رفع قطب جمعيات المجتمع المدني بولاية عنابة تقريرا أسود عن ظاهرة زحف البنايات الفوضوية على النسيج الحضري وسط مدينة عنابة، حيث أكد أن "عشرات الهكتارات من الأراضي تتعرض لاستنزاف رهيب من قبل سماسرة العقار الذين اغتنموا انتهاج العديد من رؤساء المجالس البلدية سياسة غض الطرف خلال الحملة الانتخابية، ليحوّلوا مساحات واسعة منها إلى أشرطة من البنايات الفوضوية، فيما ظل دور هذه الهيئات مقتصرا كل مرة على تحرير قرارات الهدم على غرار ما يعيشه حي الفخارين الكبير". وجاء في التقرير أن "ما نفذ من تلك القرارات لم يخرج عن إطار ذر الرماد في العيون في ظل إحصاء إنجاز ما لا يقل عن 66 بناية فوضوية في الحي المذكور، في زمن قياسي لا يتعدى شهرا واحدا فقط، في ظاهرة لم تعد مقتصرة على هذه البلدية فحسب، بل امتدت إلى معظم بلديات الولاية. ويشتكي سكان حي الفخارين بعنابة من عودة المرحلين من البيوت القصديرية المحاذية لفيلاتهم ومساكنهم، إلى الأكواخ والبيوت الفوضوية التي يفترض أنهم تركوها إلى غير رجعة بعد سنوات من المطالبة بسكنات اجتماعية، حيث عاد مرحلون سابقون للاستحواذ مرة أخرى على جيوب عقارية شاغرة، أو ترميم أكواخهم التي تم هدمها عند ترحيلهم العام الماضي. عمد العشرات من المرحلين إلى إعادة بناء الأكواخ التي هدمتها مصالح بلدية عنابة، ووصلها بالكهرباء والماء عشوائيا، فاسحين المجال أمام أبنائهم أو أقاربهم ومعارفهم لتكرار سيناريو الاحتجاج والمطالبة بمسكن اجتماعي، والحصول عليه لاحقا.... والملاحظ أن بعض المرحلين تركوا أبناءهم المراهقين وأحيانا الأطفال، يعيشون بشكل فردي في هذه الأكواخ، أو يترددون عليها طيلة النهار، ليغادروها ليلا فقط للنوم مع آبائهم في الشقق التي انتقلوا إليها في البوني وخرازة، بينما يتخذها آخرون أوكارا لممارسة الرذيلة وترويج المخدرات وإخفاء المسروقات، حيث تحول هذا التجمع الفوضوي إلى مصدر خوف وقلق لسكان المنطقة الذين أنفق بعضهم ملايير السنتيمات في بناء مساكنهم، ولكنهم يعيشون في بيئة غير آمنة، ولا يمكنهم مغادرة منازلهم ليل نهار حتى وإن اضطروا لذلك، على حد قولهم، لأن عصابات السرقة لا تتوقف عن مراقبة ورصد تحركاتهم ومواعيد دخولهم وخروجهم إلى منازلهم بغرض السطو عليها. ورغم أن بلدية عنابة أعلنت عن هدم 150 بناء فوضويا مؤخرا، إلا أن سكان الفخارين أكدوا استمرار عودة تجار القصدير إلى المنطقة، ومحاصرتهم من جديد ليس بالقصدير فقط، ولكن بالآفات التي تضمها هذه التجمعات الفوضوية، حيث أكد أحد السكان المتضررين من الوضع، تعرضه لسرقة كميات كبيرة من مواد البناء التي جلبها إلى موقع العمل لإنجاز مسكنه بمجرد أن غادر الموقع، ناهيك عن عودة عصابات سرقة المنازل التي تسطو على البيوت في النهار وفي الليل دون استثناء، وتختفي في متاهة البيوت الفوضوية. وكانت بلدية عنابة، قد أحصت شهر ديسمبر الماضي، ما لا يقل عن 200 بناية فوضوية، في ظرف أقل من شهرين، كما سجلت فرق شرطة العمران ومصالح محاربة البناءات الفوضوية، ما يقارب 200 مخالفة عمرانية، تتعلق في مجملها بالبناء من دون رخصة والسطو على العقار والمتاجرة بالبنايات الفوضوية. وتم ضبط عصابات منظمة تقوم بأشغال تسوية لجيوب عقارية وأراض شبه غابية على مستوى هضبة الفخارين والمناطق المحيطة بوادي بوقنطاس إلى غاية الحي الفوضوي سيدي حرب. ويؤكد هذا الأمر تحول هضبة الفخارين إلى منطقة عبور للراغبين في الحصول على سكن اجتماعي بهذه الطريقة الاحتيالية، التي نجم عنها تشكل تجمعات فوضوية صارت بؤرا للفساد ومأوى لعصابات السرقة، بالإضافة إلى استنزافها لعشرات المشاريع السكنية الاجتماعية دون أن يتم القضاء على ظاهرة السكن الهش رغم كثرة البرامج المسطرة .