دبت الحركة في قطاع غزة بعد دخول اتفاق التهدئة حيز التنفيذ صباح أمس، وبدا الوضع هادئا ولم يسجل أي خرق للتهدئة التي تمتد لثلاثة أيام، فيما توالت المواقف المرحبة بالاتفاق الذي أوقف العدوان الإسرائيلي المستمر منذ الثامن من جويلية الماضي. ونزل سكان القطاع إلى الشوارع للتزود باحتياجاتهم، فيما بدأت الجهود لانتشال الجثث التي ردمت تحت الأنقاض بعد أن منع القصف المتواصل عمال الإغاثة من الاقتراب من مواقع تعرضت للقصف في وقت سابق. وتمكنت طواقم الإسعاف والدفاع المدني الفلسطينية من انتشال عدد من الجثث من المنطقة الشرقية في مدينة رفح بعد انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة التي اجتاحتها قبل خمسة أيام. وفي شمال غزة عاد مئات الآلاف من الذين شردهم القتال بحرص إلى بلداتهم، ودخل نازحون بلدة بيت حانون في شمال قطاع غزة في عربات تجرها الحمير. وظلت أصوات الطائرات الإسرائيلية ظلت تسمع في أرجاء القطاع لكن لم تقع أي غارات. وأكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية سامي أبو زهري أن الفصائل الفلسطينية ملتزمة بالتهدئة ودعا إسرائيل للالتزام وعدم خرق الاتفاق الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية. وقبل دقائق على بدء العمل بالتهدئة تعرضت مناطق مختلفة من قطاع غزة لغارات شنها الطيران الإسرائيلي فيما سقطت صواريخ أطلقتها المقاومة الفلسطينية على عدد من المدن الإسرائيلية. وأعلن الجيش الإسرائيلي انسحابه بشكل كامل من قطاع غزة، وقال المتحدث باسم الجيش بيتر ليرنر إن القوات الإسرائيلية دمرت خلال الليلة ما قبل الماضية آخر مجموعة من بين 32 نفقا حددت مواقعها في غزة. وكان الإعلان عن التهدئة صدر الليلة الماضية، وقال مسؤول مصري لوكالة الصحافة الفرنسية إن "اتصالات مصر مع مختلف الأطراف أدت إلى التزام بتهدئة تستمر 72 ساعة في غزة، إضافة إلى الاتفاق على أن تحضر بقية الوفود إلى القاهرة لإجراء مفاوضات أكثر شمولا". ورحب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتوصل إلى التهدئة، ودعا إلى احترامها. وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالاتفاق على التهدئة، وطالب في بيان كلا من إسرائيل وحماس ب"البدء في أسرع وقت ممكن بمفاوضات في القاهرة للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار"، وأوضح أن الأممالمتحدة مستعدة لتقديم كل الدعم للجهود الرامية لتسوية النزاع. وتعقد الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم "اجتماعا غير رسمي" لأعضائها ال193 بشأن الوضع في قطاع غزة. ومن جانبه، قال مساعد مستشار الأمن القومي الأميركي توني بلينكن إن التهدئة "ستتيح الوقت لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا التوصل إلى وقف لإطلاق النار لمدة أطول". وجاء الاتفاق على التهدئة في اليوم التاسع والعشرين لبدء العدوان العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن حصيلة العدوان بلغت 1867 شهيدا و9567 مصابا، بينما تحدثت تقارير أخرى عن أكثر من ألفي شهيد، فيما اعترفت إسرائيل بمقتل 64 جنديا وثلاثة مدنيين وإصابة 400 جندي. من ناحية أخرى، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن القدرات العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية في قطاع غزة، وقالت إن الحركة طورت قدراتها كثيرا. وأوضح قائد المنطقة الجنوبية السابق اللواء يواف غالانت للقناة الثانية الإسرائيلية قائلا "أعتقد أنه منذ الحرب السابقة فإن حماس قفزت قفزة مهمة، والزمن يلعب لمصلحتها قياسا بإسرائيل". وطالب غالانت القيادة العسكرية الإسرائيلية بالتفكير في حل عسكري "يعيد بناء الجيش بما يتناسب مع التهديد الجديد الذي يشكله إرهاب حماس"، منتقدا "تأخر" القيادة في هذا الأمر. وقال محللون إسرائيليون إنه لا يمكن وصف ما حققه الجيش الإسرائيلي بالانتصار؛ فهذا يعد بمثابة الخداع للنفس، لأن الصواريخ الفلسطينية ما زالت تنهال على المدن الإسرائيلية، ولم يتم تدمير كل الأنفاق في غزة.