أجمع عدد من الباحثين في التاريخ على وجود هوة كبيرة بين الجزائريين وتاريخهم، واعتبروا أن غياب المنهجية الصحيحة في التذكير بالتاريخ ورسم الصورة الحقيقية عن نضال الشعب الجزائري في وجه الاستدمار الفرنسي طيلة قرن ونصف جعل التاريخ غائبا في ثقافة الأجيال الجديدة التي فقدت الرابط مع تاريخها وانسلخت في كنف ثقافات دخيلة غيبت هويتها الحقيقية. يرى المؤرخ الجزائري محمد لحسن زغيدي أن إحياء المحطات التاريخية للثورة التحريرية يجعلنا بحاجة إلى وقفة تقييمية ومحاسبة مع الذات والتاريخ، حيث أعاب المتحدث على المجتمع المدني ومختلف مؤسسات الدولة والمنظومة التربوية تغييب روح التاريخ لدى الجزائريين خاصة الجيل الحديث الذي لا يعرف من هذه الثورة سوى الاحتفالات، كما يراها مناسبة لعطل مدفوعة الأجر. واعتبر أن هذا الإجحاف في حق تاريخنا مسؤولية جماعية ومشتركةو وحمل الأحزاب والتشكيلات السياسية بمختلف توجهاتها مسؤولية قصر قراءة التاريخ، حيث قال إنها اهتمت بالسلطة والكرسي في برامجها وأطروحاتها لكنها غيبت التاريخ، داعيا إياها إلى تبني مشروع حقيقي يعمل على ربط الشعب بتاريخه فتساهم في بناء جيل على صلة وثيقة بتاريخه وحمايته من الرياح التي تهدد هذه العلاقة، وتخلق أجواء التوتر الداخلي. حقيقة الثورة ذابت في احتفالات فلكلورية هي احتفالات أمر الرئيس أن تكون مميّزة، وأراد أن يطبعها الإبداع، والدّولة سخّرت لها ميزانية هامة، اقتطعت من ميزانية سنة 2014 وسيُقتطع لها المزيد باسم ميزانية 2015، وإن اقتضى الأمر ميزانية إضافية فالحكومة لن تتأخّر. هذا ما كشف عنه وزير المجاهدين الطيب زيتوني في وقت سابق خلال استعراضه الخطوط العريضة لبرنامج الاحتفالات المخلدّة للذكرى الستين لاندلاع الثورة التحريرية، حيث تقتطع في كل سنة مختلف القطاعات والمصالح المركزية ميزانية ضخمة تدرج ضمن نفقات مختلفة يخصص جزء منها للأعياد والمناسبات الوطنية. غير أن حجم ما يصرف من ملايير، حسب عامر الرخيلة باحث في الحركة الوطنية، لم ينجح في التعريف بهذه الملحمة الأسطورية التي هزمت اعتى قوة استعمارية في العالم آنذاك، حيث قال إن الجهات الرسمية والجمعيات التي تستنزف الملايير تنشط على أساس قناعة أن التاريخ مناسباتي تقام فيه احتفالات فلكلورية، وتستورد فيها مفرقعات بالملايير لاحتفالات وتظاهرات لا تترك أي أثر لدى الشعب والأجيال، لكنها باتت عائقا أمام حقيقة المحطات التاريخية التي عرفتها الجزائر. حقيقة التاريخ لن تكتب في غياب الأرشيف حمل الباحث مسؤولية "العبث التاريخي" والهوة المكرسة لدى الشعب الجزائري الذي لا يعلم حقيقة ثورته ولا تاريخه، لهذا البذخ من الاموال التي ترصدها الدولة. وحسب تقديره فإنه بدلا من صرف هذه الأموال على هكذا احتفالات لا بد من التفكير في إنشاء مخابر ومراكز بحث في التاريخ الجزائري، وتمويل البحوث وفق دفتر شروط تحت وصاية الجهة المشرفة على هذه المشاريع، فبعد مرور 60 سنة على الثورة التحريرة لا تزال إنتاجنا من المادة التارخية ضعيفا جدا فالكتابات التي تم تسجيلها عن الثورة الجزائرية لا تمثل سوى 20 بالمائة من الكتابات التي كتبها الاستعمار الفرنسي عن ثورتنا المباركة، ولم تكتشف بعد مختلف الحقائق والأحداث والوقائع التي ميّزت أعظم ثورة في العالم قدّمت مليونا ونصف مليون شهيد من أجل الاستقلال كانت ولادته عسيرة على الشعب الجزائري، عكس العديد من الأفكار التي كانت تروج لها فرنسا الاستعمارية، في محاولة منها لإضفاء الشرعية على ما قامت به ضد الشعب الجزائري ضد الشعب الجزائري.