بعد سنوات من التجاهل، ظهرت أخيرا بوادر بأن الجزائر ستتجه في قادم الأيام إلى تعزيز تواجدها في الأسواق الإفريقية، خاصة أن الحاجة اليوم ملحة لتنويع الاقتصاد الوطني وفتح المجال أمام المؤسسات الوطنية للاستثمار خارج الحدود. وعلمت "البلاد" من مصادر مطلعة، أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قد أوعز إلى وزرائه خوض جولات إلى عمق القارة السوداء للبحث عن نفس جديد للمؤسسات الوطنية، حيث أسندت هذه المهمة إلى وزير الخارجية رمطان لعمامرة ووزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، بالإضافة إلى وزير الطاقة يوسف يوسفي، حيث سيقود هؤلاء زيارات قادمة إلى عدد من الدول الإفريقية للبحث عن فرص عمل لشركات وطنية، على غرار سونلغاز، سوناطراك والشركة الوطنية للسيارات الصناعية، وكانت حكومة سلال قد عبرت في أكثر من مرة عن رغبتها في الخروج من تبعية المحروقات نحو تنويع مصادر دخل الخزينة العمومية وآخرها كان الظهور التلفزيوني للوزير الأول على القناة العمومية، إذ عبر صراحة عن برنامج طموح لتوسع جنوبا نحو أسواق إفريقيا. من جهة أخرى، تبدو الدعوات المتتابعة لرؤساء الأفارقة لزيارة الجزائر كاستعراض للخبرات ومهارات الشركات الجزائرية استباقا للمشاركة في مناقصات بهذه الدول، حيث زار الرئيس النيجيري محمادو إيسوفوا مركب الشركة الوطنية للسيارات الصناعية بالمنطقة الصناعية للرويبة، فيما تضمنت أجندة الرئيس السنغالي ماكي سال زيارة لمركب تمييع الغاز الطبيعي في ارزيو بولاية وهران، وتركزت جهود الجزائر منذ مدة طويلة على ولوج الأسواق الأوروبية عبر اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي وتعزيز مسعى الجزائر للانضمام لمنظمة التجارة العالمية، غير أنها أهملت وراءها أكثر قارة نموا في العالم عكس الجارة الغربية التي توسعت بشكل ملحوظ في الدول الإفريقية، حيث يشكل تواجد المؤسسات المغربية في قطاعي الخدمات الفندقية والتجارة شيئا ملحوظا في أغلب دول الجزء الغربي من إفريقيا، لاسيما في موريتانيا والغابون وساحل العاج، بالإضافة لذلك تتواجد الصين ومن ورائها فرنسا بشكل قوي في كل الدول الإفريقية تقريبا والدول الناطقة بالفرنسية خصوصا وهيمنت على قطاعات مثل البناء، الهيدروليك والنقل والنفط والطاقة النووية وحتى الخدمات. وفي غضون ذلك، فقدت الجزائر أسواق دول تجمعهم بها روابط اللغة والدين والثقافة والتاريخ وفي بعض منها حدود مشتركة.