اعترف الرئيس الأمريكي باراك أوباما علنا ولأول مرة، بأن الإدارة الأمريكية أخطأت في تعاملها مع الأزمة الليبية منذ البداية، مؤكدا أن قراراتها تعد سببا لما آلت عليه الأوضاع في ليبيا من فوضى وانتشار للميليشيات المسلحة في إشارة إلى تسرع قوات حلف الناتو المدعومة من بالولاياتالمتحدةالأمريكية في إسقاط نظام معمر القذافي، وهو ما تحفظت عليه الجزائر من باب العواقب الوخيمة على المنطقة، حيث حذرت حينها من انتشار الأسلحة التي وزعها الغرب بشكل عشوائي ووقوعها في أيادي جماعات إرهابية، وهو بالفعل ما حدث وتعلمت منه الإدارة الأمريكية. وقال الرئيس باراك أوباما في مقابلة أجرتها معه صحيفة النيويورك تايمز إن بلاده ساهمت في الانهيار الأمني الخطير الذي تشهده ليبيا، معبرا عن أسفه لعدم بذل المزيد لإعادة إعمارها بعد سقوط نظام القذافي في عام 2011، والذي ساهمت الولاياتالمتحدة في الإطاحة به ضمن غارات جوية شنّها حلف شمال الأطلسي، مشيرا إلى أن ما يحدث في ليبيا هو درس ستتعلم منه أمريكا قبل التفكير في أي هجمات مستقبلية قائلا "هو درس مستفاد أطبقه الآن في كل مرة أتساءل فيها: هل يجب أن نتدخل عسكريًّا؟ هل نملك إجابة في اليوم التالي؟" معتبرًا أيضا أن تخلي الإدارة الأمريكية عن إعادة إعمار ليبيا خطأ لا يُقبل تكراره. وفي السياق نفسه، يرى متابعون أن تصريحات أوباما الأخيرة التي لم ترق إلى مستوى ما تواجهه ليبيا من تهديدات أثبتت نجاعة رؤية الجزائر تجاه الأزمات في المنطقة، حيث حمّل المتابعون الغرب مسؤولية انحدار ليبيا إلى وضع اللادولة بالتدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي لإسقاط نظام القذافي ثم تخليه عنها وتركها لقمة سائغة للتنظيمات المتشددة، وقد سبق الخبير الأمريكي المختص في الإرهاب دافيد غارتنشتاين أوباما في الاعتراف أمام أعضاء الكونجرس الأمريكي بالخطأ الإستراتيجي الذي وقعت فيه أمريكا بليبيا، مبرزا تحذيرات الجزائر حينذاك من أي تدخل عسكري هناك كانت صائبة. وكان الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل قد عقد مؤتمرا صحافيا قبيل الهجمات الغربية على ليبيا، مؤكدا فيه أن أي تدخل عسكري في ليبيا سيفشل لا محالة وسيؤدي إلى انعكاسات خطيرة، لاسيما فيما يتعلق بانتشار الأسلحة وتشجيع الفكر الإرهابي والتطرف ورغم صواب رأي الجزائر أنذاك إلا أن التهور الغربي دفعت ثمنه سريعا بعد ذلك الجزائر عقب الهجمات الإرهابية على المحطة الغازية في تيڤنتورين التي أدت بأرواح عمال أجانب، إلى جانب اندلاع الحرب في المالي وتسرب الجماعات الإرهابية على الحدود الجزائرية التونسية.