أفادت مصادر أمنية مأذونة بأن الحكومة التونسية طلبت مساعدة نظيرتها الجزائرية من خلال أجهزة الأمن المكلفة بمكافحة الإرهاب في إطار مجريات التحقيق حول خلية "الشعانبي" الناشطة بولاية القصرين بالقرب من الحدود الجزائريةالتونسية. وذكرت المصادر أن الطلب قدمه وفد أمني رفيع المستوى زار الجزائر مؤخرا عقب قمة سلال جمعة في ولاية تبسة. وعرض الوفد الأمني التونسي تقريرا عكس مخاوف السلطات التونسية من تدهور الوضع الأمني على الحدود وانعكاساته على العمق الداخلي التونسي وعلى دول الجوار برمتها خاصة في ظل استعمال خلية الشعانبي لأسلحة ثقيلة وتلغيم معظم المسالك المؤدية إلى المرتفعات الجبلية بألغام وعبوات ناسفة من صنع متطور لا يتماشى مع إمكانيات الجيش التونسي، وتتعاظم مخاوف السلطات الأمنية في تونس من العودة إلى حالة الانفلات الأمني الخطير الذي عاشته ليبيا عام 2011 خاصة في ظل تسجيل خسائر فادحة في الأرواح ذهب ضحيتها عسكريون ورجال أمن في أثقل حصيلة دفعها أبناء هذا البلد جراء الهجمات الارهابية المباغتة. ونقلت مصادر مطلعة ل"البلاد" أن "تونس ترغب في الاستفادة من بنك المعلومات الثري الذي تملكه الجزائر حول التنظيمات وأمراء الإرهاب في الجزائر وعلى الحدود وفي منطقة الساحل خاصة أن أسلوب الاعتداءات الإرهابية التي تنفذها خلية الشعانبي تشبه إلى حد التطابق مع العمليات التي تبناها تنظيم القاعدة منذ تنصيب عبد المالك دروكدال، خبير المتفجرات على رأس التنظيم. وعجل تقرير أمني أعدته مصالح الاستعلامات حول تهديدات مفترضة بتنفيذ عمليات انتحارية تستهدف مقرات حكومية ومراكز أمنية تابعة لمصالح الأمن والجيش التونسي بناء على شهادات أدلى بها موقوفون في حملة الاعتقالات التي قادها الجيش التونسي مؤخرا، تحرك الوفد التونسي لطلب خبرة الجزائر في التعامل مع مستجدات الوضع الأمني الميداني.ويعمل خبراء الأمن الجزائريون على جمع وتحليل المعلومات التي تقدمها غرفة العمليات الأمنية المشتركة حول مكافحة الإرهاب بين البلدين، وتتعلق بالتحركات المشبوهة للمجموعة الناشطة على نقاط التماس وكذا المواقع التي يتنقل عبرها قادة شبكات تجنيد الشباب التونسي والمخابئ التي يتحصن فيها كبار الأمراء من أجل إعداد تصور حول المعالجة الميدانية لهذا الانفلات. وعكست الأحداث الأخيرة التي استهدفت وحدات الجيش التونسي أن المواجهة حتمية بين الحكومة والعناصر االمسلحة وأن الوقت لم يعد كافيا للحوار أوتقديم الدليل والحجة لإقناع شباب تونس الذي حولها إلى "بؤرة لتصدير الإرهاب" على حد ما جاء في عدد من التقارير الأمنية المتعلقة بالوضع الأمني في تونس.ولم ينفع التشكيك المتواصل في قدرة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي على الاستقرار على الأراضي التونسية في جعلها بعيدة عن مرمى التيار الجهادي، حيث أظهرت تقارير أمنية تونسية أن العناصر الإرهابية المستقرة في الجبال الصعبة التضاريس في أعلى قمة جبلية بتونس (نحو 1.5 كم على سطح الأرض) تمتلك من المدخرات والمؤونة والأسلحة ما يجعلها قادرة على تهديد أمن تونس وربما بقية البلدان المجاورة. وعلى الرغم من استهداف قوات الأمن والجيش للجماعات الإرهابية في جبال الشعانبي وفتح "جبهة عسكرية" تمتد من القصرين إلى الكاف المجاورة، فإن ذلك لم يمنع تلك المجموعات من مواصلة الاستقرار في تلك المناطق الوعرة التي يقول بعض السكان إنها لا تختلف كثيرا في تضاريسها عن جبال "تورا بورا" في أفغانستان. ولعل تأكيد محمد علي العروي، الناطق باسم وزارة الداخلية، أن القوات المسلحة التونسية تطارد مجموعتين من المقاتلين الإسلاميين قرب الحدود الجزائرية، واحدة في جبل الشعانبي والثانية بولاية الكاف، يؤكد أن المواجهة الحاسمة قادمة لا محالة على حد ما جاء في تحاليل عسكرية.