تحاول الجزائر التأقلم مع التطورات الخطيرة التي تشهدها ليبيا على الصعيدين السياسي والأمني في الفترة الأخيرة، لتكمل مساعيها الخاصة بالمبادرة التي تلعب فيها دور الوساطة بين الأطراف الليبية، بالرغم من تفاقم الوضع نحو الاسوأ، ودخول دول أخرى على الخط أعطت نفسها الحق في التدخل بشكل مباشر في الشؤون الداخلية لليبيا، حيث ينتظر أن يحل بالجزائر خلال أيام المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا برناردينو ليون، إلى جانب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، كل هذا في إطار دراسة الملف الليبي وتحديد أرضية لإطلاق الجولة الأولى من المفاوضات برعاية جزائرية. وتسبب الوضع الأمني المتدهور في ليبيا في تأجيل التحضيرات الخاصة بالمبادرة التي أطلقتها الجزائر لإنهاء الأزمة ولمّ شمل الفرقاء الليبيين. وأمام ما يحدث لم تجد السلطات من بديل عن التنسيق مع الأممالمتحدة حتى يكون لمبادرتها وزن وتأثير أكبر. وفي هذا السياق أكد رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، أحمد ميزاب، أن الجزائر طرف مرغوب فيه في ليبيا بإجماع أغلبية الفصائل، وهي مدركة للتحولات الحاصلة في الميدان، وتنسيقها مع الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الفاعلة في المنطقة، من شأنه أن يعطي المبادرة دفعا قويا لتحقق أهدافها المسطرة، وأشار إلى أن حل الملف الليبي ليس محدودا بالزمن، ومجرد التحضير فقط للمفاوضات يتطلب وقتا طويلا، بحيث يتم تحديد المعالم وأرضية انطلاق العمل. وأضاف ميزاب أن الجزائر مدركة تماما ما يحدث في ليبيا، وستتعاطى مع المتغيرات، لأن مبادرتها غير جامدة، وهناك خطط بديلة في حال حدوث أي طارئ، محذرا من وجود أطراف تسعى لنسف المبادرة، لأن استمرار الأزمة بالنسبة إليها يعني مكاسب وغنائم جديدة. وفيما يتعلق بزيارة الرئيس التركي أردوغان، استبعد المتحدث ذاته أن تضيف شيئا للمبادرة الجزائرية بالرغم من القراءات التي ترى أنه سيلعب دور الوساطة مع الإخوان في ليبيا بحكم العلاقات الوطيدة التي تجمعه بهم، مشيرا إلى أن زيارته سيغلب عليها الطابع الاقتصادي، وعلاقته بالإخوان تراجعت في الفترة الأخيرة، لأن برنامجهم يتعارض مع ما تتجه إليه تركيا في الوقت الحالي. وفي وقت تدافع فيه الجزائر عن خيار الحوار بين الفرقاء الليبيين لحل الأزمة التي أخذت بعدا خطيرا، تقوم دول أخرى بالتدخل بشكل مباشر في الشأن الداخلي الليبي كمصر والإمارات العربية المتحدة، بحيث يمكن لهذه الخطوة غير المحسوبة أن تعيق سير المبادرة الجزائرية، إلا أن رئيس اللجنة الجزائرية الإفريقية للسلم والمصالحة، يؤكد أن التنسيق مع الأممالمتحدة سيرغم هذه الدول على الدخول في الصف، بحيث ستكون مجبرة على احترام المبادرة بالرغم من تحفظاتها. وكان وزير الخارجية رمطان لعمامرة، قد كشف عن وجود تنسيق مع الأممالمتحدة فيما يتعلق بالملف الليبي، معلنا عن زيارة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا برناردينو ليون خلال الأيام القادمة لبحث التطورات الأخيرة، والتي تعتبرها الجزائر حافزا لبذل المزيد من الجهود لتفعيل الحوار بين الفرقاء الليبيين والتوصل إلى مصالحة وطنية ومؤسسات ديمقراطية ممثلة لكافة أطياف الشعب الليبي.