ارتفاع حصيلة العدوان الصهيوني على لبنان إلى 3583 شهيدا و 15244 مصابا    هولندا ستعتقل المدعو نتنياهو تنفيذا لقرار المحكمة الجنائية الدولية    الرابطة الأولى موبيليس: شباب قسنطينة يفوز على اتحاد الجزائر (1-0) ويعتلي الصدارة    ضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في الآلية الإفريقية للتقييم من قبل النظراء وتكثيف الدعم لها لضمان تحقيق أهدافها    ندوة علمية بالعاصمة حول أهمية الخبرة العلمية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    الأسبوع العالمي للمقاولاتية بورقلة : عرض نماذج ناجحة لمؤسسات ناشئة في مجال المقاولاتية    قريبا.. إدراج أول مؤسسة ناشئة في بورصة الجزائر    رئيس الجمهورية يتلقى رسالة خطية من نظيره الصومالي    الفريق أول شنقريحة يشرف على مراسم التنصيب الرسمي لقائد الناحية العسكرية الثالثة    اجتماع تنسيقي لأعضاء الوفد البرلماني لمجلس الأمة تحضيرا للمشاركة في الندوة ال48 للتنسيقية الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    تيميمون..إحياء الذكرى ال67 لمعركة حاسي غمبو بالعرق الغربي الكبير    ربيقة يستقبل الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين    توقرت.. 15 عارضا في معرض التمور بتماسين    سايحي يبرز التقدم الذي أحرزته الجزائر في مجال مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات    الجزائر ترحب "أيما ترحيب" بإصدار محكمة الجنايات الدولية لمذكرتي اعتقال في حق مسؤولين في الكيان الصهيوني    هذه حقيقة دفع رسم المرور عبر الطريق السيّار    عطاف يتلقى اتصالا من عراقجي    توقيف 55 تاجر مخدرات خلال أسبوع    مكتسبات كبيرة للجزائر في مجال حقوق الطفل    حوادث المرور: وفاة 11 شخصا وإصابة 418 آخرين بجروح بالمناطق الحضرية خلال أسبوع    أدرار: إجراء أزيد من 860 فحص طبي لفائدة مرضى من عدة ولايات بالجنوب    توقيف 4 أشخاص متورطين في قضية سرقة    بوغالي يترأس اجتماعا لهيئة التنسيق    الجزائر العاصمة.. وجهة لا يمكن تفويتها    سوناطراك تجري محادثات مع جون كوكريل    التأكيد على ضرورة تحسين الخدمات الصحية بالجنوب    المجلس الأعلى للشباب ينظم الأحد المقبل يوما دراسيا إحياء للأسبوع العالمي للمقاولاتية    رفع دعوى قضائية ضد الكاتب كمال داود    صناعة غذائية: التكنولوجيا في خدمة الأمن الغذائي وصحة الإنسان    منظمة "اليونسكو" تحذر من المساس بالمواقع المشمولة بالحماية المعززة في لبنان    غزة: 66 شهيدا و100 جريح في قصف الاحتلال مربعا سكنيا ببيت لاهيا شمال القطاع    كرة القدم/ سيدات: نسعى للحفاظ على نفس الديناميكية من اجل التحضير جيدا لكان 2025    حملات مُكثّفة للحد من انتشار السكّري    الجزائر تتابع بقلق عميق الأزمة في ليبيا    الرئيس تبون يمنح حصة اضافية من دفاتر الحج للمسجلين في قرعة 2025    الجزائر متمسّكة بالدفاع عن القضايا العادلة والحقوق المشروعة للشعوب    3233 مؤسسة وفرت 30 ألف منصب شغل جديد    ارتفاع عروض العمل ب40% في 2024    الشريعة تحتضن سباق الأبطال    طبعة ثالثة للأيام السينمائية للفيلم القصير الأحد المقبل    بين تعويض شايل وتأكيد حجار    90 رخصة جديدة لحفر الآبار    خارطة طريق لتحسين الحضري بالخروب    التسويق الإقليمي لفرص الاستثمار والقدرات المحلية    الوكالة الوطنية للأمن الصحي ومنظمة الصحة العالمية : التوقيع على مخطط عمل مشترك    شايبي يتلقى رسالة دعم من المدير الرياضي لفرانكفورت    فنانون يستذكرون الراحلة وردة هذا الأحد    دعوة إلى تجديد دور النشر لسبل ترويج كُتّابها    مصادرة 3750 قرص مهلوس    رياضة (منشطات/ ملتقى دولي): الجزائر تطابق تشريعاتها مع اللوائح والقوانين الدولية    الملتقى الوطني" أدب المقاومة في الجزائر " : إبراز أهمية أدب المقاومة في مواجهة الاستعمار وأثره في إثراء الثقافة الوطنية    الجزائر ثانيةً في أولمبياد الرياضيات    ماندي الأكثر مشاركة    هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    الاسْتِخارة.. سُنَّة نبَوية    الأمل في الله.. إيمان وحياة    المخدرات وراء ضياع الدين والأعمار والجرائم    نوفمبر زلزال ضرب فرنسا..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غابوا عن الاستحقاقات لأول مرة منذ إقرار التعددية
نشر في النصر يوم 02 - 04 - 2014


الإسلاميون فرقتهم السياسة و وحدهم رفض الصندوق
لم يسبق وأن اتفقت الأحزاب الإسلامية قبل أي موعد انتخابي على التخندق في صف واحد، كما يحدث مع رئاسيات 17 أفريل، فقد ظلت الخلافات حول "زعامة التيار الإسلامي" السمة البارزة في مواقف قادتها، لكن هذه المرة قررت هذه الأحزاب تبني موقف موحد وإدارة ظهرها للرئاسيات بعد توافقها على وصف نتائجها بأنها "محسومة".
تمثل الانتخابات الرئاسية القادمة بالنسبة للكثيرين بداية تحول جوهري في مواقف الأحزاب الإسلامية وتعاطيها مع المواعيد الانتخابية، التي انتقلت من مرحلة المشاركة و المناصحة إلى المقاطعة، وقدمت جل الأحزاب هذا الموقف على أنه "من صنع القاعدة النضالية التي أصبحت ترفض المشاركة في انتخابات تنظمها السلطة وتكون نتائجها محسومة سلفا". فقد حرص الإسلاميون منذ إقرار التعددية في الجزائر، على حضور كل الانتخابات الرئاسية التي عرفتها الجزائر، سواء بمرشح أو دعما لمرشح آخر، لكن هذه المرة، اتفقوا على البقاء خارج اللعبة الانتخابية.
فبعد قرار حركة حمس، ثم النهضة، وجبهة العدالة والتنمية، جاء الدور على "الفيس المحظور" ليصبح رابع لاعب في التيار الإسلامي يقاطع الانتخابات، لتكون بذلك كتلة الإسلاميين قد أدارت ظهرها لانتخابات رئاسية، لأول مرة في تاريخها بهذا الشكل، فلم يسبق أن "تخندق" كل من عبد الله جاب الله، رئيس "جبهة العدالة والتنمية"، وعبد الرزاق مقري رئيس "حركة مجتمع السلم"، خلف خيار واحد منذ أول انتخابات تعددية في الجزائر، كما تم هذه المرة. بل على العكس من ذلك يبدو بأن الرئاسيات نجحت في توحيد الإسلاميين ولو عن قصد، وحتى وإن كان هذا "التحالف" ظرفيا.
وفي خضم موقف الإسلاميين، تثار العديد من التساؤلات حيال مدى تأثير قرار المقاطعة على صناديق الاقتراع يوم 17 أفريل، ومدى قدرة الإسلاميين على حشد المقاطعين، ومن جهة أخرى كيف يمكن التمييز بين الناخبين الذين دأبوا على مقاطعة كل المواعيد الانتخابية، وبين المواطنين الذين لن يتوجهوا إلى مكاتب التصويت استجابة لنداء المقاطعين للرئاسيات.
ويرى بعض المتتبعين للشأن السياسي، بأن التبرير الذي يقدمه الإسلاميون بكون "الانتخابات مغلقة ومحسومة النتائج" غير مقنع في نظرهم، كون أن الانتخابات السابقة "لم يكن سقف الشفافية فيها مرتفع" ومع ذلك دخلها الإسلاميون بين مؤيد لمرشح ومنافس باسم حزبه، وجاءت النتائج دائما لصالح مرشح الأحزاب المشاركة في الحكومة.
وبالعودة إلى الوراء، نجد أن قادة جل الأحزاب الإسلامية، باستثناء قيادة "الفيس المحظور"، كانت دائما حاضرة في المواعيد الرئاسية، منذ إقرار التعددية عام 1989، وتنظيم أول انتخابات رئاسية، ففي رئاسيات 1995، خاضت حركة "حماس" -التسمية القديمة لحركة حمس قبل إسقاط كلمة إسلاميين في الأحزاب وفق دستور نوفمبر 1996- التجربة لأول مرة بترشيح مؤسسها الراحل الشيخ محفوظ نحناح، وخاض مواجهة انتخابية مع اليامين زروال، الذي فاز في الانتخابات، وشككت الحركة في نتائجها وبرزت حينها عبارة "الشيخ الرئيس" للدلالة على "سرقة" الفوز بمنصب الرئيس من الشيخ نحناح الذي فضل كما قال مقربوه "التزام الصمت" حفاظا على الجزائر.
وفي رئاسيات 1999، دخل المعترك الانتخابي ثلاث شخصيات يمثلون الإسلاميين، أو المحسوبين على التيار، بينهم وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي الذي رفضت الداخلية حينها اعتماد حزبه "الوفاء والعدل" بحجة "ضمه قدماء الفيس"، كما ترشح عبد الله جاب الله، ومحفوظ نحناح، الذي رفض ملفه من قبل المجلس الدستوري بحجة عدم ثبوت مشاركته في الثورة التحريرية، وهو شرط واجب في الراغب للترشح، للمولودين قبل جويلية 1942، برغم الشهادة التي أدلى بها قائد الولاية الرابعة يوسف الخطيب، الذي أكد مشاركة نحناح في الثورة، إلا أن شهادته لم تؤخذ بعين الاعتبار.
وفي رئاسيات 2004، قررت حركة "حمس" مساندة المترشح عبد العزيز بوتفليقة، في رئاسيات خاضها عبد الله جاب الله تحت قبعة حركة الإصلاح الوطني، وفضل مقاطعة رئاسيات 2009، فيما واصلت حمس دعم بوتفليقة، ولم يكن للإسلاميين سوى مرشح وحيد وهو جهيد يونسي، أمين عام حركة الإصلاح الوطني. ووجد الإسلاميون ولو عن غير قصد في رئاسيات 2014، مبررات عدم المشاركة في الانتخابات، بعدما رفضت السلطة مطلبها بسحب تنظيم الانتخابات من وزارة الداخلية وإسنادها إلى "هيئة مستقلة".
أنيس نواري
عبد الرزاق مقري يبرر موقف حزبه ب"غلق اللعبة الانتخابية"
المقاطعة خيار فرضته القاعدة لأنها لم تعد تؤمن بالفعل الانتخابي
يرفض رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، حصر قرار المقاطعة في التيار الإسلامي، ويؤكد بأن القرار انخرطت فيه عديد الأحزاب والتيارات السياسية على اختلاف توجهاتها، ويضيف بأن خيار المقاطعة «فرضته القاعدة التي لم تعد تؤمن بالفعل الانتخابي» ويرى بأن السبب الوحيد الذي دفع إلى تبني هذا الخيار، هو كون هذه الانتخابات لا تمثل فرصة للتعبير عن رغبة الشعب بحرية في اختيار من يحكمه.
كانت حركة مجتمع السلم سبّاقة للإعلان عن مقاطعتها للانتخابات الرئاسية. في اجتماع مجلس الشورى للحركة وأرجعت الحركة قرارها إلى «عدم وجود فرصة حقيقية للإصلاح السياسي من خلال الانتخابات الرئاسية 2014»، وكذا «استفراد السلطة القائمة بالانتخابات الرئاسية وتجاهل مطالب الطبقة السياسية الداعية إلى إرساء شروط النزاهة والشفافية وفق المعايير المتعارف عليها دوليا».
يرفض عبد الرزاق مقري، رئيس حركة حمس، الحديث عن مقاطعة «الإسلاميين وحدهم للرئاسيات» ويؤكد في تصريح للنصر بأن الإسلاميين «هم جزء من الساحة التي أعلنت مقاطعتها الانتخابات والتي تشترك في المطالبة بمزيد من الحريات واحترام أسس المنافسة الديموقراطية»، وأرجع مقري سبب اتّخاذ قرار مقاطعة الانتخابات الرئاسية القادمة إلى استفراد السلطة بهذه الانتخابات وعدم الاستجابة لمطالب المعارضة الداعية إلى توفير شروط النزاهة والشفافية.
ويؤكد مقري، بأن الانتخابات الرئاسية التي تختلف تماما عن أي موعد انتخابي أخر «لا تمثل في شكلها الحالي أي فرصة للتغيير أو تقديم البديل لان نتائجها محسومة لصالح مترشح». وشدد مقري بان السبب الوحيد والأوحد الذي دفع بالإسلاميين والأحزاب الأخرى إلى المقاطعة هو «غلق اللعبة الانتخابية وجعلها تسيير وفق ما تريد السلطة».
قرار مقاطعة الرئاسيات، في نظر مقري جاء «استجابة لمطلب القواعد النضالية» وقال بهذا الخصوص «القرار الذي اتخذه مجلس الشورى جاء منسجما مع موقف غالبية مناضلي الحركة الذين رفضوا الدخول في المعترك الرئاسي». ويعترف مقري بأن «القرارات السابقة التي كانت تتخذها القيادة لم تكن تحظى بقبول واسع لا سيما عندما يتعلق الأمر بالمشاركة في موعد رئاسي» وسجل وجود تباعد بين ما كان يريده المناضلون والقرارات التي كانت تصدر عن القيادة، مؤكدا بان الحزب قرر هذه المرة منح حرية القرار للقاعدة وترجمه المجلس الشورى. وأضاف مقري، بان قيادة الحزب وضعت عدة خيارات، إما المشاركة بمرشح باسم الحزب، أو دعم مرشح المعارضة، أو مقاطعة الانتخابات، لكن القاعدة ومجلس الشورى اختارت رفض العملية الانتخابية كونها –كما قال مقري- «لا تشكل جزءا من الحل».
كما ينفي مقري، وجود أي تملل في صفوف الحركة بسبب قرار مقاطعة الانتخابات، واستدل بالبيان الأخير الصادر عقب اجتماع رؤساء المكاتب الولائية والذين «أعلنوا عن دعمهم مؤسسات الحركة ورئيسها في الخيارات والمواقف، والعمل على إنجاح خيار مقاطعه الانتخابات الرئاسية والتأكيد على توافقه مع غالبيه الشعب الجزائري بالنظر إلي حالة الانسداد السياسي». وأضاف مقري، بان اللقاء أكد بما لا يدع مجالا للشك «أن الحركة جدار صلب وتعمل في انسجام وتماسك».
أنيس نواري
جاب الله يرفض الادعاء بسعي المقاطعين لركوب موجة العزوف
ظلم السلطة وحد الإسلاميين وفي المعارضة أشخاص تهمهم منافعهم فقط
يري رئيس جبهة العدالة والتنمية الشيخ عبد الله جاب الله، بأن "الظلم الذي تعرضت له المعارضة" وخاصة الإسلاميين، هو الذي دفعهم إلى التوجه نحو خيار المقاطعة، ويقول بأن الأحزاب التي كانت تشارك في الانتخابات السابقة كانت في كل مرة تصطدم بالواقع الانتخابي ما أفقدها الأمل في شفافية العملية الانتخابية التي تنظمها السلطة، ويؤكد بأن قرار المقاطعة ليس سابقة في تاريخه السياسي.
الأحزاب الإسلامية قررت هذه المرة مقاطعة الانتخابات الرئاسية لأول مرة منذ إقرار التعددية في الجزائر، لماذا هذا التحول الجذري في الموقف الذي جعلكم تديرون الظهر للصندوق ؟
جاب الله: مقاطعة الانتخابات الرئاسية ليست مقصورة على الإسلاميين، بل هي مقاطعة واسعة انخرطت فيها أطراف متعددة وأحزاب مختلفة البرامج والتوجهات، جاءت بعد يأس الجميع من جدوى المشاركة في الانتخابات، وذلك لعدة أسباب لعل أهمها غياب الشروط الدستورية والقانونية التي تجعل منها انتخابات نزيهة، وعدم حياد الإدارة والقضاء الذي أصبح أداة بيد السلطة صاحبة القرار.
السبب الثالث كون التزوير أضحى تقليدا سياسيا متبعا، لذلك لا جدوى من المشاركة وأفضل طريقة للتعبير عن الرفض هو الوصول إلى إجماع قوي لعزل النظام عن الشعب الذي يؤكد بان لا آمل له في استرجاع حقوقه كاملة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا إلا بتغيير النظام بصورة جذرية.
البعض يتحدث عن ازدواجية في مواقف الأحزاب المقاطعة، فهي شاركت في الانتخابات السابقة، والتي كانت تدار بنفس الأسلوب ونفس القوانين، بل حتى بتدابير أقل شفافية، بماذا تردون؟
جاب الله: صحيح شاركنا في الانتخابات السابقة، في كل مرة كان هناك نوع من الأمل في انتخابات تتمتع بقدر من الشفافية والوضوح لكن في كل مرة كنا نصطدم بالواقع، وبعد كل هذا مات ذاك الأمل بسبب كثرة التزوير خلال الانتخابات.
هناك من يقول بأن الإسلاميين يريدون ركوب موجة العزوف الانتخابي على اعتبار أن كثيرا من الجزائريين يقاطعون من تلقاء أنفسهم العملية الانتخابية، ثم تقدمون ذلك على انه انتصار لدعوة المقاطعة التي صدرت عن الأحزاب؟
جاب الله: هذا الكلام لا قيمة له على الإطلاق، وأصحابه خانتهم الحجة والدليل ويلجأون لمثل هذا القول والتنابز لأنهم يفتقدون للحجج الواقعية، وبالنسبة لي شخصيا ليست المرة الأولى التي أدعوا فيها لمقاطعة الانتخابات، فقد سبق لي أن دعوت لمقاطعة الاستفتاء على دستور 1989 لأنه لم ينص على شروط التحول الديمقراطي، وقاطعت دستور 1996 لكونه ركز جميع الصلاحيات في يد الرئيس وأهمل موضوع حماية الحريات والرقابة على عمل السلطة، وانسحبت من رئاسيات 1999، و قاطعت رئاسيات 2009 لكون شروط النزاهة لم تكن متوفرة، إذن مثل هذه الأقاويل لا قيمة لها وهي عديمة الحجة.
كثيرون يرون بأن السلطة من خلال ما تعتقدون بأنها ممارسات غير ديمقراطية، قد نجحت في توحيد التيار الإسلامي الذي ظل لسنوات منقسما، هل توافقون هذا الرأي؟
جاب الله: في الحقيقة كنت أتمنى أن تنجح السلطة في توحيد كل المعارضة ضد مشروعها وليس فقط الإسلاميين، لما تظلم المعارضة ويتعمم هذا الظلم يدفع بالجميع إلى الاتحاد والتوافق حول المسائل الإجرائية التي تدفع هذا الظلم.. لكن يبدو بان هناك من لم يشعر بهذا الظلم لأنه منتصر لمصالح شخصية وهو مستفيد من الوضع القائم.
حاوره: أنيس نواري
عباسي يقاطع، مراني يدعم وسحنوني يفاوض
الرئاسيات تحدث فتنة بين قيادات الفيس
لم يكن القرار الذي أعلنت عنه الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة بمقاطعة الرئاسيات مفاجأة بالنسبة للكثيرين، بعدما سبقتها إلى نفس الخيار أغلب التشكيلات السياسية، لكن اللافت هذه المرة هو تمرد بعض القياديين السابقين للحزب على قرار عباسي مدني، فمنهم من أعلن مساندته للمترشح علي بن فليس، على غرار احمد مراني، ومنهم من فضل دعم الرئيس بوتفليقة أملا في ترقية المصالحة إلى عفو شامل، وآخرون طالبوا بترك حرية القرار لكل عضو في الحزب سابقا وفق ما يراه مناسبا. لم تنه رسالة الرجل الأول في "الفيس" المحل عباسي مدني، والتي دعا فيها إلى مرحلة انتقالية ومقاطعة الرئاسيات القادمة، الخلافات والاختلافات في وجهات النظر والمواقف التي أبداها قياديون سابقون في الحزب حيال الرئاسيات المقبلة، مع تعدد الخيارات التي يدافع عنها كل طرف، بين منحاز لصالح عهدة رابعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة "لافتكاك ترقية المصالحة الوطنية لعفو شامل" أو مساند للمترشح الحر علي بن فليس الذي "تعهّد برد الاعتبار للحزب المحظور" أو معارض للعملية الانتخابية من أصلها.
وبرر ''الفيس'' المحل في بيان موقع من طرف رئيسه السابق عباسي مدني – تحصلت النصر على نسخة منه - رفضه المشاركة في الرئاسيات لتقديره وفق ما عبر عنه بأن تنظيم هذا الاستحقاق في الظرف الراهن '' لا يجدي نفعا ولا يقدم حلا سياسيا لأزمة البلاد ''، وقال أنه توصل إلى اتخاذ هذا الموقف '' بعد دراسة عميقة قائمة على التحري والتثبت والاستطلاع والاتصالات المتنوعة والتريث الحكيم وتوسيع الشورى والاستشارة ''. أول رد على رسالة عباسي مدني، جاءت على لسان العضو القيادي السابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الشيخ الهاشمي سحنوني والذي قال في تصريح لموقع "الحدث الجزائري" إن عباسي مدني تحدث باسمه والرسالة لا تعدو أن تكون مجرد رأي خاص به ولا يمثل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وأضاف القيادي السابق في الفيس المحل قائلا :"أنا شخصيا لم يتصل بي أي طرف وأطلعت على الرسالة عن طريق بعض الزملاء في "الفيس" ووسائل الإعلام، لذلك أعتبر أن الرسالة موقف خاص بعباسي مدني ولا تمثلنا في أي حال من الأحوال، وقال سحنوني :"أنا شخصيا أرفض أن يملي علينا عباسي قراراته وهو الذي يعيش في الخارج وسبق لي وأن قلت لقيادات الفيس لا تصغوا لقرارات الخارج وأنتم هنا في الداخل". وفي سياق حديثه عن الانتخابات الرئاسية القادمة وموقف الفيس منها، أوضح سحنوني، أنه شخصيا وضع شروطا لمساندة مرشح من المرشحين، وقال إن "هناك اتصالات عن طريق وساطات مع محيط المرشحين الحرين عبد العزيز بوتفليقة وعلي بن فليس"، وأشار المتحدث إلى أنه رفض التحاور مع هذه الوساطات لأنها غير معروفة على الساحة السياسية، مضيفا "إذا اتصل بي سلال أو شخصية كبيرة مدعمة للمرشح بوتفليقة أو بن فليس سأحدثه عن الشروط المتعلقة بملف المصالحة الوطنية والمفقودين ومساجين العشرية السوداء والتي يجب أن يضعها في برنامجه ويتعهد بها ومن ثم يمكننا الحديث عن مساندة مرشح ما"، مشددا في نفس السياق أنه "على الدولة الجزائرية حل مشاكل ملف المصالحة الوطنية، لأنها ستبقى شوكة في عنقها وربما سنذهب إلى ما لا يحمد عقباه خاصة وأن بعض الأطراف تنادي بتدويل القضية". كما صعد إلى الواجهة القيادي السابق في الحزب، أحمد مراني الذي أعلن دعم المرشح الحر بن فليس، وحرص على التأكيد بأن اللقاءات التي تمت بين بعض قياديي الفيس المحل والمرشح الحر علي بن فليس، هي لقاءات لأشخاص "يمثلون أنفسهم لا غير". حتى يبعد عن نفسه تهمة "التحدث باسم الحزب المحظور"، بينما فضل الشيخ نور الدين شيقارة، الابتعاد عن أي مرشح نافيا أن يكون قد أبدى دعمه للمترشح علي بن فليس كما ردد ذلك بعض مقربيه. من جانبه انتقد الرجل الثاني في الحزب المحظور علي بلحاج ما اسماها "المساعي لاستمالة قواعد الجبهة الإسلامية للإنقاذ عبر ولايات الوطن بطرق مختلفة وملتوية"، ونقل عن بلحاج في هذا الصدد أنه انتقد تحركات وصفها بغير المدروسة لقياديين في الحزب للتعاطي مع الانتخابات، وأعاب بلحاج عليهم اتخاذ موقف دون الرجوع إلى باقي قيادات الفيس المحل، وقال بلحاج في تعليق منشور على الانترنيت "إنّ الجبهة الإسلامية للإنقاذ ليست مجرد أصوات تستمال في المواعيد الإنتخابية، وإنّما هي مشروع حاز على تزكية الشعب". وحدد ما قال بأنها شروطا موضوعية لمن أراد أصوات القاعدة الشعبية للجبهة الإسلامية منها، الحق في كتابة بنود البرنامج الانتخابي للمترشح. المجاهرة بحل أزمة 92 حلا سياسيا، معالجة آثار الأزمة الوخيمة، ثم المشاركة في تنشيط الحملة الانتخابية . ويرى المتتبعون بأن الحذر الذي أبداه اغلب المترشحين للرئاسيات إزاء ملف "الفيس" مرده تفادي المترشحين الدخول في أي سجال مع الجمعيات التي تعنى بحقوق ضحايا الإرهاب، والتي أبدت معارضتها لأي مشروع سياسي لصالح "الفيس" على حسابهم، وترى هذه المنظمات بأن من حق المترشحين مغازلة قواعد الفيس المحظور في إطار "اللعبة الانتخابية" دون تقديم وعود بإعادتهم إلى الساحة السياسية، كما أبدت المنظمة الوطنية لضحايا الإرهاب، رفضها لمبدأ العفو الشامل الذي يعيد للمتسببين في المأساة الوطنية حقوقهم السياسية، ودعت إلى ترسيم القانون الخاص بضحايا الإرهاب.
أنيس نواري
المحلل السياسي عبد العالي رزاقي للنصر
السلطة نجحت في إنهاء الإسلام السياسي في الجزائر والضربة الموجعة جاءت من مصر
* موقف حمس من الرئاسيات يطرح الكثير من التساؤلات
يرى المحلل السياسي والخبير الإعلامي، الدكتور عبد العالي رزاقي بأن الإسلام السياسي في الجزائر يواجه نكسات متلاحقة منذ الانتخابات التشريعية لسنة 2012 وقال أن حرب الزعامات بين قياداتها وتسويق السلطة لصورة سيئة عنها من بين الأسباب التي أدت إلى بروز صراعات في داخلها قبل أن تنعكس عليها الضربة التي لحقت الإسلاميين في مصر سلبا .
كيف يقرأ الأستاذ عبد العالي رزاقي غياب الإسلاميين عن الانتخابات لأول مرة منذ إقرار التعددية الحزبية في البلاد ؟
بغض النظر عن الحزب المحل، الذي غاب عن المواعيد كل المواعيد الانتخابية التي أعقبت إلغاء المسار الانتخابي في مطلع التسعينيات، فإن الأحزاب الإسلامية الأخرى معروفة بمواقفها فهي إن لم تشارك في أي استحقاق فإنها تقاطع، وترفض منح أصوات كتلتها الانتخابية لأي حزب أو مرشح، لكن الغريب في الأمر هذه المرة أن الحزب الإسلامي الذي كان مشاركا في السلطة فيما سبق ، قرر المقاطعة هذه المرة وهو الموقف الذي يثير الكثير من التساؤلات، غير أنه قد يكون ذلك راجع إلى كون الإسلاميين لم يجدوا من يتفاوض معهم من المترشحين ويقنعهم بطرحه أو بمشروعه، بدليل أن رئيس " حمس " عبد الرزاق مقري اتصل بجميع المترشحين من بينهم ممثل مرشح السلطة، ( سلال ) قبل اتخاذ قرار المقاطعة.
أما موقف زعيم جبهة العدالة والتنمية عبد الله جاب الله فهو معروف، فإما أن يشارك أو يقاطع وليس لديه خيار وسطي فلا يوجد في قاموسه أي معنى أن يزكي أحدا، خاصة وأنه لم يتصل به هذه المرة أي من المترشحين بشكل مباشر واكتفوا بإرسال وسطاء عنهم في محاولة لاستمالته والحصول على تزكيته لهم، وهو يرفض في حقيقة الأمر هؤلاء الوسطاء ويعتبرهم غير مؤهلين للتفاوض معه، فيما نجد أن أغلب الأحزاب الإسلامية الأخرى متفرخة إما عن حمس أو عن حزب من أحزاب جاب الله الحالية أو السابقة.
بعد هذا الغياب، كيف ترى مستقبل الإسلاميين وهل يمكن أن نقول أن الإسلام السياسي بدأ يتجه نحو الأفول في الجزائر؟
أعتقد أن السلطة قد تمكنت من إنهاء ما يسمى الإسلام السياسي خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2012 عندما دفعت بعض هذه الأحزاب على غرار " حمس " إلى التعدد بسبب حرب الزعامات فيما بين قياداتها فكان أن تشكلت من رحمها 4 أحزاب، كما أن الضربة التي لحقت الإسلاميين في مصر انعكست سلبا على التيار الإسلامي في الجزائر كما في سائر البلدان العربية الأخرى.
وهل ترى أن الإسلاميين قد دخلوا مبكرا اللعبة السياسية ليخرجوا منها مبكرا؟
مشكلة الأحزاب الإسلامية وأقصد ( حمس وحزب جاب الله والحزب المحل ) أنها لم تستطع الاتحاد فيما بينها وظلت ترفض أن تجتمع مع بعضها، منذ البداية وهو ما أدى إلى ظهور تناقضات في داخلها وتفككها فيما بعد، وقد لعبت السلطة دورا كبيرا في هذا الأمر كونها عملت على تشويهها إعلاميا.
وماذا عن الوعاء الانتخابي للإسلاميين هل ترون أنه مازال قويا ومؤثرا ومن شأنه التأثير في حجم المشاركة ونسبتها في حالتي المقاطعة أو المشاركة، أو ترون غير ذلك؟
بالنسبة للإخوان المسلمين، أعتقد أن تنظيمهم ما يزال قائما لارتباطه بالبيعة ( بيعة المرشد العام ) التي ما تزال قائمة ولا تستطيع أي جهة تكسيرها، مهما حاولت، وبإمكانهم النشاط حتى في ظل السرية، أما بقية الإسلاميين فأعتقد أن الكثير منهم متطفلون على التيار الإسلامي، باعتبار أن قادة بعض هذه الأحزاب غير متفقهين في الدين ولا هم حفظة للقرآن الكريم أو السنة النبوية.
وهل سيكون لإعلان الحزب المحل " الفيس " مقاطعة الرئاسيات، وعدم مساندة أي من المترشحين، أثره على استحقاق ال 17 أفريل المقبل؟ وما رأيك في التناقض الذي ظهر في تصريحات بعض قادة الحزب المحل بخصوص المقاطعة والمشاركة سيما بعد أن أعلن الهاشمي سحنوني دعمه للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة مخالفا بذلك الموقف المعلن من قبل عباسي مدني الداعي للمقاطعة؟
أعتقد أن التناقض في التصريحات بين قيادات الحزب المحظور طبيعي لان بعضهم يعمل في إطار السلطة والبعض الآخر يحاول التقرب من السلطة ، في الوقت الذي يوجد آخرون في المنفى.
وكم تمنيت لو تم السماح لعلي بلحاج لدخول سباق الرئاسيات لأنه السبيل الوحيد الأنسب لإقحام الإسلاميين في اللعبة السياسية في إطار التعددية وقياس حجمهم الحقيقي كونه ما زال يمثل روح الحزب المحل مثلما يظل عباسي مدني في نظر الكثيرين هو رئيس هذا الحزب.
حاوره: عبد الحكيم أسابع
أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي زهير بوعمامة
التيار الإسلامي ما يزال تحت صدمة التشريعيات، وهو يريد تغيير قواعد اللعبة
* الإسلاميون يعتمدون استراتيجية تخفيف الضرر لأن المشاركة لم تعطهم أي نتائج
- النصر: قاطعت الأحزاب الإسلامية الانتخابات الرئاسية المقبلة، وللمرة الأولى لا يوجد مرشح باسم هذا التيار، كيف تقرأون هذا التوجه؟.
زهير بوعمامة: أعتقد أن هناك تفسيران لهذا الوضع، الأول وضع تيار الإسلام السياسي بشكل عام في المنطقة، وفي الجزائر اعتقد أن التيار الإسلامي لم يستفق بعد من الصدمة التي ضربته في الانتخابات التشريعية لسنة 2012، فما حدث بالمنطقة قبل هذه الانتخابات ترك التيار الإسلامي في الجزائر يتوقع انه سيكسب مواقع جديدة وواسعة في المشهد السياسي كما وقع في بلدان أخرى( تونس والمغرب ومصر)، لكن نتائج الانتخابات التشريعية عندنا جاءت صادمة بقوة لهذا التيار بالنظر لحجم التوقعات الذي كان موجودا لدى مختلف روافده.
هذه الصدمة ولّدت بدروها مسألتين، أو قناعتين، الأولى تتمثل في أن مختلف التيارات الإسلامية رأت أن خياراتها في المراحل السابقة
( المشاركة والحضور) قد أدت بهم إلى دفع الثمن، وجعلتهم في مرتبة الأحزاب الأخرى- أي نزعت عنهم الاستثنائية التي كانوا يعتمدون عليها في الترويج لأفكارهم وطروحاتهم، واكتشفوا في نهاية الأمر أنهم لم يكسبوا من خلال مشاركتهم في الحكومة أي نتائج، بل العكس خسروا كثيرا لدى عموم الشعب.
فكانت النتيجة المباشرة لذلك هي مراجعة خياراتهم والبحث عن استراتيجيات جديدة، واعتقد أن الرؤية اليوم غير واضحة تماما لدى التيار الإسلامي عندنا، وأقطاب هذا التيار يمرون بفترة ارتباك حقيقية في مسألة الخيارات، لو أخذنا مثلا حركة مجتمع السلم التي تعد اكبر أحزاب هذا التيار ظلت خياراتها بشأن الانتخابات الرئاسية غير واضحة إلى غاية النهاية، وخيار المقاطعة كان مطروحا مثل بقية الخيارات الأخرى.
أما المسألة الثانية فتكمن في أن نتيجة التشريعات عندنا سنة 2012 وما تلاها من أحداث في المنطقة، والارتباك الذي أصاب التيار الإسلامي في أكثر من بلد، دفعت الإسلاميين عندنا إلى التأكد بشكل قطعي أن حظوظهم في الرئاسيات شبه منعدمة لظروف موضوعية، بل قل مستحيلة تماما، وبالتالي رأى هذا التيار أن الدخول في معترك انتخابي جديد قد يثبّت التراجع الذي أصابهم في سنوات سابقة، لذلك اعتمدوا استراتيجية تخفيف الضرر في هذه المرحلة بمقاطعة الانتخابات في انتظار تغير المعطيات في مرحلة لاحقة.
ولا ننسى هنا أيضا أن أقوى الأحزاب في التيار الإسلامي « حمس» حاولت البحث عن بديل آخر عبر بناء تكتل في المعارضة يتفق حول مرشح توافقي ينافس مرشح السلطة، لكن وضع المعارضة اليوم اثر على هذا الخيار، ولم تتمكن «حمس» ومن معها من تحقيق هذا الهدف، وبالتالي لم يبق أمامها سوى خيار المقاطعة في نهاية المطاف.
وهناك من يرى أيضا أن خيار المشاركة في ظل قواعد اللعبة الحالية التي رسمتها السلطة للتيار الإسلامي والتي حددت من خلالها خطوطا حمراء له لا يمكنه تجاوزها دفعت هذا التيار اليوم إلى التفكير في تغيير قواعد اللعبة هذه من الأساس، فهذا التيار أدرك انه لا جدوى من المشاركة، وان التركيز في هذه المرحلة يجب أن ينصب على محاولة دفع النظام إلى موجة إصلاحات سياسية جديدة يمكن أن تفضي إلى تغيير قواعد اللعبة بالشكل الذي يؤدي إلى خلق مناخ آخر يمكن الإسلاميين من تحقيق نتائج أفضل في مواعيد انتخابية لاحقة.
لكن كل ما سبق ذكره يحيل في النهاية إلى خلاصة مفادها وجود التيار الإسلامي في مأزق تاريخي حقيقي، وهو الآن في مواجهته.
خيار المشاركة لم يعد ايجابيا بل ظهر سلبيا وأضر بالإسلاميين، على ماذا يراهنون إذن في المرحلة المقبلة؟ ومن تراه أحسن ممثل لهم للعب دور في المستقبل المنظور؟
زهير بوعمامة: على الأقل من خلال ما يصدر في خطاباتهم يراهن الإسلاميون عندنا اليوم على وقوع البلد أو السلطة تحت ضغط المعارضة التي تحاول تجميع قواها في هذه المرحلة، هذا الضغط قد يؤدي بالسلطة القائمة إلى عملية إصلاح عميقة في المستقبل القريب قد تغير قواعد اللعبة القائمة حاليا بما يمكّن الإسلاميين وغيرهم من تحقيق مكاسب معينة، لكن شخصيا يبدو لي الرهان على هذا المعطى قد لا يأتي بأي نتيجة، لأن الشارع عندنا لا يتجاوب مع نداءات المعارضة، وهو يتعامل بحذر كبير معها، ويرفض كل المغامرات التي قد تزج بالبلد في متاهات لا يعرف نتائجها، وهو الذي جرب في الماضي مثل هذه المغامرات ويدرك جيدا ما يقع اليوم في بلدان أخرى.
ومن هذا المنطلق اعتقد أن المراهنة بالضغط على السلطة من خلال الشارع قد لا تكون مجدية، لكن وعلى الرغم من هذا يراهن الإسلاميون أيضا على ما قد تأتي به القناعة الجديدة المتولدة لدى جميع فئات المجتمع التي تقول أن البلد وصل إلى نهاية مرحلة معينة وبالتالي لا مناص من نقله إلى مرحلة جديدة في ظل ترقب حزمة ثالثة من الإصلاحات بعد الانتخابات الرئاسية ( تعديل الدستور وما قد يأتي به). وهذا التوجه العام نحو المزيد من الإصلاحات قد يسمح للإسلاميين بكسب مواقع جديدة أو على الأقل استرجاع المواقع التي خسروها سابقا.أما الحديث عمن سيمثل التيار الإسلامي فهو صعب ولا يمكن التكهن به إلا بعد انتخابات جديدة، لكن على الأقل من الناحية السياسية يبدو «تكتل الجزائر الخضراء» وجبهة العدالة والتنمية مرشحين للعب دور ما، رغم أن الأول غير منسجم بالشكل المطلوب وفقد بعضا من أطرافه ( عمار غول ومن معه).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.