إذا كان الجنوب الجزائري لازال بحاجة إلى برامج ضخمة للتنمية بما يواكب ماهو عليه شمال البلاد،فلا يعقل أن نجرد شبابه من الحق في العمل. ولا يعقل أن تحجم عشرات الشركات الأجنبية والوطنية العاملة في الجنوب، عن تشغيل أبناء المنطقة، وتفتح مناصب التشغيل في مزادات مشبوهة لفائدة المحظوظين وبالتأكيد ليسوا من الجنوب،هذه الممارسات تؤدي إلى مثل ما هو عليه حال الشباب المضرب عن الطعام في بلدية حاسي الرمل . وقبل ذلك كان لابد أن تسوي السلطات المعنية هذا الملف منذ سنوات، وأن لا تتركه عرضة للتلاعبات الفاضحة التي تقوم بها شركات المناولة بعدما تحولت في ظرف قياسي إلى وكالة موازية للمؤسسات الرسمية التي تسيرها الحكومة. تعمل في سرية وتتفاوض وفق منطقها وسياستها التي لا تخضع للشفافية والقانون. من حق شباب الجنوب أن يطالب بحصته من التشغيل في شركات البترول، وهو يرى جيوش العمال قادمة من كل مناطق البلاد برا وجوا إلا من منطقته. مع الإشارة إلى أنهم يطالبون بحقهم في التشغيل وليس منع الآخرين من العمل بشركات النفط ، وهذا أمر مشروع مادام القانون يفرض على أي مؤسسة أن تمنح الأولوية في التشغيل للمسجلين بالوكالات المحلية إلا في الحالات التي تتطلب اختصاصا أو مستويات غير متوفرة، ومن غير المعقول أيضا أن لا يملك شباب الجنوب من المؤهلات التي تسمح له بالعمل في شركات النفط. لقد تحول الإضراب عن الطعام لشباب حاسي الرمل إلى زوبعة من شأنها أن تنتهي بعاصفة لا يمكن التكهن بنتائجها وانعكاساتها. هم على مقربة من شركات تدر عليها ''صناعة النفط'' ملايير الدولارات، فلا يعقل أن نطلب منهم صرف النظر عن حقهم المشروع في العمل كبقية خلق الله بتجاهل مطالبهم،لذلك من الطبيعي أن يتصرفوا بمثل ماهو عليه الحال في حاسي الرمل أما غير الطبيعي فهو الصمت الذي يلف قضيتهم من قبل من يهمه الأمر. وفي النهاية علينا تقبل الجنوب بخيراته واحتجاجاته.