رفض قطب "قوى التغيير" بقيادة رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، الذي يضم ثمانية أحزاب سياسية أخرى، تلبية الدعوة الموجهة إليهم للمشاركة في مشاورات تعديل الدستور مطلع شهر جوان الداخل، وبذلك يتجه القطب للالتحاق بندوة "تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي" المزمع تنظيمها مطلع الشهر نفسه، بعدما أقنع جاب الله رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش، وأخفق في ذلك مع سيد أحمد غزالي. وجاء هذا القرار ، أمس، بعد الاجتماع، الذي عقدته قوى التغيير بمشاركة علي بن فليس، نور الدين بحبوح رئيس اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية، الطاهر بن بعيبش رئيس حزب الفجر الجديد، محمد جهيد يونسي عن حركة الإصلاح الوطني، مهدي علالو ممثل حزب الوسطيين، قادري حفيظ شفيق عن الحركة الوطنية للأمل، جمال بن عبد السلام رئيس جبهة الجزائر الجديدة، أوجدي دمرجي نجية ممثلة حركة المواطنين الأحرار، وحبوسي أحمد عن حزب التجمع من أجل الصلح الوطني، الذي درس اقتراحات التعديل الدستوري المطروحة من قبل السلطة، والدعوة الموجهة إلى القوى السياسية والاجتماعية للمشاركة في تحقيقها. ولاحظ الموقعون على بيان القطب، تحصلت "البلاد" على نسخة منه، أن المقاربة التي بنيت حصرا على تعديل "محدود وانتقائي" للدستور ليست في حقيقتها السبيل الأنسب للبحث عن حل للأزمة السياسية والمؤسساتية "الخطيرة" التي يواجهها البلد، مسجلين في مضمونها أن اقتراحات التعديل الدستوري "تجاهلت عمدا" الطبيعة والأسباب الحقيقية لهذه الأزمة السياسية والمؤسساتية، حيث اعتبروا أن الأزمة السياسية والمأزق المؤسساتي اللذين تعاني منهما الجزائر -حسبهم- هما أساسا "أزمة مشروعية وسير المؤسسات"، مشيرين إلى أن تدابير "التعديل الجزئي" المقترح "لا تمثل بأي حال من الأحوال حلا لأزمة بهذا الحجم وفي هذا المستوى من التعقيد". واتفق المشاركون على أن الغاية والسبب الحقيقيين للتعديل الدستوري ينطلقان من "إرادة" تحويل انتباه الشعب الجزائري عن خطورة هذه الأزمة "وإخفاء" الطريقة والوسائل لتسويتها الفعلية والدائمة، وخلص الموقعون إلى أن هذا المسعى للسلطة ينم عن اقتصار اهتمامها على "ضمان استدامتها" بدلا من الإقدام على المعالجة الحقيقية للأزمة السياسية والمؤسساتية الحالية وإيجاد الحل التوافقي والجامع الذي تتطلبه بكيفية ملحة، مؤكدين أنه "ليس لمؤسسات فاقدة للشرعية إجراء تعديل دستور الجمهورية بكيفية أحادية الجانب وعلى مزاجها الخاص"، وأوضح بن فليس وشركاؤه أن مشروع تعديل الدستور "بعيد كل البعد" على أن يندرج في المهمة الوطنية ذات الأولوية، وبالتحديد أولوية التغيير الديمقراطي، مشيرين إلى أن مثل هذه المهمة الوطنية تستدعي كنقطة انطلاق الرجوع -حسب أصحاب البيان- إلى مشروعية المؤسسات وإعادة تأهيلها حتى تتمكن من الممارسة الفعلية لمهامها الدستورية، حيث أكد بن فليس أن "كل مقاربة أخرى تتجاهل أو تتجنب التكفل بهذه الإشكالية لا يكون لها أي أثر أو وقع على الأزمة السياسية الراهنة". وجدد قطب "قوى التغيير" قناعته بضرورة التوجه نحو مسار سياسي "شامل متناسق ومتوافق عليه" كإطار لتسوية الأزمة في كل أبعادها، معتبرا بأن مشروع السلطة "لا يوفر هذا الإطار"، وبالتالي "لا يقدم حلا جامعا وذا مصداقية" للمأزق السياسي والمؤسساتي.