بلعيز يؤكد أن نسبة الأخطاء انخفضت وكثرة القضايا تُرهق وكلاء الجمهورية بالرغم من الجهود المبذولة في إطار تحسين الخدمة العمومية بالجزائر، إلا أن المواطن لا يزال يواجه العراقيل في استخراج شهادة الميلاد الأصلية دون خطأ فيهدر أوقاته في التنقل بين مختلف المصالح الإدارية والقضائية لتصحيح خطأ ورد في شهادة ميلاده، فيما يبقى الأمر يؤرق كذلك وكلاء الجمهورية الذين باتت طلبات التصحيح تتهاطل عليهم في وقت يجدر بهم أن يخصصوا أوقاتهم لانشغالات أخرى تهم قطاعهم وشؤون أخرى للمواطن. فالمواطن يظل يدفع ضريبة سهو أو خطأ ارتكبه كاتب الحالة المدنية غداة الاستقلال بعد تبني سياسة ترجمة الدفاتر العائلية من اللغة اللاتينية إلى اللغة العربية دون الرجوع إلى المعنيين بالأمر الذين وجدوا أنفسهم ضحايا أخطاء في كتابة أسمائهم وألقابهم وحتى في أسماء والديهم، وهناك بدأت المعاناة، غير أن الأمر زاد تفاقما باتباع الإدارة التكنولوجيا وتدوين السجلات على أجهزة الإعلام، فراح المواطن يدفع ضريبة هو في غنى عنها، فامتدت معاناة الأغلبية لسنوات دون تمكنهم من تصحيح الخطأ الوارد، في وقت يرفض فيه بعض موظفي الحالة المدنية تصحيح الأخطاء الواردة في الوثائق، ولا يكلفون أنفسهم عناء استخراج السجلات القديمة والتأكد من الكتابة الصحيحة للمعلومات وتصحيح الخطأ في ثوان، بل يُجبرون المواطن على تقديم طلب تصحيح مكتوب إلى وكيل الجمهورية بمحكمة مسقط رأسه. والغريب في الأمر من خلال الاستطلاع الذي قمنا به أن هؤلاء المواطنين مجبرون على استخراج عدة وثائق وبعد المرور عبر عدة شبابيك للحالة المدنية تفوق غالبا الخمسة شبابيك لإرفاقها بطلب التصحيح الملزم دفعها لدى وكيل الجمهورية للمحكمة التابعة لمسقط رأسه، كما هو حال مغترب قدم من بريطانيا لاستخراج شهادة الميلاد S12 بالجزائر بدلا من طلبها عن طريق القنصلية لكون ذلك يستغرق مدة ثلاثة أشهر خارج الوطن، ليتوجه لأجل ذلك إلى بلدية بلوزداد بالعاصمة، وهناك تفاجأ بوجود خطأ في اسمه باللغة الفرنسية واسمي والديه باللغة العربية، مما اضطره إلى استخراج عدة وثائق منها شهادة ميلاده الوارد فيها الخطأ إلى جانب شهادة الميلاد الأصلية الخاصة بوالده ووالدته مع إلزامه استخراج شهادة عائلية وعقد زواجهما الذي اضطر إلى استخراجه من بلدية أخرى. وبدلا من الاستمتاع بعطلته في كنف الأهل وأقارب بالوطن الأم ظل يتردد على مختلف المصالح الإدارية ثم محكمة سيدي امحمد حيث قدم طلب التصحيح بموجب حكم قضائي، وما إن صدر الحكم كانت عطلته قد نفدت دون أن يتمكن من استخراج شهادة الميلاد الأصلية ولم يتحقق له ذلك إلا بموجب وكالة كان قد حررها لشقيقه وفقا للقانون. كما وقفنا على حالة أخرى تفاجأت فيها سيدة بأن اسم ولقب والدتها هو ذاته اسم والدة والدها مع أنها ظلت لسنوات تستخرج شهادة ميلادها الأصلية دون مشكل، ومحاولة منها لاستدراك الأمر لكون ذلك غير معقول أجابها مسؤولو بلدية بلوزداد بضرورة استصدار حكم قضائي. وعلى مستوى ذات الهيئة الإدارية واجهتنا سيدة بمشكلتها حين وجدت أن سنة ميلادها تفوق سنة ميلاد والدتها، وحسب تصريحاتها، فإنها هي الأخرى اضطرت لاستصدار حكم قضائي استدراكا للخطأ الوارد. ومعاناة أكبر يواجهها آخرون حين يرد الخطأ في شهادة ميلاد الجد، حيث يتوجب على المعني بالأمر إحضار شهادة ميلاد جده الأصلية إذا عثر عليها طبعا، وقد يضطر إلى إيداع شكوى لدى محكمة الأسرة وإحضار شهود، كما هو حال مواطن بلغ السبعين، أكد أنه ظل لعقود يستخرج شهادة ميلاده الأصلية من سطيف دون خطأ يذكر إلى أن اكتشف قبل سنتين حذفا طال الألف واللام من مقدمة لقبه، حيث طلب منه استخراج شهادة ميلاد والده وجده، حيث لم يعثر على شهادة ميلاد جده إلا بشق الأنفس نظرا لصعوبة البحث في السجلات القديمة المتآكلة، ومنذ ذلك الحين وهو يسعى لتصحيح الخطأ لكن دون جدوى حيث انتهج كافة السبل القانونية لتصحيح المشكل وفقا للمعمول به، غير أنه تفاجأ بقرار حفظ الملف على مستوى المحكمة بسطيف، وما زاد الأمر تعقيدا هو إقامته حاليا بالعاصمة نظرا لظروفه الصحية، فيتعذر عليه التنقل في كل مرة إلى مسقط رأسه، ولم تتوقف معاناته عند ذلك الحد فحسب، بل يواجه أبناؤه وأحفادها مشكلة أخرى تستوجب منهم تغيير ألقابهم تباعا للخطأ الوارد في شهادة الميلاد الأصلية للمعني بالأمر، ما اضطره للاستعانة بمحام لتدبر الأمر وتسريع الإجراءات. وعلى مستوى بلدية القبة، تفاجأ مواطن لدى سعيه لاستخراج شهادة ميلاده في ثلاث مرات بأن اسم والدته يصدر في كل مرة بلقب مغاير مؤكدا لنا أنه وجد نفسه منسوبا لثلاث أمهات بدلا من أمه الحقيقية. وعلى مستوى بلدية بوروبة اضطرت فتاة إلى استصدار حكم قضائي يأمر بموجبه وكيل الجمهورية لدى محكمة الحراش بتصحيح اسم والدتها التي اكتشفت بعد مرور 27 سنة وهي تستخرج شهادة ميلادها دون خطأ أنها الآن مدونة "حميد" بدلا من "حميدة"، وآخر وجد اسم والدته "شفيق" بدلا من "شفيقة"، وأمثلة كثيرة تبقى شاهدة على الأخطاء المادية لسجل الحالة المدنية بالجزائر يتأكد من خلالها استهتار وبيروقراطية الإدارة لخطأ يكون قد ارتكبه موظف حالة مدنية أو كاتب ضبط، في وقت حول الأمر مهام وكلاء الجمهورية عن وجهتهم الحقيقية بعدما أرهقهم عدد طلبات التصحيح المتوافدة على مكاتبهم. وأكد العديد منهم أنه من الأجدر اتخاذ إجراءات أنجع لحل مشكل الأخطاء المادية الواردة في سجلات الحالة المدنية وتمكينهم من أداء مهامهم فيما يخص القطاع وانشغالات أخرى تهم الوطن والمواطن، ليأتي هذا مناقضا لتصريحات وزير الداخلية والجماعات المحلية الأخيرة التي أكد فيها أن الإدارة تمكنت من احتواء المشكل الذي تقلص بنسبة تفوق الخمسة بالمائة وأنها قادرة على القضاء عليه بعد أقل من ثلاثة أشهر.