فجّر جدل الحملة الانتخابية لرئاسيات 17 أفريل، صراعا غير مسبوق في الداخل وشد أنظار الدوائر الرسمية في الخارج، بعدما كانت الانتخابات الرئاسية "لا حدث" في عين المقاطعين والعديد من المترشحين قبل أن تتحوّل إلى حدث يقلق الجميع ويثير ترقب الرأي العام. فجّر السباق الثنائي بين المترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة ومنافسه علي بن فليس صراعا من نوع آخر، وهي المرة الأولى التي تثير الانتخابات الرئاسية كل هذا الخوف، وتحبس أنفاس الجزائريين على وقع اليوم الموعود الذي أصبح موعدا يحرك هواجس الصدام في الشارع بين الجزائريين. حدة النقاش حول التزام السلطة بنتائج الانتخابات الرئاسية والابتعاد عن التزوير، أو هاجس ما يصطلح عليه بالجهاز الوطني للتزوير شكل الجزء الأكبر من محور الحملة الانتخابية التي استقطبت أنظار الرأي العام الوطني، وحركت مشاعر الأنصار إلى درجة أن العنف تحول إلى جزء من الحملة ومن خطابها بعدما طغى على أخبار النشاط الانتخابي، فكان أن تحرك الرئيس المترشح على أكثر من جهة للتنديد بما اعتبره تهديدا من منافسه علي بن فليس باستعمال ورقة الشارع، وهي الورقة التي تخيف السلطة والمواطنين بصفة عامة. خطاب التصعيد الذي ميز الحملة الانتخابية أثار شهية الحديث لدى السياسيين وحرك المعارضة والسلطة تجاه دائرة الحسم التي بات كل طرف يدعي أنه صاحبها، فقد ظهرت حركات جديدة في لعبة العراك السياسي بدءا من "بركات" إلى "رفض"، فضلا عن حركات محلية أخرى في منطقة الشاوية كرد مباشر على ما أثارته تصريحات عبد المالك سلال وهو مدير الحملة الانتخابية للمترشح بوتفليقة من ردود أفعال قوية أدت إلى "تأليب الشاوية" ضد سلال ومعسكر العهدة الرابعة، وقد وجد المقاطعون أنفسهم في قلب معركة توظيف النزاع أو الصراع الانتخابي للضغط وبقوة على السلطة ومن جبهات متعددة أولا بغرض التشكيك في نزاهة الانتخابات، وثانيا في الترويج لخطاب الحسم المبكر لها من طرف السلطة، وهذا أدى إلى حركة رد فعل قوية من المترشح علي بن فليس الذي أعلن في أكثر من خطاب له أنه لن يتسامح مع التزوير ولن يسكت هذه المرة فهو -حسبه- مدعوم "من الملايين" وهو "القائد"، وقد دفع هذا الخطاب بالسلطة إلى محاولة توظيف كل كبيرة وصغيرة بغرض ضرب مصداقية منافسها الذي وجد نفسه في موقع الدفاع في آخر يوم من عمر الحملة الانتخابية، هذا المشهد الساخن للرئاسيات الذي نتج بسبب قطبية المنافسة الانتخابية استقطب ملايين الجزائريين وحوّل المشهد الانتخابي من استحقاق بارد إلى منافسة ساخنة ترقبها زهاء 40 مليون جزائري في الداخل والخارج، لكن الرهان القائم يبقى في مستوى المشاركة الشعبية، هل تكون بقدر ما اكتسبته من اهتمام أم ستكون مجرد مشهد شد فضول الناس وانتهى؟