تهدد الكوارث الطبيعية والزلازل، حياة قاطني العمارات القديمة في العاصمة والمدن الكبرى بالفناء، حيث أزال الزلزال الأخير الذي هز ربوع عاصمة البلاد والولايات المجاورة الستار عن مشكلة لطالما حاولت السلطات المحلية ترقيعها ويعود الحديث عن أزمة السكنات الهشة مع كل كارثة طبيعية مهما كان حجمها تصيب العاصمة بالبلاء، وهو ما جعل سكان هذه العمارات في العاصمة يفترشون الطرق صباح أمس لعلمهم اليقين بأن سكناتهم من الممكن أن تنهار فوق رؤوسهم في أي لحظة كانت. وكشف رئيس نادي المخاطر والكوارث الطبيعية عبد الكريم شلغوم في اتصال ب"البلاد" أن زلزالا أعلى من قوة 6.5 على سلم رشتر من شأنه أن يزيل العمارات العتيقة بساكنيها في قلب العاصمة من الوجود، مؤكدا أن الزلزال الذي مس العاصمة أول أمس قد ألحق أضرارا كبيرة في أساس البنايات وهياكلها، داعيا السلطات المعنية إلى إنشاء لجان تقنية تعد بمعية مكاتب الدراسات المحلية لإنشاء فحوصات على كل عمارة في العاصمة لتحديد مدى قدرتها على تحمل أي كوارث مماثلة. وانتقد شلغوم بشدة خلية الأزمة التي شكلتها وزارة الداخلية دقائق بعد الزلزال، واصفا إياها بالعديمة الجدوى كونها خلية إدارية بحثة وتصدر قرارات إدارية مؤقتة لاحتواء المشكلة لا غير، معتبرا أنه كان على الوزارة إنشاء لجنة تقنية مكونة من خبراء محليين أثبتوا مهنيتهم على مر الكوارث التي أصابت البلاد، فمن غير المعقول، حسب شلغوم، إصدار قرارات إدارية بتهديم بنايات أو ترميمها دون الرجوع إلى دراسات خبراء تقنيين وسخر عبد الكريم شلغوم من المشروع الذي تبنته ولاية الجزائر قبل أشهر والمتعلق بترميم وتجميل البنايات القديمة في العاصمة، مؤكدا أن معظم هذه البنايات تجاوزت عمرها الافتراضي، حيث إن أغلبها كان قد بني قبل قرن من الزمن وتعرضت لتشوهات جراء الظواهر الطبيعية وعوامل أخرى بشرية فلا يمكن بأي حال من الأحوال إخفاء كل هذه العيوب عبر طلائها بألوان جديدة وإحضار مكاتب مقاولاتية أجنبية بغرض تغيير البلاط فيها فقط، في الوقت الذي تشكل فيه هذه المباني خطرا على حياة قاطنيها. وفي نفس السياق، طالب الخبير ورئيس نادي المخاطر الكبرى بضرورة إعداد دراسات كبرى ومعمقة في المدن الجزائرية قبل إطلاق المشاريع التنموية لتفادي وقوع الكوارث، مؤكدا أن المشكل في البلد هو التفكير في الكوارث بعد وقوعها وليس قبلها، مشددا على ضرورة تطبيق المخطط الوطني للوقاية لتفادي الحلول الترقيعية عند وقوع الكوارث الطبيعية، حيث تكون هنالك لجنة دائمة تابعة للحكومة مهمتها تسيير الوقاية من الأخطار الكبرى وكذا الكوارث الطبيعية، خصوصا أن حدة التأثر بالكوارث تتزايد بوتيرة أسرع من تطور القدرة على مواجهتها. لذا، ينبغي مشاركة الجميع لاتخاذ قرار لمواجهتها.