الشاعر رابح ظريف ل"البلاد": أنصح سلال بإلغاء وزارة الثقافة إذن أثار الوزير الأول عبد المالك سلال زوبعة حقيقة وغضبا عارما، أمس، وسط المنتسبين للشعر والأدب، وذلك بسبب ما اعتبروه إهانة لهم، بقصد أو بحسن نية، خلال ندوة حول "رهان قطاع التربية" نظمت أمس ب"الثانوية الرياضية" في العاصمة. وقال سلال المعروف بخرجاته الغريبة في كل مرة، إن الدول والمجتمعات التي لا تعتمد في تكوينها على العلوم والرياضيات ليس لها أي مستقبل"، مضيفا بلهجة عامية "اقعد في الشعر وقل أعوذ برب الفلق". ولا يبدو أن الوزير الأول انتبه إلى أنه أخلط بين "الشعر"، كما يفهمه، والآية القرآنية "قل أعوذ برب الفلق.. من شر ما خلق". ومضى سلال في مقطع آخر من كلمته "الدفاع الوطني لا يبنى بالشعر وكلام من سبيل وملتي واعتقادي.. ملتي واعتقادي لن توصل إلى شيء"، وهذه الكلمات تحمل إشارة واضحة لإلياذة الجزائر التي كتبها شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا وجاء في مقاطع منها "فيا أيها الناس هذي بلادي.. ومعبد حبي وحلم فؤادي وإيمان قلبي وخالص ديني.. ومبناه في ملتي واعتقادي". والغريب في الأمر، أن مدراء التربية وأعضاء "المجتمع المدني" الذين كانوا حاضرين، صفقوا طويلا بعد كلام سلال، بينما سخط نشطاء وكتاب جزائريون عبر موقع "فيسبوك" على هذه التصريحات التي اعتبرت إهانة غير مقبولة في حق الشعراء والأدباء الجزائريين وتقلل من شأنهم، خصوصا أنها تأتي من مسؤول جزائري بحجم "وزير أول". واستغرب المتابعون لهذه التصريحات "الغريبة" كيف يتهكم الوزير الأول على الشعر والثقافة عموما، وتساءلوا عن جدوى تنظيم مهرجانات وملتقيات خاصة بالشعر والأدب تصرف عليها الملايير من الخزينة العمومية، لتأتي الإهانة لاحقا بهذا الشكل. وقالت بعض التعليقات على "الفيسبوك" إنه إذا كان سلال يرمي من خلال هذه الكلمة إلى التركيز على العلوم التجريبية والطبيعية في بناء والنهوض بالاقتصاد الوطني، دون التركيز على الأدبيات كالشعر مثلا، فإنه لم يصب في إيصال الرسالة لافتقادها للمعنى لدرجة أنه أراد الجمع بين كلام الله المعجز والذي فيه أصول العلوم جميعا، وبين شعر البشر". وقال معلق آخر "سلال لا يفرق بين آية قرآنية وبيت شعري.. كارثة. العلم والتكنولوجيا تأتي بالعمل ولا دخل للشعر في تأخر الأمم". من ناحية أخرى، قال الشاعر والكاتب رابح ظريف في حديث ل"البلاد"، إن "فاقد الشيء لا يعطيه ونحن ككتاب ومثقفين لم ننتظر من سلال أو مسؤولي قطاع الثقافة شيئا في يوم من الأيام، ونعيش دوما غرباء في هذا الوطن". وقال إن تصريحات الوزير الأول تعتبر إهانة كبيرة للبلد لأن من قاد ثورة التحرير كلهم مبدعون وفنانون وشعراء ومسرحيون"، مضيفا "هي أيضا إهانة لمفدي زكريا وعبد الحميد بن باديس ومبارك بن جلواح ومصطفى رحمون وكل الرموز الوطنية التي حررت البلد عن طريق القلم". وأكد رابح ظريف أن "ثورة أول نوفمبر لم تقم بالسلاح، وإنما بالقلم والسلاح معا.. هذه مفاجأة فعلا.. الوزير الأول يعلن صراحة أن الدولة لا تهتم بالأدب والشعر.. الأفضل له أن يلغي وزارة الثقافة إذن.. الدول التي تحترم نفسها تمشي على قدمين وهما العلم والأدب، وهذا الكلام محاولة لطمس هوية البلد"، وفق تعبيره.