ذكرت صحيفة "ذي ايكونوميست" البريطانية، أمس، أن السلطات الجزائرية سبق لها وأن حذرت نظيرتها في تونس من خطر انتشار وتحرك جماعات إرهابية في منطقة جبل الشعانبي المحاذية للحدود بين البلدين، مشيرة إلى أن هذه التحذيرات جاءت إثر معلومات مؤكدة استقتها الجزائر في إطار العمل الأمني المكثف الذي تقوم به مصالحها الأمنية في إطار تشديد إجراءات مراقبة الحدود الشرقية لمتابعة العناصر الإرهابية وصد محاولات تسللها إلى التراب الوطني. وأشارت الصحيفة، نقلا عن مصادر تونسية، إلى أن المعلومات التي قدمتها السلطات الجزائرية لنظيرتها التونسية، خلال مطلع السنة الجارية، تفيد بتنامي عدد عناصر المجموعة الإرهابية التي اتخذت من المنطقة الجبلية المذكورة ملاذا آمنا ومريحا للتخطيط والتدريب وجمع الأسلحة للقيام بهجمات ضد أهداف محددة في كل من تونسوالجزائر، موضحة بأن مصالح الأمن الجزائرية وفي إطار تشديد إجراءات الأمن والمراقبة على الحدود الشرقية للبلاد، ظلت تراقب المنطقة عن كثب خشية تسلل العناصر الإرهابية إلى التراب الوطني، لاسيما وأن السلسلة الجبلية التي يقع بها جبل الشعانبي لها امتداد في الإقليم الجزائري، وقامت انطلاقا من المعطيات التي استقتها من خلال هذا العمل الأمني بتبليغ الطرف التونسي عن نشاط العناصر الإرهابية المتحركة في المنطقة، وذلك في إطار التنسيق الأمني القائم بين البلدين لمواجهة تهديدات العصابات الإرهابية والإجرامية التي تستغل الوضع الهش الذي تشهده تونس لتكثيف نشاطاتها غير المشروعة. وكانت بعض المصادر الإعلامية التونسية قد ذكرت مؤخرا بأن السلطات التونسية كان بإمكانها تفادي ما وقع في جبل الشعانبي إثر إصابة 16 عسكريا تونسيا بانفجار ألغام زرعتها المجموعة الإرهابية بالمنطقة، لو أنها عرفت كيف تستغل المعطيات الاستعلاماتية التي قدمتها لها السلطات الأمنية الجزائرية منذ مطلع العام الجاري في إطار التنسيق الثنائي لمكافحة الإرهاب، وواجهت الوضع بشكل سريع وبسيط لضرب وتفكيك الخلايا الإرهابية قبل اتساع رقعة نشاطها من خلال عمليات عسكرية قد لا تستغرق مدتها أكثر من يومين، على حد تعبيرها. وتزامن نشر المعلومات حول تأخر السلطات الأمنية التونسية في التعامل مع المعلومات الأمنية التي أمدتها بها الجزائر لحثها على معالجة تفاقم الوضع الأمني بالمناطق الحدودية المحاذية للتراب الجزائري، مع تنامي المخاوف في أوساط الشارع التونسي من الانفلات الأمني واستغلال الجماعات الإرهابية للوضع العام في تونس التي تعيش مرحلة إعادة بناء الدولة القوية بعد الإطاحة بنظام بن علي، للانتشار وبسط نفوذها في بعض المناطق الحدودية، لا سيما على الشريط الحدودي الذي يربط البلاد بليبيا التي تشهد هي الأخرى تحولات عميقة نحو تعزيز الأمن والاستقرار. وفي خضم التطورات الخطيرة التي عرفتها الحدود الغربيةالتونسية، وتبعتها مظاهرات للمئات من عناصر الأمن أمام المجلس التأسيسي للمطالبة بقوانين تحميهم في تدخلهم ضد "الجماعات الإرهابية"، حذر رئيس الحكومة التونسية الأسبق الباجي قائد السبسي أول أمس من إمكانية تحول تونس إلى قاعدة ارتكاز للإرهاب الدولي. وانتقد قائد السبسي الذي يرأس حركة نداء تونس المعارضة التقليل من خطورة الأحداث الجارية غرب البلاد، داعيا إلى ضرورة إحكام التنسيق مع الجانب الجزائري لدرء خطر الإرهاب. من جهتها، تعمل السلطات الجزائرية على تقديم كل الدعم اللازم لنظيرتها التونسية في إطار التعاون الأمني بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب، حيث جدد وزير الداخلية والجماعات المحلية، السيد دحو ولد قابلية، في تصريح له قبل يومين، التأكيد على وجود تنسيق أمني قائم على تبادل المعلومات بين الجزائروتونس لتأمين حدودهما المشتركة، موضحا في المقابل بأن الجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية لهذا البلد الجار. كما أشار الوزير إلى أن المجموعة الإرهابية التي حوصرت داخل التراب التونسي بالقرب من الحدود الجزائرية دخلت عن طريق مالي مثلما أكدته السلطات التونسية، مؤكدا بأن الجزائر التي تحرص على الدفاع عن أراضيها وحماية ترابها من تسلل الجماعات الإرهابية عبر الحدود، تتابع ما يجري في الأراضي التونسية باهتمام كبير، وذلك بعد أن قامت بوضع تعزيزات أمنية على حدودها الشرقية مع تشديد المراقبة على كل التحركات المشبوهة بالمنطقة.