أشارت الإحصائيات المعلنة من قبل وزارة التربية وتلك التي تناقلت تفاصيلها الصحف الوطنية إلى وجود مناطق ظل في نتائج امتحانات التعليم المتوسط. وإذا كان وزير التربية أبو بكر بن بوزيد مسرورا لأن النتائج تعرف تصاعدا متسارعا في وتيرة نسبها، فكيف تتصاعد النسبة في العاصمة الفاخرة الفارهة وتتقلص إلى أدناها في تمنراست التي تمثل وجه الجنوب الفقير حتى لا نقول شيئا آخر بمفهوم التلاعب بالحروف والمفردات والطباق والجناس. في الجزائر المفيدة في العاصمة وما جاورها تسجل نسب النجاح مستويات عليا وفي الجزائر العميقة المعزولة حيث تفتقد المدارس مياه النظافة في المراحيض والتدفئة وزجاج النوافذ في هذه الجزائر قد لا نجد ناجحا واحدا على الأقل كما حدث بإحدى قرى ولاية المديةئئ. لا ندري هل نسبة النجاح في الإصلاحات التي أقرها وزير التربية أبو بكر بن بوزيد مرتبطة بنوعية البطاطا والبصل والطماطم المتوفرة بكثرة في العاصمة والنادرة في مواسمها الأخيرة في أسواق الجزائر العميقة، أم أنها مرتبطة بنظام بيداغوجي معين ينمي فكر الطفل أو التلميذ في المناطق الآهلة بالسكان ويفعل عكس ذلك في الريف والقرى والمداشر. قد نكون مبالغين والوزير يشرف غدا على نظام دراسي آخر لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بواسطة امتحانات استدراكية يعمل فيها النظام التربوي على جمع قمامات الإصلاحات المدرسية وإلقائها في ساحة النظام الثانوي. لقد ارتكبت هذه الإصلاحات في بعض جوانبها جرائم تربوية بحق التلاميذ والمعلمين والأساتذة على حد سواء ولو خصص الوزير ساعات قليلة من وقته لأجل الاستماع إلى أهل المهنة الممارسين للتعليم لا إلى أولئك الملاحظين المنظرين الذي تركوا التدريس وتحولوا إلى منظرين، لو استمع لأهل الميدان لاطلع على حجم الخسائر التي ستلحق الأجيال القادمة جراء نسبة التفقير العلمي إن صح التعبير وقلة الاطلاع وضعف المستوى وكل النقائص التي تحولت على مشكلة حقيقية في وجه تنمية العقل في مدارسنا بل وأصبح هذا الوضع الشاذ عقبة أمام الاهتمام بباقي الفئات ذات المردود والمستوى الدراسي الهام. الكثير من العلمين والمدرسين والأساتذة يقومون بمهام تربوية أكثر منها تعليمية، بل إن أوقاتا كثيرة يقضونها في إصلاح نتائج الإصلاحات بعدما يتلقون تلاميذ يفتقدون أدوات الاتصال ووسائلها داخل المؤسسة وخارجها مما يؤثر بشكل مباشر على باقي الفئات السليمة من عاهات الإصلاح التربوي. لقد تحولت الإصلاحات التربوية إلى مشكلة جغرافية فهل نعمل على بلوغ المناطق النائية مستوى العاصمة وباقي المدن الكبرى من أجل حل هذه المشكلة التربوية المرتبطة بالجغرافيا، أم نراجع مسار هذه الإصلاحات التي حولت الأبناء إلى فئران تجارب؟