تحول النقاش داخل قبة البرلمان بشأن تسوية ميزانية 2012 إلى دعوة لتسوية احتجاجات الغاز الصخري التي وجهت فيها أصابع الاتهام للحكومة، التي حملها النواب مسؤولية القرار الذي أحدث انتفاضة في الجنوب. فيما شدد النواب على ضرورة منح البرلمان صلاحيات من أجل فرض رقابة ومحاسبة على الوزراء والمسؤولين الذين يثبت وفق تقارير مجلس المحاسبة تورطهم في تجاوزات في إنفاق المال العام. وخرج بعض نواب جبهة التحرير الوطني خلال مناقشة تسوية ميزانية 2012 بالغرفة السفلى للبرلمان، أمس، من عباءة المداخلات المثمنة والمؤيدة للحكومة في خرجات غير معهودة من نواب الأغلبية، حيث انتقد النائب محمد جميعي غياب تخطيط ورؤية استشرافية للحكومة بشأن مخطاطتها، الأمر الذي يفسر من خلال ارتباكها في معالجة ملف الغاز الصخري، داعيا الحكومة إلى ضرورة اعتماد تخطيط بعيد المدى لمواجهة الأزمات على غرار تداعيات انهيار أسعار البترول. فيما شدد النائب سعداوي سليمان عن ولاية المنيعة على ضرورة منح البرلمان صلاحيات أوسع من خلال مراجعة القانون المتعلق بالهيئة التشريعية، وذلك لتوسيع رقابة الهيئة على الحكومة ومنحه صلاحيات سحب الثقة على الأقل من الوزراء الذين سجلت تجاوزات في قطاعاتهم، حسب تقارير مجلس المحاسبة، وهو الطرح نفسه الذي تضمنته مداخلة النائبة خربوش نورة عن تكتل الجزائر الخضراء، حيث انتقدت "تقزيم" حجم البرلمان في ممارسة دوره الرقابي وجعله غرفة للتصويت بعيدا عن التفاعلات السياسية، والتطورات التي تعرفها الساحة. كما شكل تغييب الحكومة العمل بتوصيات مجلس المحاسبة وتقارير لجنة المالية التي تدرس الميزانية، حفيظة العديد من النواب الذين اعتبروا هذه المناقشة أشبه "بخضرة فوق طعام"، أي أن الحكومة ماضية في تجاوز كل التجاوزات والخروقات المسجلة دون فتح تحقيقات أو محاسبة المسؤولين عن التلاعب بالمال العام، حيث انتقد العديد من النواب مواصلة العمل في تسوية الميزانية بقانون ن-3، ما يعني أن مراجعة النقائص والسلبيات يكون إجراء بعديا إثر المصادقة على قانون المالية الجديد. واتهم بن خلاف ما سماه "قرصنة عسكرة عمل المجلس من قبل قيادة جبهة التحرير الوطني المسيطرة على الأغلبية" لتعطيل عمل المجلس الذي غاب بسبب ذلك عن لعب دوره الحقيقي. ملاحظات وتدخلات النواب لم تخرج عن هذا الإطار الذي عرفته تسوية ميزانية 2011، حيث إن أغلب الملاحظات المسجلة هي نفسها وكذلك بالنسبة لتوصيات لجنة المالية، حيث وقفت اللجنة على تأخر في استكمال مشاريع الإنجازات، وتسيير حسابات التخصيص، وكذا موضوع المناصب الشاغرة التي بلغت 143 ألف منصب شاغر في مختلف القطاعات الوزارية، إلى جانب عدم التحكم في تسيير الميزانيات، واستهلاك الاعتمادات المالية. هذا وشكل الغاز الصخري حصة الأسد في نقاشات النواب الذين طالبوا بتسوية الإحتجاجات والانتفاضة ضد هذا القرار بدل تسوية ميزانية 2012. كما حذر نواب من ارتباك الحكومة بشأن ملف الغاز الصخري، لا سيما في ظل تمسك المحتجين برفض استغلاله، وتعنت الحكومة بعدم إلغاء القرار الذي أرجعته بعض المصادر النيابية إلى وجود اتفاقيات مع دول أجنبية على غرار فرنسا والولايات المتحدة ولا يمكن التراجع عن هذه الإتفاقيات أو إلغاء القرار، مما سيضع الحكومة على المحك. وقدم وزير المالية محمد جلاب تفاصيل حسابية عن القانون التكميلي، وصرف الميزانية، وكذا تفاصيل التحصيل الجبائي الذي بقى يفتقد إلى آليات كفيلة بالتحصيل الجبائي، وكذا تطبيق إجراءات الرقابة الجبائية أكثر. من جهتها انتقدت النائبة عن التجمع الوطني الديمقراطي، فوزية بن سحنون، التأخر المسجل من طرف الحكومة في عرض تقرير تسوية الميزانية، قائلة "كان من المفروض أن نناقش هذه الوثيقة عند بداية السنة الجارية"، قبل أن تضيف "آراء النواب لا تؤخد بعين الاعتبار من طرف التنظيم"، في إشارة إلى أن التأخر يُثبت تجاهل الحكومة للسلطة التشريعية.