انتهت فعاليات المهرجان الوطني للمسرح المحترف بفضيحة الجوائز كالعادة، فلجنة التحكيم "الفاضلة" رأت أن جميع العروض كانت دون المستوى أو "منحطة"، وفق تعبير رئيسها والمدير الأسبق للمسرح الوطني في سنوات الإرهاب، سعيد بن سلمى، كون هذه العروض اعتمدت كثيرا على الإبهار والمؤثرات البصرية التي لا تعيب العرض المسرحي، حسب العارفين، إن كانت جزئية. ومن هناك حجبت جائزة أحسن عرض متكامل، كما لم يتحصل المسرح الوطني على أي جائزة وقد شارك بعرض "للبيع"، إخراج عباس محمد إسلام، نص قاسم محمد واقتباس أحمد مداح، ما اعتبر فضيحة وإهانة للمسرح الوطني، خصوصا مع تخصيص الدورة التاسعة للمهرجان "المحترف" لتكريم مديره السابق الفنان الراحل امحمد بن ڤطاف. ولم ترق مسرحيات "القرص الأصفر" للمسرح الجهوي لمعسكر، ولا "الصاعدون نحو الأسفل" لمسرح سوق أهراس، ل"مزاج" أعضاء لجنة التحكيم، رغم أن الجمهور صفق لها طويلا، واعتبرتا من أحسن العروض. والطريف في الأمر، أن السيد بن سلمى خرج عبر أمواج القناة الإذاعية الثالثة صبيحة أمس، ليقول إن "مستوى العروض منحط، والفرق لجأت إلى الإبهار بالشكليات، والكوريغرافيا كانت مستعملة وطاغية بكثرة، وأن المسرح الحقيقي هو النص"، وهو الذي لم يكتب نصا مسرحيا في حياته وقدم من طرف المذيعة على أنه "دراماتيرج". والغريب هنا، أن الفرجة التي تشكل أساس العرض المسرحي قبل كل شيء، لا تعني الكثير لدى السيد رئيس لجنة التحكيم، فالنص هو كل شيء. كما يبرز هنا تساؤل كبير حولا كلمة "منحطة"، فالعروض التي شاركت في المسابقة الرسمية تأهلت عن مهرجانات محلية على غرار مهرجاني سيدي بلعباس وڤالمة، ومعنى هذا، وفق منطق لجنة تحكيم "المحترف"، أن لجان تحكيم المهرجانات المحلية لا تفقه شيئا حينما أجازت هذه العروض لتشارك في مهرجان العاصمة. وإن كانت العروض سيئة واعتمدت على المؤثرات البصرية وطغت عليها الكوريغرافيا، ولم تحترم القانون الداخلي للمهرجان، فلماذا سمح لها بالمشاركة أصلا. من ناحية أخرى، قدم المخرجون الذين ينتمون أما للمسارح الجهوية أو الجمعيات والتعاونيات المسرحية المختلفة، أعمالا لمسرحيين أجانب ذوي شهرة، حيث حيا المختصون والنقاد هذا الجهد نظرا لصعوبة تناول مثل هذه الأعمال العالمية. ومن بين هذه الأعمال المقتبسة من التراث العالمي مسرحية "النهاية" للمخرج أحمد بلعلام عن نص للمسرحي والكاتب الايرلندي الكبير صامويل بيكت. وأثار هذا العمل الذي قدم في اليوم الثاني من فعاليات المهرجان الإعجاب وكان المخرج قد كيف هذا النص الذي ينتمي للمسرح الكلاسيكي والذي قدم باللغة العامية مع الواقع الجزائري المعاصر، وقدمت المسرحية التي أداء أدوراها ممثلون من فرقة "جمعية جيلالي عبد الحميد" باللغة العامية. وسمحت هذه الدورة أيضا للمخرج الشاب فوزي بن براهم من الكشف عن موهبته من خلال نص "العرضة" للمسرح الجهوي لسعيدة الذي قام باقتباسه بكثير من الحرية عن النص الأصلي "سطو خاص" لرومان اينسكو واعتبر هذا العمل الإبداعي متميزا في سجل المسرح الفكاهي وأثار نقاشا هاما بين النقاد، وحيا البعض حيوية الإخراج التي استند فيها المخرج إلى السينما والشريط المرسوم في حين تحدث البعض الآخر عن "ضعف" النص ورسالة المسرحية. وفضل مخرجون آخرون خلال هذه الدورة على غرار تجارب حميد غوري في مسرحية "في انتظار المحاكمة" لمسرح عنابة وجمال مرير في "ليلة غضب" لمسرح باتنة؛ الاستقاء من التراث المسرحي الجزائري خاصة أعمال ولد عبد الرحمن كاكي وكاتب ياسين.