اشتكى ممثلون عن الأطباء الأخصائيين الذين حددت وجهتهم للعمل في إطار ممارسة الخدمة المدنية عبر مختلف ولايات الوطن، لاسيما منها الداخلية والجنوبية، مما يصفونه ب''تماطل'' وزارة الصحة في توقيع قرارات تعيينهم، مؤكدين أنهم حاليا يعانون من ''بطالة مفتوحة'' وغير مدفوعة الأجر تجعلهم في موقع ''الرهينة'' التي تجهل مصيرها على حد تعبيرهم. وبحسب نفس المصدر، فإن الأمر يخص عددا كبيرا من خريجي كلية الطب الذين أنهوا مرحلة التربص بصفة أطباء مقيمين على مستوى العديد من المؤسسات الاستشفائية العمومية عبر الوطن، ويتراوح هذا الرقم عموما بين 950 إلى 1000 طبيب، جميعهم مجبرون على أداء الخدمة المدنية في المناطق التي حددتها لهم خريطة التوزيع التي أعلنت عنها الوصاية قبل أكثر من شهر كشرط مسبق لاستلام شهاداتهم النهائية، حيث تركزت مواقع التحويلات المقررة بشكل كبير على مستوى ولايات الهضاب العليا والمناطق الصحراوية في إطار تغطية العجز الذي تعانيه من حيث الخدمات الصحية فيها، وهي الوجهات التي أشار محدثونا إلى أنهم لم يعارضوا مطلقا الالتحاق بها، خاصة مع تلقي وعود وتطمينات رسمية بتوفير الظروف الاجتماعية والمهنية المناسبة من سكن ونقل، إلى حين انقضاء المدة المحددة لهم للعمل فيها، لكنهم رغم ذلك يجدون أنفسهم في مواجهة جديدة مع المزيد من العراقيل من طرف الوزارة الوصية التي يرونها تقف حاليا في طريقهم بدلا من أن تسعى لتحفيزهم، مثلما فعلت قبل ذلك عندما عطلت إعداد خريطة التوزيع لبضعة شهور وتركت الأطباء المقيمين حينها يعملون على مستوى مؤسسات تكوينهم الصحية من دون مقابل، حيث أوضحوا أن المشكل المطروح حاليا يتمثل تحديدا في تماطل المصالح المكلفة بملف الخدمة المدنية للأطباء على صعيد الوزارة في توقيع قرارات التعيين والتحويل الخاصة بهم جميعا. ويؤكد هؤلاء على عدم شغل أي منهم، عبر 48 ولاية في الوطن، منصب عمله الجديد لنفس السبب، وهو ما يعني حسبهم تكريس قلة التحفيزات التي تدفع لهجرة القطاع العمومي نحو الخاص أو الذهاب دون عودة إلى خارج الوطن بمجرد التخرج من الجامعات الجزائرية. وتشير المعطيات الأخيرة إلى تسجيل أكثر من 60 بالمائة من الطلبة المتخرجين من كلية الطب يتجهون للعمل في العيادات الخاصة التي تغريهم برواتب لا يتلقون ربعها داخل مستشفيات الدولة، مثلما انتشرت خلال السنوات الأخيرة أيضا ظاهرة التفاف الخواص المالكين لمؤسسات استيراد وبيع الأدوية والمواد الصيدلانية والأجهزة الطبية حول الحائزين الجدد على شهادة الدكتوراه في الطب، من أجل الاستعانة بهم في ترويج وتسويق مبيعاتهم عن طريق تحويلهم إلى مندوبين طبيين برواتب تسيل اللعاب، حيث لا تقل عن 10 ملايين سنتيم شهريا، على الرغم من أن المهام التي يكلفون بها من طرف مستخدميهم تضفي عليهم صفة التجار وتجردهم من دورهم المهني الأصلي والنبيل الذي يرتبط أساسا بفحص المرضى وعلاجهم وأيضا الاستمرار في عمليات التكوين والبحث العلمي في إطار تخصصاتهم الطبية أو الجراحية.