة العدوية و"نهضة مصر" كان مبالغا فيها جدا، ذلك أن الحرم المكي نفسه في موسم الحج وما أدراك، لا يمكن له أن يحتوي تلك الأعداد الضخمة رغم أنه أكثر اتساعا من "ميدان التحرير" و"رابعة العدوية".. وأقول لك هنا إن منطق الاحتكام إلى الشارع من خلال المظاهرات لا يمكن اللجوء إليه في أي عمل ديمقراطي مؤسس، والمظاهرات ماهي إلا مؤشر حول شعبية أو عدم شعبية هذا أو ذاك.. "جماعة تمرد" مثلا تقول إن "واتر غيت" أطاحت بالرئيس نيكسون.. لكن نيكسون تمت الإطاحة به لأنه تجاوز القوانين التي كانت تحكم الجمهورية في تلك المرحلة.. أما مرسي لا يمكننا الحكم عليه خلال سنة واحدة من حكمه، كما أنهم لم يتركوا له فرصة للعمل وتنفيذ مشاريعه ووعوده وبرنامجه الانتخابي.. وفي كل الأحوال، لا يمكن أن يكون اختلاف الرؤى السياسية مبررا لتنفيذ انقلاب عسكري. كيف تنظر كحقوقي إلى ما حدث أثناء فض اعتصامات أنصار مرسي وسقوط مئات القتلى؟ ما حدث يعتبر جريمة بكل المقاييس، وهناك لجان تقصي الحقائق التي أثبتت بأنه وقعت مجازر حقيقية ضد الإنسانية وليس ضد المصريين فقط، وهذا بشهادة منظمات معترف بها دوليا على غرار "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة الكرامة"، وهي تعمل الآن على تحريك آليات على مستوى مجلس حقوق الإنسان لتوثيق هذه الجرام، وبدأت تتخذ الإجراءات كتحيين الوثائق الخاصة بالجرائم التي ارتكبت بغرض محاكمة المتورطين. ماهي الخطوات اللازمة لتحريك دعاوى قضائية دولية في مثل هذه "الجرائم"؟ لقد حدثت إعدامات خارج نطاق القانون وانتهاك لحرية التعبير، وهناك حوالي 200 ملف حول هذه الجرائم.. وفي البداية يتم رفع التقارير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ثم يحول إلى مجلس الأمن الذي يدرس إن كانت ترتقي لمستوى الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية، وبموجب الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الخاص بالسلم والأمن الدوليين؛ يتم تحويل الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية.. وطبعا "الجنائية الدولية" تتحرك من خلال 3 آليات، وهي إما عن طريق خطاب أحد الدول الأطراف، ومصر ليست طرفا في هذه المحكمة، أو عن طريق مجلس الأمن أو المدعي العام للمحكمة. لكن بالنسبة لمجلس الأمن، ألا تعتقد أن يواجه الملف عرقلة من طرف دول "الفيتو" على غرار أمريكا التي يبدو موقفها غير واضح، حتى أنها لا تسمي عزل مرسي ب"الانقلاب العسكري"؟ هذا وارد وممكن، وهنا أشيد بالاتحاد الإفريقي الذي جمد عضوية مصر فيه بعد يومين فقط من عزل مرسي وأرسل بعثة "حكماء" إلى مصر. أما الولاياتالمتحدة، فلم يتضح الموقف ولم تكيف الأحداث على أساس انقلاب عسكري، حتى أن هناك صراعا بين البيت الأبيض و"البنتاغون" حول هذا الأمر، وقد تطرق "السيناتور" جون ماكين إلى هذا الشيء بطريقة ساخرة جدا. ماهي طبيعة "الجرائم" التي ارتكبت في "رابعة العدوية"؟ يمكن تقسيم هذه الجرائم التي ارتكبها العسكر إلى ثلاثة، وهي كلها ضد الإنسانية وتنتهك حقوق الإنسان، أولها الاختفاء القسري، وثانيها الإعدامات خارج القانون على غرار تصفية العديد من المساجين، وأذكر لك "مجزرة سجن أبو زعبل" مؤخرا كنموذج، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية، ومعناها لما تريد إيذاء مجموعة معينة نتيجة آراء سياسية أو معتقدات فكرية ودينية مثلا. ألا تعتقد أن دول الخليج، كان لها دور في الإطاحة بنظام مرسي خوفا من امتداد "الإخونة" إليها؟ ممكن أن يكون ل"الأجندة الخارجية" دور فيما حدث، لكنها ليست المحرك الأساسي للأمور.. عندما أرادت الشعوب العربية أن تتحرر وتنتفض وترفع الكبت سمينا ما حدث ب"الربيع العربي"، ولما نفس الشعوب أرادت استرجاع ما سلب منها سمي الأمر شتاء أو "خريفا عربيا".. ومن هنا لا يجب أن نلصق التسميات والتهم هكذا على حركية المجتمع، لأن الشباب الحالي سواء في الجزائر ومصر وغيرهما؛ شباب دون عقد وشباب تواصل اجتماعي يمكن منحه جنسية عالمية، لو صح التعبير، ويحمل أفكارا ويستطيع أن يغير أشياء كثيرة، وبالتالي يكون التغيير من الداخل بطرق سلمية أحسن من أن يأتي من الخارج. وهنا أستذكر ما قاله الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح "أحسن لنا أن نحلق ذقوننا قبل أن يأتي ناس يحلقون لنا الرؤوس والذقون معا". بصراحة.. هل كانت "حركة تمرد" من صنيعة "العسكر".. يعني "سيناريو" معد مسبقا لعزل مرسي وجماعته؟ بكل تأكيد.. وكل المؤشرات تقول ذلك، وعزل محمد مرسي، وهو الرئيس المنتخب، أعد له بطريقة ذكية وجيدة منذ أشهر عديدة، وكانت "حركة تمرد" مجرد واجهة لتنفيذ هذا المخطط لا أكثر ولا أقل. كيف تنظر إلى تعاطي الإعلام المصري مع الأزمة منذ بدايتها؟ في الحالة المصرية نجد أن الإشكالية الكبرى تتمثل في الإعلام، فبدل نشر ثقافة التسامح والحوار والتعايش، تعمل مختلف الفضائيات على نشر الكراهية.. وأذكر لك هنا على سبيل المثال محكمة "أروشا" في تنزانيا وهي محكمة دولية أصدرت في يوم من الأيام حكما ضد إذاعة "القلال السبعة" واتهمتها بارتكاب جرائم ضد الإنسانية لأنها كانت تنشر الكراهية بين قبيلتين مما تسبب في وقوع العديد من الجرائم. ومن هنا فالإعلام المصري ينشر الكراهية ويستحق المحاكمة، ونذكر جيدا كيف تعاطى هذا الإعلام مع الأزمة التي حدثت مع الجزائر، إذ عمل على نشر الفتنة والكراهية بين الشعبين الشقيقين. ألا يبدو غريبا أن ينال حسني مبارك "مسلسلا من البراءة"؟ أنا لا أتدخل في القضاء لأن قراراته سيدة منذ القدم، ولكن الظرف والوقت الذي جاءت فيه تبرئة مبارك، تدعو للشك والريبة، وأحيلك هنا إلى الثورة الفرنسية، فحين قامت كان أول من وقف ضدها هي "حكومة القضاة"، كما كانوا يسمون، لأن القضاة كانوا ضد القرارات الثورية وكان لديهم ممارسات من النظام القديم.. وبالتالي نجد أن تبرئة مبارك غير بريئة وكشفت عن وجود تواطؤ للعسكر مع الفلول. هل يمكن أن يعود مبارك إلى الحكم؟ استحالة مطلقة، لكن مبارك خلال 30 سنة خلف "مباركات صغيرة" أو "فلول" ونجد أنهم حاليا يتحكمون في كافة مفاصل الدولة المصرية. نتحول إلى الأزمة السورية.. أوباما تحدث عن "خطوط حمراء"، ورغم ذلك تم استخدام السلاح الكيماوي ووقعت مجزرة راح ضحيتها 1400 قتيل على الأقل.. ما تعليقك؟ بالنسبة لاستعمال الكيماوي والبيولوجي ومختلف الغازات السامة، فإنه توجد اتفاقيات دولية تحرم تحريما مطلق استعمال مثل هذه الأسلحة، وفي سنة 2003 أسست منظمة للحد من انتشار الأسلحة الكيماوية تضم 188 دولة موقعة عليها، وهنا 10 دول لم توقع من بينها سوريا.. كما أن "نظام روما" أو المحكمة الجنائية في المادة السابعة والثامنة تصنف استعمال السلاح الكيماوي على أساس أنها جرائم حرب وضد الإنسانية حتى لو كانت الحرب داخلية، ولهذا نجد على مستوى التنظيم الدولي تحريما مطلقا، ولكن العديد من الدول قد يصيبها قصور أو سوء تقدير لأنها تنظر إلى مصلحتها بالدرجة الأولى قبل مصلحة البشرية. وفيما يخص سوريا، فإن المجتمع الدولي تخاذل خذلانا كبيرا رغم أن هناك استعمالا للكيماوي والصور والتسجيلات أكبر دليل معبر على ذلك. وأتصور أن المجتمع الدولي أو الدول الكبرى عاجزة عن إيجاد حل وتتحرك ببطء شديد لحل الأزمة أو التحرك ضد نظام الأسد، وذلك لسبب بسيط وهو أن الصراع في سوريا ليس داخليا أو بحثا عن الحرية والديمقراطية، وإنما إقليميا، فحدود سوريا متاخمة لحدود إسرائيل. نقرأ حاليا تقارير عن تدخل عسكري أمريكي وشيك.. ما رأيك؟ الوضع يشبه الساحر، الناس تنظر إلى يده اليمني في حين أنه يركز على يده اليسرى، وكل ما يحدث الآن هو استعراض للعضلات فقط، وأعتقد أن هناك مفاوضات سرية ليست معروفة للعيان بين روسيا وأمريكا والصين لإيجاد حلول وسطى للأزمة تحفظ ماء وجه المجتمع الدولي وتعاقب من تسبب في استعمال الكيماوي. هل تتوقع زوال النظام السوري أم استمراره؟ النظام السوري ذاهب للزوال سواء عن طريق الديمقراطية أو السلاح، لعل مؤتمر "جنيف 2" القادم هو من سيحدد طريقة الرحيل، وأعتقد أن هذا المؤتمر تم تأخير نتيجة استعمال الكيماوي، وقد يكون مفيدا للشعب السوري أو "طامة كبرى".