أحمد بدل حمد، وذكر بدل أنثى، وغيرها من الأخطاء التي يواجهها المواطنون أمام شبابيك الحالة المدنية في الكثير من البلديات قبل أن يدخلوا في رحلة تصحيح تلك الأخطاء التي أدرجت في وثائقهم الرسمية، ما جعل الكثيرين يتوافدون على مكاتب وكلاء الجمهورية قصد التصحيح، الجميع صار يستنكر الظاهرة، مطالبين بحلول فعالة تحد من تسيب بعض أعوان الحالة المدنية الذي يوقعهم في الكثير من الأخطاء. الظاهرة ليست بالشيء الجديد، ولكن ما يندى له الجبين أنها تتواصل، وبات السؤال الذي يطرحه الجميع هل هذه الأخطاء صادرة عن قصد من الأعوان وهدفها زيادة عناء المواطن، أم أنها عفوية منهم؟. نقطة أو حرف كافيين ببداية جملة من المشاكل الإدارية الأخطاء شائعة ولا أحد بمنآى عنها، ويبقى المواطن الضحية رقم واحد، بحثنا عن بعض ضحايا أخطاء موظفي الحالة المدنية فكانوا كثيرين منهم نور الدين الذي ثار غضبا، خاصة وأن الخطأ تكرر لمرتين متتاليتين في سبع نسخ من شهادة الميلاد، لتتبعها في كل من شهادات السوابق العدلية والجنسية، ما جعله يتعطل في تكوين ملف العمل، يقول: «ورد خطأ في اسم أمي وكتبت جدة بدل حدة، وعليه لم تعد كل الوثائق الرسمية التي استخرجتها صالحة وعندما رجعت لتصحيحها وبعد طابور طويل عريض خرجت وأنا أتنفس الصعداء ولكن فوجئت بعد العودة للبيت أن الخطأ الأول قد صحح ليرتكب خطأ آخر في اسم الأب وأضيف له الألف واللام ليصبح الطاهر في حين أن الاسم في الدفتر العائلي مكتوب بصورة واضحة «طاهر». زهير، شاب وجد نفسه قد كبر ب30 سنة بناء على شهادة الميلاد التي استخرجها والتي تضمنت خطأ في تاريخ الميلاد وبدل أن يكون في 1986 وجد سنة ميلاده في 1956 ولم يكتشف الأمر إلا عندما همّ بدفع ملف العمل ما جعله يؤجل ذلك إلى غاية تصحيح الخطأ. حمد هو الآخر أضيف حرف على اسمه رغم أنفه وذلك في كل مرة يستخرج فيها وثائق له أو لأبنائه، يعلق قائلا: «لا أدري ما الذي يصيب هؤلاء الأعوان عند تحرير وثائقي، فأنا اضطر في كل مرة إلى تمزيق تلك الأوراق وتكبد عناء التنقل من جديد لاستخراج أخرى ودفع ثمن الطوابع من جديد». خطأ في جواز السفر يجعله محل شبهة بعد أن تطابق اسمه مع أحد المطلوبين قضائيا، يروي الشيخ رابح الذي وقع ضحية خطأ مادي في بعض الوثائق الرسمية وتهاونا منه في تصحيح الخطأ، وجد صعوبات جمة في استخراج جواز السفر بعد أن تطابق اسمه الخاطئ مع أحد المطلوبين للعدالة. أما محمد، فقد ندم لأنه فكر يوما أن يصدر بطاقة تعريف بيومترية، يقول: «تم رفض الملف بسبب خطأ بسيط في شهادة الميلاد جعلني أودع ملف تصحيح في المحكمة». هذا وأكد بعض المواطنين أن معظم الأخطاء المرتكبة من طرف أعوان الحالة المدنية تكون في الفرق بين الحروف المكتوبة باللغتين الفرنسية والعربية، وهذا ما حدث لأحدهم والذي كتب لقب عائلته بالفرنسية «تيتوش»، وهو اللقب الصحيح، ولكنه كتب «طيطوش» باللغة العربية ما جعله يتقدم بطلب لوكيل الجمهورية على مستوى المحكمة التابع لها بغية تصحيح اللقب الذي طال حتى وثائق باقي أفراد العائلة. هذا ناهيك عن الأخطاء التي ترد في شهادات ميلاد الأب والجد مما يعني أن إصدار شهادة الجنسية بالنسبة للبعض أمر ليس بالهين. وإذا كانت الأخطاء الإملائية لا تعد ولا تحصى، فإن هناك أخطاء لا يتصورها العقل على حد قول نور الهدى التي كتبت بجنس ذكر رغم أنها في كامل أنوثتها، تقول: «وقعت في موقف حرج أضحك الجميع عندما استخرجت شهادة الميلاد بغية تكوين ملف دراسي، ولكن عندما هم المسؤول بمراقبة الوثائق وجد شهادة الميلاد بجنس ذكر». عدم التركيز سيد الموقف وفي تفسيرهم لتلك الأخطاء، صرح البعض من المواطنين أن بعض الأخطاء قد تكون عفوية من طرف عون الحالة المدنية، فهو إنسان معرض للخطأ كغيرهو ولكن يبلغ السيل الزبى مع تكرر أخطاء فادحة أخرى، وهذا ما يعتبره البعض تهاونا من طرف بعض العمال من جهة واستخفافا بالمواطنين من جهة أخرى، يقول أحدهم: «من الغريب أن تحصل نوعية من الأخطاء، خاصة وأن العون لا يفعل شيئا سوى أنه ينقل ما هو مكتوب في الدفتر العائلي»، ومن وجهة رأي محدثنا فإن تلك الأخطاء ترتكب، لأن بعض العمال يشردون بأذهانهم أحيانا وهم يملأون تلك الوثائق ولا يركزون أحيانا أخرى، وهم يتبادلون أطراف الحديث بينهم، فيما تقول مواطنة أخرى: «أنه من واجب عون الحالة المدنية أن يقوم بمراقبة ما كتب عقب الانتهاء من ملء كل وثيقة بعناية، وفي حال لم يفهم عليه المبادرة بسؤال المعني بالوثيقة وهذا ما لا يتم في مصالحنا». استعمال الكمبيوتر لم يقلص الأخطاء أكد بعض المواطنين أن العمال لهم جملة من المبررات التي ترجع في غالبها إلى جهاز الكمبيوتر، خاصة مع تطور مصالح الحالة المدنية التي باتت تستعمل أجهزة الإعلام الآلي في استخراج الوثائق المختلفة ولكن هذا لم يحد من الأخطاء حسب رأي البعض، يقول أحد المواطنين في هذا الخصوص: «عادة ما يبرر لنا عمال مصلحة الحالة المدنية في البلديات أن الأخطاء الواردة في وثائقنا راجعة إلى خلل في جهاز الكمبيوتر، ولا ندري إن كان هذا الجهاز يضغط على أزرار حروفه من تلقاء نفسه، أم أن بعض العمال غير مؤهلين بعد لاستخدامه»، وهذه المبررات حسب رأي المتحدث هي نوع من الاستخفاف بالمواطن الذي يبقى عليه أن يكون حريصا على مراقبة كل وثيقة يسترجعها قبل الخروج من مقر البلدية علّه يخفف على نفسه عناء القدوم مجددا لاستخدامها. وأجمع جل من تحدثنا إليهم بخصوص هذا الموضوع أن أغلب الشكاوى التي يتقدمون بها جراء تكرر تلك الأخطاء لا تجدي نفعا والدليل هو استمرارها، وأحيانا يخلي عمال الحالة المدنية مسؤوليتهم عن الخطأ ويخبرون المواطن أن الخطأ الصادر في وثائقه يتطلب التصحيح في المحكمة. فغالبا ما تتسبب تلك الأخطاء في مشاكل إدارية قد لا تحل إلا بالعودة إلى هيئة المحكمة بناء على طلب من البلدية، وعن هذا يقول أحد المواطنين ممن وجدوا أنفسهم في أروقة المحاكم طلبا لتصحيح اسمه، حيث قال أن العملية تتطلب ملفا يودع على مستوى الجهة المختصة في التصحيح وعادة ما يستغرق الوقت مدة طويلة، خاصة وأن عدد طلبات التصحيح كبير. الموظف يعاقب على التزوير وليس على الأخطاء المادية وبحثا منا عن وجود قانون رادع يقلص معاناة الموطن ويفرض حرصا أكبر من طرف عون الحالة المدنية، أكد بلعكروف، محام، أن موظف الحالة المدنية يعاقب وفق ما يقتضيه قانون العقوبات في حال ارتكاب المخالفات العمدية التي تدخل عموما في إطار تزوير الوثائق عن قصد وبغرض استعمالها أو المصادقة على وثيقة دون وجود الأصلية مهما كان السبب، وعليه يجب على المواطنين أن يقدروا ذلك، خاصة وأننا نشهد في بعض المصالح إلحاح بعض المواطنين على العمال بالمصادقة على الوثائق، لأنهم نسوا أن يأتوا بالأصلية أو لأنهم لا يدكون أهمية أن يطلع الموظف عليها. هذا وأكد المحامي أن إجراءات التصحيح لتلك الأخطاء المادية تتطلب وثائق معينة وذلك على حسب الشهادة محل الخطأ، فإذا وقعت مثلا في شهادة الميلاد لابد من إحضار شهادة عائلية للحالة المدنية، وإذا ورد الخطأ مثلا في عقد الزواج، فالتصحيح يتطلب وجود شهادة ميلاد أصلية، مع ضرورة إرفاق الوثائق المطلوبة بطلب خطي، وليكن في علم المواطنين ضحايا هذه الأخطاء أنهم مطالبون بتصحيح أي خطأ مهما كانت درجة بساطته عندهم، وإذا استعصى ذلك على مستوى البلدية توجد مصلحة الحالة المدنية لدى المحكمة ووكيل الجمهورية يستقبل مباشرة أصحاب طلبات التصحيح من أجل أن يشرحوا خطأهم وعادة ما تستغرق مدة التصحيح حسب ما أفاد به محدثنا بين شهر ونصف وشهرين.