صدقوا.. أولا تصدقوا!! البقرة (المستوردة) تستهلك أكثر من الإنسان... هذا ما اتضح من خلال صالون الحليب والأبقار الدولي الذي نظم مؤخرا بالعاصمة.. وحضره أهل الاختصاص والبفارة أيضا! والبفارة حتى يفهم الذين لم يفهموا بعد، مصطلح شاع مؤخرا مع أشباه الفلاحين والتجار الذين شاءت الظروف والأقدار أن يصبح الواحد منهم ميلونيرا يحسب بالشكارة... فهل أن المشكلة في الجزائر أصلها بقرية، ناتجة عن حمى أبقار في حالة استفار برتقالي لاتريد أن تضع الأوزار كحرب داحس والغبراء التي ورد ذكرها في الأخبار؟ شِعر نورمال...! قبل سنوات شاع نوع من الشعر بكسر حرف الشين... وليس الشعر أو الوبر إسمه شعر اللامعقول... يعني بمفهومنا نحن يمكن تسميته شعر نورمال... وحتى يقترب إلى أذهانكم بعض الشيء هذا النوع من الشعر، أسوق لكم بيتا مازال يدور في مخي يقول في مطلعه: ياطالع الشجرة... هات لي معك بقرة تحلبني وتسقيني بالملعقة الصيني... فأنتم ترون معي أن هذا الشعر لايصدر إلا على لسان واحد ''نورمال''، أي عنده بعض الهبال ممن اختلط عليهم ''الأفانس'' مع الروتار... أي التأخر وليس روتاري الذي هو نادي للماسونية (اليهودية) يدّعي الخير وهو للشيطان جاثم كالبقر في مرج مزهر! فكيف يمكن أن تطلع بقرة فوق شجرة تحلبني وتسقيني (بارك الله فيها)! الجواب سهل يمكن أن نجده في الصالون المذكور، أو في حكاية الذي يعشي دجاجة طول العام لكي لاتشبعه ليلة واحدة... فلما إذا يتعب كل هذا الوقت لكي يحصل على قوت يوم أو بضع يوم تفضح أمره أمام الضيوف وبعض القوم؟ هذه الحكاية الدجاجية معروفة... لاتخفي حتى على السردوك نفسه الذي يغني ويصيح (فرحا وطربا) (وكرعيه) في الزبالة معلنا أنه قد حان وقت أذان الفجر! أما الذي لايعرفه ولايعرفه إلا الرعيان فهو أن بقرة مستوردة تستهلك في المعدل يوميا مبلغ 60 ألف (سنتيم)، في وقت لايغطي حليبها الذي تدره في نفس اليوم مصاريف أكلها! مشكلة... بالفعل... فهل تأكل الأبقار اللحوم وعظامها كما تأكل بقرات بريطانيا فأصيبت بجنون الأبقار الذي جاء قبل جنون الخنزير... وجنون الطيور؟ أم أنها تأكل الأجبان وتشرب الكوكا لكي ترتفع الفاتورة الغذائية لرأس البقر بما يزيد عن رأس البشر! كل البفارة ومربوها يجمعون على كون ما تأكله الأبقار من أعلاف مرده أنهم يتعرضون كما نتعرض نحن لحلقات من مسلسل الوسطاء الذي يزيد فيه الأول عن الثاني والثاني عن الثالث ليصل غذاء 05 نجوم لذي القرنين فتدر حليبا يحول فيما بعد في ''صاشيات'' لحافي القدمين. والمهم في هذه المشكلة البقرية أن الطريق إلى الحل موجود، ويكفي أن تباع أعلافها بالسعر الحقيقي لكي يتساوى مثلا غذاء البقر مع البشر؟ النور الأبيض حتى إذا الفرد الواحد يصرف مابين 40 إلى 0 % من ''شهريته'' على العلف والاستعلاف، فإن المبلغ المدفوع في الغالب لايضمن غير الحد الأدنى من الكفاف فالكثيرون يجزمون أنهم لاينفقون تلك ال 60 ألف سنتيم يوميا... ولو كانوا ممثلين لعائلة بدليل أن أجور عدد من هؤلاء، تتساوى مع الحد الأدنى المضمون، إن لم تكن أقل منها في مشهد ينبيء بعودة العبودية في شكلها الجديد، رغم أنها فرخت أزمة مالية عالمية انحاز فيها المال لفئة قليلة أمام فئة كبيرة ينذرها شبح التسريح والأفلاس، والمحصلة أن الأبقار المستوردة الناصعة البياض أكثر دلالا وتفضيلا من كثير من الخلق! ولاغرابة في هذا، فكل ما يأتينا من الغرب شقراء أو بقرة تزداد بها عجبا ونقف لها حبا... ونطعمها خرطالا وشعيرا نوعيّة أولى وحبّا وفاكهة وعنبا! ومن يدري لعلها لاترضى فتحن الى الديار في الغرب. وعندما تصل القضية لحد أن حل مشكلة يؤدي الى مشكلة أكبر منها، فإن ذلك يحتم علينا أن ندرك مكامن العيب وإلا فإن الجميع محكوم عليه بالسقوط في البحث. فالأصل في استيراد البقرة بالعملة الصعبة أن تخفف عنا استيراد حليب الغبرة... وهو ما لم يحدث بالنظر الى تكلفة الغذاء معها... فكيف تريدون أن تقنعونا بأن استيراد المسير ونحن بقرة اليتامي فيه خير وبين قوسين بقرة اليتامى - عنوان للبقرة المحليّة ويمكن أن تحسبوها بقرة بالمعنى الحقيقي للكلمة، أي تمشي على أربع ولها ضرع يحلب أحسن مما تحلب المرضعات عندنا، أو يمكن أن تكون عنوانا لشركة عامّة أي وطنية... فهذا النوع من المؤسسات الصناعية منها خاصّة قد ينطبق عليها هذا المثل أكثر من غيرها... فلا هي أشبعت نفسها ولا هي أطعمت اليتامي الذين من حولها، فلا تلوموها إذن! فما الجدوى إذن من وجودها إن كانت لاتقدم ولاتؤخر في شيء؟ هذا السؤال شغل بال الحكومة قبل أن يصبح شعار ''كل شيء قابل للخوصصة'' (بما فيها الحلوف في غابة سيدي علي بوناب مع الإرهاب) متداولا على الألسن بعد أن كان يتم تداوله في إطار ضيق ومحدود، ولهذا حرصت على أن تتخلص منها بشتى أنواع الطرق بما فيها إيهام اليتامى حولها بأنها تستحق الموت الرجيم بعد أن أحاطتها قبل ذلك بمسؤولين مكلفين بمهمّة شعارها أيضا اضربها على كرشها تسقط قدميها! وهو ماحصل! والآن لدينا مجموعة من شركات عمي موح تحولت الى عمّي جيرار وبرنار - وبعضها بالتراضي وكأنها ملكية السيد والدهم! ورثوها عنه، ومن بعده يوزعونها والنتيجة أن كل الذي حصل أننا نتلقى مع كل واحد صكة بغل (حافي القدمين) فالجحار (للحديد والنار) الذي تعارك الرعيان على هتك عرضه قبل خصخصته بأقل ما تأكله بقرتهم (الهولندية والنمساوية) طول النهار عاد مع الهنود كما كان... ألعب يافار! وشركة أخرى تحولت في إطار الشراكة مع الطليان أوكل تسييرها لواحد منهم... فإذا به يتضح بأنه من أكبر رعيان المافيا... لهف وطار! وأخرى بيعت للألمان ومختصة في إنتاج الأوكسجين والغازات للمستشفيات على أمل أن تكبر وتصدر... فإذا بالأمر ينقلب كما أنقلب السحر على الساحر، فأصبحت مستشفيات تستورد. وآخر حكاية وليست الأخيرة لأن قائمتها لاتتسع تقول إن مصنعا للإسمنت خوصص للفرنسيين، فاستعبد العمال وقرر مرة واحدة التصدير! فهل هذا العبث الصبياني الذي يقوم به بفارة الحكومة ولم ير مثله في أي بلد مقصود، أم جاء عن جهل الذي يعوم في الوحل؟ ثمة مثل قديم يقول قل لي ماذا تقرأ أقول لك من أنت... وآخر يقول قل لي من تصاحب أقول لك من أنت، فماذا ننتظر من بفار شاءت الأقدار والظروف أن يصبح في موقع قرار؟ والجواب أن أقل شيء يمكن أن ننتظر منه أنه يعرف واحد على شاكلته، لأن الطيور على أشكالها تقع! وهكذا بدأت الحكاية بعد أن سلت سكاكين البفارة أمام بقرة اليتامى، ووجدوا فيها ضالتهم بعد أن يقتسموا لحمها، أو يحصل أقل واحد منهم على مصة تنشله من دائرة الفقر والصفر. وليس بعيدا أن يطمعوا حتى في بقرة النصارى لتحويلها لبقرة يتامى سيأتي عليها الدور على طريقة أكلت يوم أكل الثور الأبيض! (قالها الأسود والله أعلم)!