اعتبر أن ما يجري في سوريا نتاج "ثقافة الدم" المتوارثة لدى العرب مرور مشاريع الأفلام التاريخية على وزارة المجاهدين كبت لحرية الإبداع يعتقد الروائي أمين الزاوي أن الأدب الذي لا يكسر "الطابوهات" أو يغوص في المسكوت عنه؛ ليس أدبا والكاتب عليه أن يتطرق إلى المواضيع المحظورة لكي يستطيع أن يصل إلى قلب القارئ مع أنه يقرّ أن تكسير "الطَّابوهات"؛ سواء السياسية الدينية أو الأخلاقية، لا يكون للكسر فقط؛ بل أن يفعل ذلك عن معرفة. وغاص صاحب رواية "لها سر النحلة" خلال ندوة أدبية تظمتها "جمعية نوافذ ثقافية" مساء أول أمس بالعاصمة، في تشريح ظاهرة كسر "الطَّابو" في الأدب الجزائري والعربي بصفة عامة، مستغربا عدم تجريم الكتابة مثلا عن الجنس في العصر الجاهلي وما بعده وصولا إلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وحدوث ذلك الآن، مؤكدا أنّ هذا التجريم ما هو إلا عوارض أوجدتها الأنظمة الرجعية. واستدل في ذلك عن سيرة النبي الكريم، وما كان يكتبه عنها الصحابة والأئمة وأعطى مثلا بالبخاري وأبو هريرة اللذان تطرقا إلى "طابو الجنس" في كتبهما. ولم يحصر كسر "الطابو" في الأدب فقط؛ بل تعداه إلى السينما التاريخية مضيفا "الفن السابع أيضا في الجزائر قيد بدفتر شروط واشترط على المنتجين تمرير أفلامهم على منظمة المجاهدين"، وهو ما اعتبره المتحدث كبتا لحرية الإبداع. وفي حديثه عن الأدب الجزائري؛ تأسف الروائي عن حصر الكتاب الجزائريون موضوعاتهم في "العشرية السوداء" والثورة التحريرية لدرجة أصبح الأدب الجزائري أدبا إيديولوجيا في عمومه وأضحى يؤسس للمسار السياسي وإملاء للسلطة وليس إعادة إنتاج السلطة كما ينبغي له أن يكون، مضيفا "راح الروائيون والقصّاصون والشعراء يتحدث معظمهم عن العشرية السوداء فصنعوا أدب الدَّم". وأكد المحاضر أنه خلال دراسة قام بها حول ما كتب عن هذه العشرية؛ وجد 463 عملا روائيا جعل من تلك الفترة الموضوع الرئيسي لدرجة أصبح الموت والقتل أمرا عاديا؛ مع إقراره بأن الدّم أصبح كذلك منذ قديم الزمان وأعطى مثلا بقتل ابن المقفع الشنيع وطريقة إعدامه وكذا "ألف ليلة وليلة" التي كان الموت خلالها متتاليا وعنصرا مهمَّا من عناصر البناء الحكائي في العمل، وصولا إلى ما يحدث الآن في سوريا وسائر البلاد العربية التي أصبح الدَّم من يومياتها. واعتبر الزاوي أنه لا يمكننا صناعة قارئ من فراغ؛ فحتى يؤثر الأدب في القارئ يجب أن يكون في المرحلة الابتدائية أو الثانوية كأكثر تقدير وهو ما تفتقر له الجزائر، وأعطى مثلا بالدول العربية والغربية الأخرى التي أدخلت الأدباء إلى المدارس والثانويات لتقريب الأدب من التلاميذ، لكن في الجزائر يضيف العكس هو الذي يحدث؛ فأصبحت المنظومة التربوية تقتل المواهب ومشاريع الأدباء في الثانويات. من ناحية أخرى، تحدَّث الروائي محمد ساري عن الأدب الجزائري بكثير من التحليل والشَّرح خصوصا ما تعلق منه بجنس الرواية الذي تخصَّص فيه كثير من الكتَّاب، وركز على موضوع الالتزام في الأدب أي تطويع الأدب من أجل المجتمع والحديث عنه ومحاولة تغييره وقسَّم صاحب رواية "القلاع المتآكلة" كتابات الجزائريين إلى فترات زمانية محددة بدأها بفترة السبعينات؛ أين راح خلالها الكتَّاب وعلى رأسهم الطاهر وطار وبن هدوقة وواسيني الأعرج إلى التغنِّي بالاشتراكية والانتصارات التي حققت خلال الثورة فجاءت أغلب الروايات في تلك الفترة عبارة عن وقوف على أطلال حرب التحرير، في حين طوع البعض الآخر الرواية في خدمة مجتمع جديد يحلم بغد أفضل، وعبَّروا عنه روائيا، وأعطى هنا مثلا بوسيني وأمين الزاوي ومرزاق بقطاش ومفلاح وغيرهم.