وضعت مقرات البلديات عبر كامل التراب الوطني تحت حراسة أمنية مشددة منذ الأسابيع الأخيرة، بفعل تصاعد موجة احتجاجات السكان ضد المجالس البلدية المحلية، خاصة الأميار الذين باتوا مهددين بالضرب والاختطاف والقتل. وتحولت البلديات في الآونة الأخيرة إلى شبه ثكنات بوليسية بفعل التعزيزات الأمنية المشددة التي تعرفها مقرات البلديات بوجود عشرات رجال الشرطة أمام المداخل الرئيسية للبلدية ومكاتبها وحتى محيطها الخارجي، بهدف التصدي لأي محاولات اقتحام من طرف السكان الغاضبين من طالبي السكن أوالشباب البطال، فحتى مسألة استقبال الأميار للمواطنين تغيرت مواعيدها وباتت تخضع لعدة إجراءات إدارية مع تحديد مواعيد مسبقة بالزمان والمكان. وجاءت هذه التعزيزات الأمنية، عقب الأحداث المأساوية التي شهدتها عدة مقرات للبلديات في عدة مناطق على مستوى التراب الوطني، حيث أكدت في هذا الإطار تقارير محلية من بعض المجالس البلدية أن الأميار هم من طلبوا تعزيز الأمن أمام مقرات البلديات بعدما باتوا مستهدفين من طرف المحتجين، بالسب والشتم والضرب في بعض الأحيان وحتى التهديد بالاختطاف والقتل في حالات أخرى. وشهدت الأيام الأخيرة عشرات الاحتجاجات الخطيرة والعنيفة ضد البلديات والأميار، ولعل ما وقع مؤخرا بمقر بلدية تبسبست بتڤرت، ولاية ورقلة، بعدما أقدم عشرات المواطنين على حرق جزء هام من مقر البلدية احتجاجا على قائمة المستفيدين من قطع أرضية، يعكس فعلا حجم التهديدات الخطيرة التي تشهدها المجالس البلدية. وبشرق البلاد، حاول شاب في الثلاثين من العمر حرق مقر بلدية سطارة، بولاية جيجل ، بعدما رش مكاتبها بمادة البنزين أمام أعين "المير" ونوابه بسبب رفض استقباله من طرف هذا الأخير وسماع مشكلته. وبولاية تيزي وزو، أودع 10 أشخاص الحبس المؤقت بعد ثبوت تورطهم في حرق مقر بلدية تيرميثين، بذراع بن خدة ، حيث قاموا بإتلاف العديد من الوثائق والأرشيف، وأجهزة الإعلام الآلي، احتجاجا على تردي ظروف المعيشة ببلديتهم النائية. أما على مستوى العاصمة، فبعد حادثة الهجوم بالمولوتوف على مقر بلدية الرغاية من طرف شاب للمطالبة بالسكن، والتي خلفت خسائر مادية معتبرة على مستوى المقر الرئيسي وخاصة المكتب العام لمير الرغاية الذي احترق عن آخره. فيما نجا رئيس بلدية الرغاية من موت مؤكد، عاشت بلدية الكاليتوس كابوسا مرعبا بعدما قام عشرات السكان باقتحام مقر البلدية وحرقه احتجاجا على عدم استفادتهم من عملية الترحيل التي شهدتها البلدية منتصف شهر ديسمبر الجاري. وأرجع رئيس المجلس الشعبي البلدي للرويبة، زهير وزان، مثل هذه الاحتجاجات إلى كثرة طلب المواطنين على السكن وكذلك العمل مقابل الحصص الضعيفة التي تحصل عليها البلديات في مجال السكن الاجتماعي. وقال ل"البلاد"، "الحمد لله بلدية الرويبة لم تشهد مثل هذه الاحتجاجات العنيفة، وهذا يعكس الشفافية التي نعمل بها ونسير بها كل شؤون البلدية من خلال إشراك المواطن في كل كبيرة وصغيرة".