حملت الجماهيرية الليبية على عاتقها مسؤولية الدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للدول التي كانت تئن تحت وطأة الاستعمار، بعد تجربتها الناجحة مع إيطاليا التي وافقت على دفع تعويضات للشعب الليبي ''تكفيرا'' عن سنوات الاستعمار·وسارعت الجماهيرية الليبية في خطوة اعتبرها البعض من المتتبعين ''سابقة جريئة'' داخل أروقة الأممالمتحدة، عن طريق سفيرها عبد الرحمن شلقم، إلى مطالبة الأمين العام بان كي مون بإدراج ''التعويض عن الأضرار الناجمة عن الاستعمار'' في جدول أعمال الدورة الخامسة والستين للجمعية العامة المقررة شهر سبتمبر الداخل ·وتعيد المبادرة الليبية إلى الساحة الجزائرية مشروع قانون تجريم الاستعمار الفرنسي للجزائر من 1830 إلى ,1962 والذي تبناه 252 نائبا فضلا عن التفاف منظمات المجتمع المدني وأحزاب سياسية حوله، في وقت لم تتضح فيه بعد معالم موقف الحكومة بخصوص هذا المقترح الذي أحدث هزة قوية داخل الحكومة الفرنسية· غير أن الظاهر أن ليبيا تحاول بجدية تعميم تجربها مع الحكومة الإيطالية التي استجابت لمطلبها بالاعتذار وتعويضها عن فترة الاستعمار، وبذلك تقدم رسالة واضحة المعالم إلى الجزائر بأنه يتوجب عليها المضي قدما في مشروع تجريم الاستعمار الفرنسي الذي ''عاث في الأرض فسادا''، مع ضرورة تجاوز كل الخلافات الإيديولوجية والسياسية والالتفاف حول هذا المقترح التاريخي والإنساني، خاصة أن مخلفات فرنسا الاستعمارية مازالت تحصد أرواح الجزائريين إلى اليوم·كما ألحقت ليبيا هذه المبادرة بمذكرة تفسيرية عن الأسباب التي دفعت بها لنقل مطلب تعويض الشعوب المستعمرة إلى الأممالمتحدة قائلة إن ''الغالبية العظمى من الشعوب الممثلة حاليا في الأممالمتحدة مرت عبر تاريخها بتجربة مريرة من الاستعمار، فقد احتلت القوى الاستعمارية أراضيهم وعرضتهم لأقصى أشكال المعاملة غير الإنسانية فيما يعد انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان ومبادئ الكرامة المنصوص عليها في كل الأديان السماوية والثقافات الإنسانية''، وأن الاستعمار ''عمل غير قانوني''، حاثة في الوقت ذاته الأممالمتحدة على اتخاذ الخطوات اللازمة للقضاء نهائيا على آثار الاستعمار في العالم، مع التأكيد على حق الشعوب المستعمرة سابقا في استعادة جميع وثائقها بما فيها الوثائق الرسمية الموجودة بحوزة القوى الاستعمارية حول تلك الشعوب وأوطانها، كما تمنح الدول التي خضعت للاستعمار أفضلية في مجال التبادل التجاري وأولوية في تلقي المساعدة المالية والفنية فيما يتعلق بالبرامج والخطوات الرامية إلى تعزيز اقتصادياتها، وذلك عن طريق إنشاء آلية دولية لتقييم طلبات الحصول على تعويض عن الأضرار الاستعمارية مع الأخذ بعين الاعتبار وجهات نظر الدول الأعضاء ومجلس حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية· ودعمت ليبيا مقترحها هذا بأمثلة عن عدد من الدول التي لديها ماض استعماري والتي اعتذرت للشعوب التي استعمرتها، مثلما فعلت النمسا والمجر مع البلقان واليابان مع الصين وكوريا وأستراليا مع السكان الأستراليين الأصليين