العريان عادة لايتلقي مع العريان إلا في الحمام، أو حتى في الأفلام (المصرية)؟! أمّا أن يلتقي عريانا مع ''مكسي'' فلا يكون إلا في الأحلام!؟ وتحديدا قبل الآذان مع الفجر، فبعده قيام وحسابات ووعد ومواعيد قد تصطدم بما لاتريد أن تسمع الأذان؟ فماذا سمعتم أنتم في معمعان الصيف؟ والشيطان... أحمر! الجواب سمعنا أن نجل وزيرنا الأول والأخير تزوج في فندق الجيش في أعالي الجزائر، والحمد لله ليس في أعالي كرانس مونتانا في سويسرا، وإن كان يهيم بها عمّنا سعدان حيا، بعد أن أدخل الفرحة العارمة على الحكومة وعلى مواطنيها الكرام ممن قضوا العام في الدوران كالزربوط حول كرة وقيل نجل الوزير - والد نسخة من أبيه، والبنت نسخة من أمها، تزوج نجل قمقوم آخر، سبقه وسط أجواء الفخفخة التي تذكرنا بزواج الأمراء. وليس البسطاء ولا حتى الفقراء (الذين تلزمهم تويزة) لفتح دكان زواج ينتهي في العادة بفبركة اثنتي عشرة رهطا بعدد الأبراج غير الصينية! والانطباع العام الذي يتولد إلينا من زيجات الذين علوا في الأرض علوا كبيرا على نحو فرعون أن أخبارها لاترد إلينا إلا بنظام السقي بالقطرة! كأن هناك شبه إجماع على ألا يظهر منها شيء، فإن ظهر لا يكون إلا في دائرة مغلقة، فهي سر من أسرار الدولة كأخبار السرقات والتعينيات والإقالات والنصب والرفع والكسر بلغة النحويين وأهل الصرف (تشاينج) في بور سعيد (جدا)! أو لعل أصحاب العرس، وهم يستخلصون العبرة من الفكرة القائلة ناس تعرس وناس تتهرس أخذتهم الشفقة بنا، فلايريدون إلحاق التعب بنا بعد أن أتعبونا بمافيه الكفاية، فلا يكسرون لنا الراس بالتطبيل والتزمير وإطلاق الزغاريد والرقص بعد أن صارت السمة الأساسية لمهرجانات الصيف بإشراف خليدة الشطاحة (التي ترقص حافية القدمين)! أو لعل هؤلاء من باب التواضع باعتبارهم مثلا من أفراد الأمة لايريدون أن تظهر النعمة عليهم، رغم أنه سبحانه وتعالى يريد أن يرى نعمته علينا مثلا في شكل عروس من عهد ألف ليلة وليلة، وشهريار وحتى باباي ملك البحار! وفي شكل سيارة لم تركبها زوجة الملك فاروق الست ناريمان يجرها الحصان! ولعل السبب في كل هذا العجب أن القماقم تخشى العين والحسد (خمسة في الشيطان والحاسد في النسوان والصبيان أليس هؤلاء الخلف طلب لقراءة الكف والفنجان، وأكثر استيعادا بالشيطان! وبالمناسبة لماذا سكت هؤلاء عن فتوى شيخ السلفيين المدعو فركوس الذي فركسنا بفركوسة صيف ملخصها أن الشيطان يلبس الأحمر (شيوعي) وليس رأسمالي على مانظن فلا تلبسوا مثله وتذهبون للمساجد! هذا الباب للصحاب! بعض الأصداء التي وصلتنا عن أعراس مايسمى بالمجتمع المفيد - وعكسه غير المفيد أي الذي ينغص العيش ويستحق أن يحرق في القش (بكسر القاف) وليس قش بختة (الوهرانية)! بعض الأصداء أقول تتحدث عن كونه وزير الفلاحة السابق بركات الذي يتعلم حاليا في التضامن الوطني بعد أن عرج على الصحة، أقام عرس ولده وكبده في البلاد لم تستطع فنادق الولاية على استيعاب ضيوفه، ولاحظوا مثلا أن إبن الملياردير ربراب الذي يدفع عشرة ملايير للضرائب يوميا، لايدفعه أحد بعده ولاقبله تزوج من ابنة رضا مالك (غير الحزين) رئيس الحكومة الأسبق وصاحب التعالف الوطني، أي التحالف كما يسميه، ورجل مال منذ أن كان في الثورة في الصفوف الوسطى قبل أن يواصل سيره مع الوصوليين (ليصل ويحصد ويأكل) وتصوروا معي الآن إذا كان عدد الضيوف يتجاوز عدد الأسرة في ولاية وكل واحد يأتي ومعه هدية... كم يصبح عند الزوج المحظوظ! الأكيد أن سيفتح بازار للأجهزة الكهرو - منزليّة والألبسة والهدايا الثمينة ... لماذا؟ لأن الهدايا توهب للأقوياء والأثرياء، وأصحاب المصالح، فهل رأيتم عريانا يتسابق المدعوون من أجل إهدائه الغالي والثمين في هذه الأيام.. راج خبر زواج إبنة هيلاري كلينتون زوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون من شاب يعمل في البنك ورد أصله وفصله وقدم حتى أبرز المدعوين.. والإبنة لمن يذكر عرض خطبتها فلاح إفريقي من كينيا إذا لم تخن الذاكرة وعرض مهرها 12 بقرة وبعض المعزاة لكن طلبه رفض، فما الذي يعارض الشفافيّة في ميدان الزيجات العائلية عند الكبار؟ أسهل شيء لكي يصبح الواحد (وقس عليها الواحدة) ثريا وغنيا أن يسرق - والسرقة فنون - فإن لم يستطع فعليه بالمصاهرة لأنها تنتج النسل والحرق، وهي باب الوراثة وحتى التوريث كما هو معمول به في أنظمة الحكم في البلدان التي وصلت إلى تكوين عائلات جمهورية حاكمة على غرار العائلات الملكية! أما الخطوة الأولى من تكوين عائلة حاكمة في البلاد قوامها السلاح والمال - وبدونهما لن تقوم أبدا - ولو على أرض المريخ، فقد ترسمت خطوطها الأولى بأحرف من ذهب بعد أن فتح مجال الخصخصة وتفكيك القطاع العام! فهذه مقدمة لإنشاء مايسمى بيوتات المال مستفيدة من غياب أوتغييب القوانين أو ترك ثغرات مفتوحة عمدا لكي يتسللوا منها قبل إعادة غلق الباب بعد أن يدخل كل الصحاب. ومادام أن المستفيدين بذلوا مجهودات جبارة وسهروا الليالي وكابدوا المشاق وتحدوا الأخطار، كان لابد من تحصين الثمار، لكي لايذهب ماء الأمطار في الأنهار، وهذه الأخيرة في البحار! ومن هنا يصبح زواج المصالح يرأسها، فيبدأ بزوجين وينتهي بشريكين وشركتين وإن أمكن عشر شركات! والويل لمن يحاول القفز على الأسوار، لأن كلاب الزوجين في الانتظار... وهذا وحده يفسر كيف أن ''قمقوما'' سابقا قدمته بعض الصحافة على كونه ''بطال'' قام بمحاولة اقتحام بواسطة سيارة رباعية الدفع مدرعة لمقر الرئاسة التي حرمته من ''بار'' كبير، وهو مايفسر اتهام إبن وزير بالمتاجرة بالمخدرات... وإن كانت قائمة أولادهم من المستفيدين من سونطراك والخليفة وعشرات القضايا الآخرى المخفية تشيب الراس! ومع ذلك لا تقلقوا ولاتحزنوا فالمال في النهاية لم يغادر معظمه الحدود... وكل ما يفعله أنه سينقل مشعله من الآباء الذين سنقرأ عند موتهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، إلى أولادهم الأعزاء وهم ألعن منهم وأكثر بلاء، فويل لأمة جاءها الوعد بثورتها وسيحكمها النسوان والأولاد!