يتجه المجتمع الدولي إلى الإقرار بضرورة التدخل "عسكريا" في ليبيا، بالنظر إلى التصريحات الصادرة عن أغلب الدول الإفريقية والأوربية، آخرها تصريح وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، الذي حذّر من بقاء المجتمع الدولي "مكتوف الأيدي" أمام ما يحدث في ليبيا، ودعاه إلى التحرك حتى لا يتحول هذا البلد إلى "ملاذ للإرهابيين"، وتضاف هذه الدعوة إلى دعوة خمس دول من الساحل هي التشاد، موريتانيا، النيجر، مالي وبوركينافاسو، مجلس الأمن، إلى ضرورة إرسال قوة عسكرية دولية لمحاربة الإرهاب في ليبيا. في المقابل، تجد الجزائر نفسها تسبح عكس التيار، بسبب تمسكها بموقفها الرافض لأي تدخل عسكري في الجارة ليبيا، حيث لا تزال تسابق الزمن لإنهاء الخلاف بين الفرقاء الليبيين، بينما تحاول إقناع الدول الصديقة بالتخلي عن موقفها الداعي إلى التدخل ونجحت فعلا في إقناع التشاد بذلك. وقال الوزير الفرنسي، أمام الجنود الفرنسيين المتمركزين في نجامينا، خلال زيارة تفقدية بمناسبة رأس السنة "ما يجري في ليبيا، في ظل الفوضى السياسية والأمنية، ليس إلا انبعاث ملاذ إرهابي في المحيط المباشر للقارة الأوروبية"، حسب وكالة الأنباء الفرنسية، وأضاف أن "المجتمع الدولي سيرتكب خطأ جسيمًا إذا ما بقي مكتوف الأيدي أمام قيام مثل هكذا ملاذ للإرهاب في صميم البحر المتوسط"، وشدد على أن جميع الأطراف معنية بالتحرك من أجل إيجاد حل للأزمة في ليبيا، مؤكدا بأن فرنسا ستؤدي دورها كاملا في ليبيا -في إشارة إلى تدخل قواتها على رأس القوة الدولية. وتأتي تصريحات لودريان، في وقت دعت فيه مجموعة الساحل إلى ضرورة التدخل عسكريا تحت مبرر مكافحة الإرهاب، وهي مغايرة تماما لموقف الدبلوماسية الفرنسية، التي لا تزال تتغنى بالحوار الليبي، وأبدت دعمها المطلق للمبادرة الجزائرية، في السياق يرى خبراء أمنيون، بأن التدخل العسكري بات حتمية مطلقة، ولا تفصلنا عنه سوى بضعة أشهر، إلا أنه لابد أن يتم بالتنسيق مع دول الجوار وهي الجزائر، تونس ومصر لأنها ستكون الأكثر تضررا من عدم الاستقرار، وأشاروا إلى أن محاربة المتشددين لن يكون سهلا، وهو ما تحذر منه الجزائر، التي تؤكد بأن تفعيل الحوار بين الأطراف الليبية وإنهاء الخلاف سيمهد لطرد الجماعات المسلحة، وأن أي تدخل عسكري في هذه المرحلة من شأنه أن يحول ليبيا إلى مستنقع دم وستكون نهايتها أشبه بالعراق.