يعيش منتجو النفط خلال الأيام الأخيرة ومنذ نهاية 2014 ودخول السنة الجديدة، على وقع حرب أعصاب بعد هبوط أسعار النفط إلى مستويات قياسية ووصول سعر خام برنت إلى حدود 50 دولارا للبرميل، رغم التوقعات المتفائلة التي تطلقها المؤسسات المالية العالمية حول عودة أسعار النفط إلى المنحى التصاعدي خلال نهاية الثلاثي الأول للسنة الجارية إلى غاية بداية السنة المقبلة. وتوقع صندوق النقد الدولي في آخر تقاريره الدورية لمراقبة الوضعية الاقتصادية العالمية ومعدلات النمو، أن سعر البرميل قد يستقر عند حدود 73 دولارا للبرميل مع حلول سنة 2016. في حين نشرت وكالة رويتز للأنباء نقلا عن تحليلات وتوقعات للخبراء الاقتصاديين عن تعافي أسعار الذهب الأسود خلال المرحلة المقبلة واستقراره عند حدود 90 دولارا للبرميل. فيما ناقضت هذه الأخيرة توقعات الوكالة العالمية للطاقة التي تقول إنه سيستقر عند حدود 65 إلى 70 دولارا للبرميل خلال الفترة بين مارس وجوان المقبلين. ويقول الخبراء في هذا الاطار إن هذه التوقعات التي تصدرها المؤسسات المالية العالمية مبنية أساسا على تعويل كبار منتجي النفط الخليجيين على عنصر الزمن الكفيل بأن يفقد منتجى النفط الصخري في الولاياتالمتحدة الشيء الوحيد الذي يقيهم من انهيار الأسعار، وهو مراكز التحوط التي وقع معها هؤلاء عقود تأمين تمتد بين 6 أشهر إلى سنة تقوم خلالها بتعويض خسائرهم، خاصة وأن الشركات الأمريكية قامت ببيع إنتاجها بحوالي 89.59 دولار للبرميل حتى نهاية ديسمبر الماضي عبر هذه المراكز، وحققت ربحا قدره 13 مليون دولار لتعزيز السيولة، لكنها أوضحت أنها ستتوقف عن الإنتاج لحين تحسن الأسعار. في سياق متصل، قال الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول إن هذه التوقعات تبقى مجرد حبر على ورق، وأضاف أنه يستحيل حاليا التنبؤ بأسعار النفط للأشهر القبلة، طالما لايزال العالم يترقب نمو الاقتصادات الناشئة، فأسعار النفط مرتبطة أساسا بنسب النمو للدول النامية على غرار الصينوالهند والأرجنتين، حيث سجلت الأولى نسبة لم تتجاوز 7 بالمائة وهي أكبر المستفيدين من انخفاض أسعار النفط، حيث أوصلت صادراتها منذ شهر جوان الماضي إلى 50 مليار دولار. فيما حققت كل من الهند والارجنتين 0.1 بالمائة من النمو فقط، في وقت تعمل فيه أوروبا على مشاريع الاقتصاد في الطاقة وهو ما سيقلص الطلب على النفط في العالم إلى أدنى مستوياته، حسب الخبير الذي أضاف في اتصال هاتفي مع "البلاد"، أمس، أن الشركات الأمريكية المنتجة للغاز الصخري يمكن أن تصمد عند أسعار تتراوح بين 75 و80 دولارا للبرميل بالنسبة للشركات الصغيرة وبين 65 إلى 75 دولارا بالنسبة للشركات الكبرى، في وقت لايزال العامل الجيوستراتيجي يمثل المتحكم الأكبر في أسعار النفط، حيث قال إن مصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال الفترة المقبلة تحتم عليها تخفيض أسعار النفط والإبقاء عليها بمساعدة شركائها من كبار منتجي الأوبك على غرار السعودية والكويت عند مستويات 50 إلى 60 دولارا للبرميل لمدة ثلاث سنوات على الأقل، وهي المدة التي ستستنفذ فيها احتياطات الصرف الأجنبية الروسية، ما سيضعها في ضائقة مالية، حسب المتحدث. أما عن الاقتصاد الجزائري، قال عبد الرحمان مبتول إن الوضعية الحالية شبه سوداوية بالنسبة له، حيث قال في السياق إن استقرار الأسعار عند 60 إلى 70 دولارا للبرميل خلال الفترة المقبلة سيهدد صندوق ضبط الايرادات بالإفلاس خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذي سيجبر الجزائر على اللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي مع حلول سنة 2020 في حال عدم إيجاد حلول سريعة لتعويض الخسائر وتفادي انهيار الاقتصاد الوطني المبني أساسا على مداخيل المحروقات، حيث قال في السياق إن الحكومة تبنت مشروعا تم تقديمه بهذا الخصوص من قبل الخبراء الاقتصاديين سيتم تجسيده في أقرب الآجال.