أبدت الجزائروتركيا أمس، استعدادهما لإضفاء بعد جديد على الشراكة الاستراتيجية التي تميز علاقات التعاون الاقتصادي من خلال دعوة رجال أعمال البلدين إلى استغلال فرص الاستثمار لترقية العلاقات الاقتصادية إلى مستوى العلاقات السياسية التي يعرفها البلدان منذ سنوات طويلة، في حين أكد الرئيس التركي، أن اللقاء الذي جمعه بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة كان مثمرا، حيث تم خلاله تقييم العلاقات الثنائية التي تشهد تطورا مضطردا. وفي هذا الصدد قال السيد رجب طيب أردوغان، خلال إشرافه على اختتام ملتقى الأعمال الجزائري التركي بفندق شيراتون رفقة الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، أنه استفاد من المحادثات التي أجراها مع الرئيس بوتفليقة، الذي وصفه بأنه رمز للتجربة العالمية منذ وقت طويل، مضيفا أن الجزائر حققت تطورا ملحوظا وأنها تسير في الطريق الصحيح بفضل تمتعها بالاستقرار. ورغم إقراره بالتطور الذي يشهده التعاون الثنائي بحكم أن التبادل التجاري قد وصل إلى 4.5 مليار دولار بعد أن كان قبل 12 سنة أقل من مليار دولار، قال الرئيس التركي، إن ذلك يبقى غير كاف في ظل الإمكانيات التي يتمتع بها البلدان والتي تمكنهما من بلوغ 10 ملايير دولار خلال السنوات القليلة القادمة. وركز السيد أردوغان، على قطاع الطاقة الذي يحتل الأولوية في العلاقات التجارية بين البلدين، مشيرا إلى أن الجزائر التي تحتل المرتبة الرابعة في مجال تصدير الغاز نحو تركيا، قد تم التوقيع معها على اتفاق لتمديد الغاز لعشر سنوات أخرى. كما تطرق إلى قطاع المقاولات الذي يطغى على العلاقات الاقتصادية من خلال تواجد 244 مقاولة تركية في الجزائر إلى غاية أكتوبر الماضي، بحجم استثمار يقدر ب11 مليار دولار. وإذ أعرب رئيس تركيا عن تفاؤله لتطوير المشاريع الاقتصادية في الجزائر خلال المخطط الخماسي القادم، فقد عبّر عن استعداد بلاده للاستثمار في قطاع السكن بحكم التجربة التي تمتلكها في هذا المجال، واستدل على ذلك بالنقلة النوعية التي شهدها القطاع في تركيا قبل 12 سنة مضت بإنجاز 600 ألف سكن بعد أن كان الرهان الوصول إلى 500 ألف سكن في السنة. كما أبدى في هذا الصدد سعادته لتوقيع رجال أعمال البلدين لمذكرات تفاهم تخص 400 مجال اقتصادي. وأكد السيد أردوغان، أن التقدم الذي يشهده القطاع الاقتصادي في تركيا كان بسبب المجازفة وعدم التردد في دخول المشاريع مع بقية الشركاء، مضيفا أن أنقرة تراهن على تطوير الشراكة مع الجزائر بحكم روابط الأخوة والدين والثقافة. وباعتبار بلادنا تحتل صدراة الدول الإفريقية الشريكة لأنقرة. ولم يمر خطاب الرئيس التركي، دون أن يعرج على الأوضاع السياسية والأمنية التي تشهدها بعض الدول العربية مثل فلسطين، ليبيا وسوريا، مؤكدا على ضرورة إبداء المزيد من التضامن من أجل تمكين كافة الدول للعيش بسلام. من جهته قال الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، إن البلدين أكدا إرادتهما المشتركة في تكثيف التعاون الثنائي وتنويعه لرفع حجم التبادل التجاري بينهما، مضيفا أن تنظيم هذا المنتدى الاقتصادي جاء لتجسيد هذه الإرادة. وأوضح السيد سلال، أن الشركات التركية التي سبق لها النشاط في الجزائر قد استفادت من الميزات العديدة التي تتوفر عليها الجزائر من استقرار سياسي واقتصادي مستديم، داعيا المستثمرين الأتراك للانخراط مع شركائهم الجزائريين من أجل العمل سويا وتعزيز روابط الصداقة والتعاون، والمساهمة في المشروع الجزائري للتجديد الاقتصادي والاجتماعي. وأكد الوزير الأول، أن المستوى الحالي للمبادلات التجارية بين البلدين وكذا إمكانياتهما البشرية والمادية الهائلة يبشر بآفاق واعدة للعلاقات الاقتصادية والتعاون الثنائي. كما أسهب في إبراز الإنجازات المحققة في الجزائر بفضل مباشرتها لمسعى تحويل الاقتصاد الوطني مبني على تضافر كل الطاقات الوطنية من أجل تحقيق النمو وتنويع الاقتصاد وخلق الثروة ومناصب العمل الدائمة. وإذ أبدى سعادته للقرار المتخذ خلال المحادثات التي جمعت الرئيسين بوتفليقة وأردوغان والقاضي بإعادة ترميم القصبة والقصور التي تعود للعهد العثماني بالجزائر، فقد أشار إلى أن هذه المحادثات تشكل بالنسبة للحكومتين قاعدة لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية خاصة مع انعقاد القمّة الثانية الإفريقية التركية غدا بعاصمة غينيا الاستوائية. بوشوارب يدعو المستثمرين الأتراك لمواصلة التزاماتهم من جانبه دعا وزير الصناعة والمناجم السيد عبد السلام بوشوارب، المستثمرين الأتراك إلى مواصلة التزاماتهم بالجزائر، موضحا لهم أنه لا يجب سوء تقدير أي نوع من الشراكة. مؤكدا في هذا الصدد بأن الدولة مستعدة لرفع كل العراقيل أمام الاستثمار وفي ظل تقديم المساعدات والمرافقة الضرورية. كما عبّر الوزير عن أمله في أن تواصل المؤسسات التركية التزامها بعزم وثقة في المستقبل، قائلا في هذا الصدد أن "المستقبل سيكون من نصيب المؤسسات التي قطعت شوطا خلال الفترة الحالية"، والتي "ستتقدم حتما عن غيرها". ويرى أنه "لا ينبغي تجاهل أي محطة شراكة" لأنه "يمكن لأصغر المشاريع أن تكون رمزا للإمكانيات القائمة بين الجزائروتركيا"، حاثا المتعاملين الاقتصاديين الجزائريين والأتراك على تحويل كل الفرص المتاحة إلى مشاريع، وكذا خوض تفاعل مثمر لصالح الطرفين. وبعد أن ذكر بالإصلاحات التي بادرت بها الجزائر من أجل تعزيز قاعدتها الاقتصادية، أشار الوزير إلى الجهود المبذولة من أجل بعث قطاع الصناعة من جديد في الجزائر. وتطرق في هذا السياق إلى القطاعات التي يمكن أن تكون محل شراكات بين المؤسسات الجزائرية والتركية، ذكر الحديد والصلب والميكانيك والنسيج والإلكترونيك وصناعة الكوابل والنقل والبناء. أما وزير الاقتصاد التركي، نيهات زيبكسي، فقد أكد أن البلدين يمتلكان طاقات هائلة، مشيرا إلى أن اقتصاد الجزائر متطور جدا ويحظى بمكانة رائدة في إفريقيا، مبرزا أن بلاده تراهن على إرساء شراكة استراتيجية فاعلة مع الجزائر. كما تميز منتدى الشراكة بمداخلات لرؤسات هيئات البلدين، حيث أعرب إمري أيكار، رئيس مجلس الأعمال الجزائري-التركي عن إرادة بلاده لإقامة منطقة للتبادل الحر مع الجزائر في أقرب وقت من أجل دفع العلاقات التجارية الثنائية مع الحفاظ على المصالح الاقتصادية للبلدين. مضيفا أن بلده يأمل في مضاعفة المبادلات التجارية مع الجزائر من حوالي 5 ملايير دولار حاليا إلى 10 ملايير في آفاق 2016. وأوضح قائلا "إننا نساند رجال الأعمال الأتراك في اكتشاف فرص الأعمال في الجزائر أولا في التجارة والاستثمار والبناء والأشغال العمومية والري"، مشيرا إلى أن الجزائر تعد من بين "الأسواق المستهدفة" من قبل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التركية. ومن جهتها دعت الجزائر خلال هذا المنتدى إلى إقامة شراكة اقتصادية تعود بالفائدة على الطرفين مع تركيا تتجاوز الإطار التجاري، وتعزز الاستثمارات المنتجة في البلد مع ضمان تحويل التكنولوجيا والمهارات. وأشار السيد أيكار، إلى الصعوبات التي يواجهها المتعاملون الاقتصاديون الأتراك في الجزائر منها الحصول على التأشيرة، وإلزامية دفع ضمانة بنكية من قبل المؤسسات المكتتبة في الصفقات العمومية الخاصة بالبناء. يذكر أن هدف منتدى الأعمال الجزائري - التركي الذي يتمثل في تعزيز الشراكة بين مؤسسات البلدين خارج قطاع المحروقات، قد شاركت فيه العديد من المؤسسات الجزائرية وحوالي 100 رجل أعمال تركي. وتأمل الجزائر في أن يتوصل هذا اللقاء إلى شراكات صناعية تقوم على التحويل التكنولوجي ومن شأنه تعزيز القطاع الصناعي والمساهمة في دعم الصادرات خارج المحروقات. وتشير أرقام الجمارك الجزائرية إلى أن تركيا كانت سابع ممون للجزائر في سنة 2013، مع تسجيل 07ر2 مليار دولار من الواردات الجزائرية وتاسع زبون لها بصادرات جزائرية بلغت 6ر2 مليار دولار.