كشف تقرير لوكالة "رويترز" أن السلطات المغربية تقوم بخطى حثيثة من أجل استقطاب الشركات العالمية في مجال استكشاف واستخراج النفط للقيام بعمليات استكشاف على مستوى حقول مفترضة لهذه الثروة الطبيعية في المناطق الواقعة على سواحل المحيط الأطلسي. وأرجع التقرير هذه المساعي المغربية إلى رغبتها في استغلال الظروف الأمنية التي تعيشها دول الجوار الغنية بالموارد النفطية، وهي كل من الجزائر التي لا تزال استثمارات الشركة الأجنبية فيها تعاني من تحديات وعقبات منذ الهجوم الذي تعرضت له منشأة استخراج الغاز الطبيعي في "تيغنتورين" شهر جانفي الماضي، والذي أدى إلى تعطل الشريكين الأجنبيين للشركة الوطنية "سونطراك" كل من "بيرتيش بيتروليوم البريطانية" و«ستات أويل" النرويجية. وكذلك في ليبيا التي تغرق منذ عام 2011 في فوضى أمنية وانتشار كثيف للميليشات المسلحة والتي عطلت الكثير من مشاريع استخراج الثروات النفطية وتصديرها إلى الخارج، وكشف التقرير أن الشركة البريطانية "بريتيش بيتروليوم" دخلت فعلا إلى المغرب من أجل إجراء التنقيبات في ثلاث مناطق، مع توقعات من طرف مسؤوليها أن تبدأ أولى عمليات الاستخراج في العام المقبل. أما شركة "بورا فيدا اينرجي" الأسترالية التي تتواجد في المغرب من قبل، فقد أكدت هي الأخرى أن نشاطاتها في هذا البلد عرفت تطورا كبيرا في المدة الأخيرة، حيث قالت إنها ستبدأ الاستخراج من 10 مواقع جديدة في المغرب مقارنة مع 9 فقط منذ عام 1990، مع ارتفاع لقيمة استثمارها في المملكة من 500 مليون دولار إلى 1 مليار دولار. من جهتها قالت شركة الطاقة المتعددة الجنسيات "شيفرون" إنها بدأت في استكشاف النفط من ثلاثة مواقع في المغرب منذ شهر جانفي الماضي. حقيقة منافسة المغرب للجزائر وليبيا في استقطاب الشركات العالمية على المستوى المغاربي رغم ضآلة موارده مقارنة بجارتيه، أكدها "جيوف بورتر"، مدير مركز استشارات المخاطر في شمال افريقيا بالقول "الجزائر وليبيا أصبحتا أقل جذبا للشركات العالمية مقارنة بالخمس سنوات الماضية، على خلاف المغرب الذي يعيش أوضاع هادئة". وأكد خبراء في النفط والغاز أن الشركات العالمية تعول كثيرا على التقدم في مجال التكنولوجيا من أجل استخراج كميات كبيرة من الموارد الطاقوية في السواحل الأطلسية المغربية، مثلما حصل في البرازيل وكل من غانا وأنغولا في إفريقيا، وهو ما أكده الناطق الرسمي باسم "بريتيش بيتروليوم" روبرت واين الذي صرح " حن ننظر إلى المناطق الساحلية في المحيط الأطلسي، فلو شاهدنا كل من أنغولا وناميبيا سوف نرى أنها امتداد لنفس الكتلة الجيولوجية لكل من البرازيل والأوروغواي، المغرب هو فقط جاء في موقع أكثر شمالا من هذه الدول". ويضيف المتابعون للمحاولة المغربية من أجل منافسة الجزائر في مجال النفط والغاز على المستوى المغاربي، أن ما يشجع الشركات العالمية العملاقة على التوجه نحو المغرب هي الشروط الجبائية، والتسهيلات الكبيرة التي يقدمها قانون الاستثمار في هذا البلد، بالإضافة إلى توفر بنية تحتية كبيرة خاصة الموانىء وطرق السكك الحديدية، وهو على خلاف الجزائر التي تعتبر قوانين الاستثمار فيها "أكثر تشديدا"، وتفرض على الشريك الأجنبي أن يتشارك مع الشركات المحلية التي يجب أن تفوق مساهمتها 51 بالمئة في إطار القاعدة المعمول بها والمعروفة ب 51/ 49، استنزاف الثروات الصحراوية.. الوجه الآخر "للطموح" المغربي كشف التقرير أيضا أن قضية اعتزام المغرب منافسة دول الجوار المغاربية في مجال الثروات الطاقوية، لا يفرز تحديات اقتصادية فقط بالنسبة إلى جارتها الجزائر، وإنما سينجم عنه تطور على المستوى السياسي، خاصة المتعلق بحل قضية الصحراء الغريبة، التي ستكون أول المتضررين من السعي المغربي لتوسيع نشاط التنقيب والاستخراج الذي سيطول كذلك المناطق المحتلة، خصوصا وأنها تمتلك على المستوى النظري ثروات هائلة، لطالما عمل المخزن على استنزافها، لاسيما الفوسفات. وكانت أول شركة أجنبية اعتدت على حقوق الشعب الصحراوي في ثرواته النفطية هي شركة "توتال" الفرنسية بالتعاون مع النظام المغربي، فقد كشفت "منظمة مراقبة الثروات الصحراوية" أن توتال تظهر تجاهلا تاما للمبادئ الأساسية لمسؤولية المؤسسات وترفض الدخول في أي حديث حول الحقوق المشروعة لشعب الدولة المحتلة". وكان المغرب سنة 2001 قد منح أول ترخيص نفطي في الصحراء الغربية وهو الاإقليم الذي قام باحتلاله خرقا للشرعية الدولية. وأشهر قليلة بعد منح الترخيص الأول لشركة توتال، رد مكتب الشؤون القانونية التابع للأمم المتحدة، مؤكدا أن أي استكشاف يعد إنتهاكا للقانون الدولي في حالة عدم موافقة الصحراويين عليه، غير أن "توتال؛ جددت ترخيصها دون أن تطلب موافقة الشعب الصحراوي. وحاليا تملك شركة توتال أكبر كتل الشركات النفطية العاملة بالصحراء الغربية المحتلة حاليا، وتبلغ مساحة كتلة توتال مساحة البرتغال. وقد أنجزت الشركة ما بين جويلية 2012 وجويلية 2013 درسات تنقيبية أكثر حداثة وبتكلفة أكثرمن أي وقت مضى. وترفض شركة توتال مناقشة الانشغالات المتعلقة بحقوق الشعب الصحراوي بحجة عدم رغبتها الدخول في السياسة. ومن جهة أخرى لاتزال الشركة غير راغبة في الرد على الأسئلة متعلقة بخططها في المنطقة. ومن جانب آخر، كشف تقرير دولي صدر قبل مدة قصيرة عن الاتحاد الدولي للغاز، مدى تغلغل دولة قطر في السوق الغازية الأوربية، حيث باتت أكبر مصدر لهذه المنطقة وأصبحت تتفوق على الجزائر حتى في أسواقها التقليدية، كإسبانيا وإيطاليا وفرنسا ما فسر من طرف مراقبين على أنّه تهديد آخر للسوق الجزائرية في منطقة الأورو.